ناقصات
كان جدي يتابع أغنية فوق غصنك يا لامونا حين نقلت له قول مدرّستنا المنقبة بأن النساء ناقصات عقل و دين.
غضب جدي كثيرا.. أغلق المسجلة، أخذ بتلابيب ثوبي، ألصقني بالحائط.. كلّ ذلك وهو يردد:
ــ اخرس يا ولد!
ـــ ...!!؟؟
حدق بي وهو يقول لاهثا:
ــ لا يمكن لنبي كان يستشير زوجاته في جليل الأمور وصغيرها، أن يتلفظ بهذا القول!
أرسلني جدي، استغفر الله طويلا ثم أجلسني بجانبه.
أمسك إذني برفق ثم قال لي ولمّا يزل يرتجف من أثر الغضب:
ــ و يحك يا صبيّ السّوء!
ثم وهو يوجّه لي نطحة خفيفة:
ــ أتعتقد جادّا أن يستهين صاحب الخلق العظيم بجنس أمّه آمنة بنت وهب.
ـــ ...!
ـــ و قد حملته كرها و وضعته كرها؟
ـــ ...!
ـــ أو تعتقد جادا أن يستهين المصطفى بعقل ودين الخنساء العظيمة أمّ الشهداء
ـــ ..!
ـــ وقد كان يستنشدها شعرها و يستحليه، ثم يستزيد منه؟
ـــ ...
ـــ أو هل تظن يا لكع، أن يحطّ خاتم النبيين من جنس زوجه خديجة بنت خويلد.
ـــ ...!
ـــ وقد لجأ الى عقلها الكبير ليعلم منها أشيطانا رجيما أوحى إليه بما أوحى أم ملكا كريما؟
ـــ ..!.
ـــ أو تعتقد حقا يا فويسق، أن يهوّن نبينا العظيم من عقل و دين زوجه الصدّيقة عائشة بنت الصدّيق
ـــ...!
ـــ وقد قال عنها خذوا عن هذه الحميراء نصف دينكم!
ــــ ....!
ـــ أم لعل السفاهة قد بلغت بك حدّ الإعتقاد بأن محمدا كان يزدري دين الفدائية الأولى أسماء بنت أبي بكر
ـــ...!
ــ و هي التي صنعت من ثوبها كيسين لحمل الزاد إليه و الى الصديق أبيها و إمدادهما بآخر الأخبار حين اختبآ يوم الهجرة في الغار؟
ــ ...!!
ـــ أم لعلك يا خباث، قد ظننت أنه كان و هو يصم المرأة بنقصان العقل و الدين يستهين بدين أم عمارة.
ـــ ...!
ـــ المرأة الشجاعة التي حمت جسده الشريف بجسدها وهي تفترى بخنجرها كل من تقدّم نحوه من صناديد قريش يوم أحد حين انفضّ عنه فحول الرجال؟
ـــ...!
ـــ أم لعلك تعتقد يا غلام السوء ان الله تعالى كان ظالما للمرأة؟
ـــ...!؟
ــ بل و بلغ به الظلم صنعه بها صنع من ألقي به في النيل ثم قيل له إياك إياك أن تبتل بالماء؟
سألت جدي الذي استرجع بعض هدوئه:
ـــ كيف ذلك؟
تنحنح جدّي ثلاثا ثم واصل:
ـــ ألم تكن العدالة الإلهية تقتضي من الخالق ـ ان كان حقا قد خلق المرأة ناقصة عقل و دين أن يراعي لدى الحساب نقصان عقلها و دينها فيعفيها من العقاب، لا أن يجعل من جنسها معظم أهل النار كما تدعى السلفية الغبية في أصح "مروياتها النبوية"؟
ضحك جدي طويلا ثم أضاف:
ــ قل لمعلمتك الطّغام لا تحديثنا بعد اليوم عن نفسك يا ناقصة عقل و دين ... و لجام!
ــ ...
ــ قل لها" أن كنت تعتقدين حقا بان المرأة ناقصة عقل و دين فتلك مسألة شخصية!
ضحكت بدوري حين تفطنت الى ما أراد جدي .. ذات مرة روي لي طرفة تقول
قال التلميذ لأستاذه : اخبرني ابي إننا ننحدر من القرود
أجاب الأستاذ : اذا كان والدك يعتقد ذلك فتلك مسألة عائلية تخصكم!
وصلني صوت جدي حانقا:
ـــ قل لها ايضا :لا يحق لك بعد اليوم الإستدلال بالخاص عن العام، و بالذاتيّ عن الموضوعي!
ــــ ...
ـــ قل لها ايضا و إن كنت تعتقدين بان الدائرة أوسع من ذلك، فسيبقي نقصان العقل و الدين حكرا على أمثالك من الجاهلات اللّواتي شوهن الإسلام شكلا و مضمونا..
ثم وهو يشير الى المسجلة:
ــ قد والله فلقتموناااااا..أعد إليّ فوق غصنك يا لاموناااااا!
أوسلو 17 أكتوبر 2010
التعليقات (0)