بقلم:محمد أبو علان:
http://blog.amin.org/yafa1948
" الخبر الفلسطيني مستباح في الإعلام الإسرائيلي، ولو كانت القضية متعلقة بمسئول إسرائيلي لن تبث"، هذا أول ما علق به الإعلامي الفلسطيني "ناصر اللحام" على نشر القناة العاشرة الإسرائيلية تقريراً لمسئول القسم العربي فيها الصحفي "تسفي يحزقيلي" حول ملفات لضابط المخابرات السابق "فهمي شبانه" والتي تتحدث عن قضايا فساد مالي وأخلاقي في السلطة الوطنية الفلسطينية، جاء حديثه في برنامج "على المكشوف" والذي بثه التلفزيون الفلسطيني مساء الجمعة.
من يتابع الإعلام الإسرائيلي لا يحتاج لجهد وعناء ليكتشف بأن هذا الإعلام بمختلف قنواته لا يتمتع حتى بالحد الأدنى من الحرية والمهنية الإعلامية، بل يتعامل بسياسية إعلامية يسعى لخدمة المستوى السياسي والأمني الإسرائيلي بالدرجة الأولى في القضايا المتعلقة بالشعب الفلسطيني بشكل خاص والعربي بشكل عام، وفي الحروب التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي لا يمكنك التفريق بين الصحفيين الإسرائيليين وبين الناطقين الرسميين باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي عند نقلهم الأخبار المتعلقة بالحرب والعمليات العسكرية.
لكن رأي الإعلامي الفلسطيني "ناصر اللحام" بالقناة العاشرة الإسرائيلية في العام 2010 بعد نشرها الوثائق والأفلام التي كانت بحوزة المحامي "فهمي شبانه" اختلف كثيراً عن رأيه بالقناة في العام 2006 إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان، فأين التغير يا ترى، أهو في القناة العاشرة، أم في وجهة نظر الصحفي ناصر اللحام تجاه القناة العاشرة الإسرائيلية؟.
ففي معرض تحليل اللحام لمواقف الإعلام الإسرائيلي إبان تلك الحرب في مقالة حملت عنوان "التلفزيون الإسرائيلي والمذيعات الحسناوات وضباط الإعلام الحربي) قال:"القناة العاشرة, حققت نجاحا منقطع النظير عند المتابعين العرب, وحتى عند قناة المنار نفسها, والفضل في ذلك يعود لرئيس القسم العربي فيها تسفي يحزكيلي وللصحافيين القديرين يارون لندن وموتي كيرشنبام, فهما ظلا يدافعا عن اسرائيليتهما لكنهما لم يفقدا إنسانيتهما وسمعتهما, فكانت مداخلاتهما وأسئلتهما من ابرز واهم معالم القناة العاشرة, واعتقد بان القناة العاشرة قد رفعت من أسهما كثيرا وسط الجمهور لدرجة ستصل إلى أعلى من 20% بفضل هذا الأداء وبفضل قوة القسم العربي وجرأة ورشاقة مراسلاتها الميدانيات".
تسفي يحزقيلي الذي حافظ على إنسانيته وسمعته في العام 2006 وفق وجهة نظر اللحام هو نفسه الذي انفرد وقبل نشر وثائق المحامي فهمي شبانه، فالإنسانية والسمعة المهنية يفترض أن يكونا لهما مفهوم واحد لدى كل إعلامي مهني بغض النظر عن الظرف السياسي أو شخوص القضية إن كانت هذه الإنسانية حقيقية، ولكن إنسانية تسفي يحزكيلي ويارون لندن وموتي كيرشنبام التي أشاد فيها اللحام في العام 2006 ما هي إلا الإنسانية القائمة على أسس عنصرية مطلقة وليست على أسس مهنية وإعلامية حقيقية، وإلا لكان تسفي يحزقيلي قد تعامل مع ملفات شبانه بنفس المنطق والمنهج الإعلامي الذي يتعامل فيه مع قضية إسرائيلية لها ذات المحتوى والمضمون.
ولم تكن الإشادة بإنسانية بعض الصحفيين الإسرائيليين في العام 2006 الموقف الوحيد الذي عبر فيه ناصر اللحام عن إعجابه ولو بجزء من الصحافة الإسرائيلية على الأقل، ففي مهرجان القاهرة للإعلام العربي تحدث اللحام عن الإعلام الإسرائيلي كإعلام موجه لصالح المستويين العسكري والسياسي، ولكنه في الوقت نفسه عاد ليعطي جزء من هذا الإعلام الصبغة المهنية عبر قوله " ان إسرائيل بها 1000 صحفى 50 منهم مهمون، و10 من هؤلاء الخمسين يصيغون الرأي العام ونعرفهم بالاسم وهم مشاكسون حتى مع المسئولين الإسرائيليين".
مشاكسة المسئولين الإسرائيليين لا توضع في ميزان حسنات هؤلاء الصحفيين العشرة المشاكسين كونها لا تكون صفة دائمة لهم وليست على أسس مهنية، بل هي مشاكسة انتقائية في قضايا داخلية فقط سرعان ما تختفي عندما يتعلق الأمر بما هو يهودي لتصبح هذه المشاكسة ولاء مطلق من هؤلاء الصحفيين الإسرائيليين ليهوديتهم وللمؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية على حساب مهنيتهم.
لهذا لا يجوز لنا نحن الفلسطينيين التعامل بانتقائية مع وسائل الإعلام الإسرائيلية والصحفيين الإسرائيليين وخاصة من شخصية إعلامية مثل الصحفي ناصر اللحام تعتبر من المرجعيات الإعلامية الفلسطينية والعربية في هذا المجال.
الصحفيين الإسرائيليين الذين يمكن وصفهم بالمهنيين والموضوعيين لا يجدون لهم مساحة للحديث لا عبر القناة العاشرة ولا غيرها من القنوات الإسرائيلية، وإلا لماذا لا نشاهد على هذه القنوات صحفيين أمثال "جدعون ليفي" أو "عميرة هس" إلا ما ندر، وإن قدر لهم الظهور على هذه القنوات يكون مقابلهم ثلة من غلاة اليمين الإسرائيلي من صحفيين وسياسيين كما هو الحال في البرنامج الأسبوعي "مجلس الحكماء" الذي يبث على القناة الثانية مساء كل يوم سبت.
فالقناة العاشرة الإسرائيلية لا فرق بينها وبين القناة الثانية، وتسفي يحزقيلي وكرشنباوم لا فرق بينهم وبين دان مرغليت ويونيت ليفي، فكلهم يهوديتهم قبل مهنيتهم، وتصبح حرية الرأي والتعبير، والإعلام المهني خاصيتهم عندما يتعلق الأمر بغير مصالح الدولة العبرية ومصالحها الأمنية.
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)