(حبيبك يلحس لك الزلط وعدوك يقعد لك عالغلط) مثل يوضح نفسه ونلمسه في كثير من حياتنا الاجتماعية والعملية، فمن لا يخطيء. لكن تتفاوت الأخطاء، فمن القتل الخطأ إلى الأخطاء التي تحدث في الصلاة وتُمحى بسجود السهو. والقتل الخطأ يختلف عن العمد وعقوبتهما مختلفة، لذا تصدر الأحكام تصاعدية أشدها للعمد وترفق بعبارة مع الإصرار والتعمد، أما الخطأ فلا تشملها هذه العبارة.. هذه طبيعة الحياة التي راعاها المشرع من فوق سبع سماوات. لكن الويل لك إذا ساقك القدر أمام خصم هو المشرع والقاضي ومنفذ الحكم سواء في شركة أو هيئة أو حارة فغالباً بل وفي كل الأحوال يحكم لنفسه لأنه طالما استحوذ على كل الصلاحيات فسيتمنى لك وللجميع الغلط لكي يظهر قوته ويستفرد بعضلاته. بعد أن يكون قد جرد نفسه من أبسط مبادئ حسن الظن التي تبنى عليها الحياة، كمبدأ «إنما الأعمال بالنيات» ومبدأ «لا ضرر ولا ضرار» أو مبدأ «لا تزر وازرة وزر أخرى»!. فيجردك من ابسط حقوقك متناسيا انه لا يجوز لأي إنسان أو جهة ان تأخذ حقها بيدها وبالعافية بعد ان حرمك من حق الدفاع الشرعي المتعارف عليه والمعمول به حتى في الانظمة الوضعية، فأي قانون أو نظام يعطي لطرف كل شيء والآخر لا شيء هو قانون ظالم، فهل يستوي الأمر مع مبادئ الإسلام. ورب العالمين يقول في الحديث القدسي (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا). ولنا في تصرفات رسول الله عبر وأحكام عندما تجاوز عمن حضرت إليه معترفة بالزنا ثلاث مرات وهو من الكبائر، لكنه صلى الله عليه وسلم أمام إصرارها بالشهادة على نفسها أربع مرات أقام عليها الحد. كذلك غضبه صلى الله عليه وسلم عندما قتل أحد الصحابة ألد أعداء المسلمين بعدما نطق بالشهادة في أرض القتال فقال له رسول الله (تنفيذاً لمبدأ إنما الأعمال بالنيات) أشققت عن قلبه لتعرف نيته.
هنا كان رسول الله يتحدث عن حقوق الإنسان في الإسلام وعدم تجاوزها وهو الذي يملك الحق بتشديد العقوبة برجم الزانية أو لمن أسلم مخافة القتل في ميدان المعركة، وقانا الله وإياكم شر من لا يرحم ومن لا يرحم لا يُرحم، ومن أشقى مؤمنا وأفسد عليه حياته في الدنيا أشقاه الله في الآخرة.
التعليقات (0)