مواضيع اليوم

نادي مكافحة الإرهاب بالساحل الإفريقي وتحديات الصراع الإقليمي بالمنطقة

شريف هزاع

2010-11-03 00:51:27

0


عبـد الفتـاح الفاتحـي
اجتمع رؤساء أركان البلدان الأعضاء في لجنة الأركان العملياتية المشتركة بتمنراست، الاجتماع الذي تميز لأول مرة بالدعوة إلى توسيع الدول المنظمة لـ"نادي" محاربة تنظيم القاعدة في الساحل الإفريقي، حيث طالب الرئيس المالي "مامادو توري" بالترخيص لدول أخرى بمتابعة العناصر الإرهابية فوق ترابه حين قال: "نحن نوافق على أن تأتي دول الجوار عندنا، إذا كان بإمكاننا الذهاب عندها" مع إمكانية وجود دور تلعبه فرنسا في المنطقة للمواكبة والدعم على المستوى المادي.

إلا أن هذا الطلب التي عبرت عنه إلى جانب مالي كل من موريتانيا والنيجر، لقي معارضة شديدة من قبل الجزائر، بحسب ما أكده مصدر من مالي مشارك في اجتماع رؤساء أجهزة استخبارات، حينما أكد بأن "الجزائر تحفظت على مطالب انضمام كل من المغرب وليبيا والتشاد لكتلة دول الساحل، التي تعمل على مكافحة القاعدة في منطقة الساحل".

وفي نفس السياق جاء طلب الرئيس الموريتاني والرئيس النيجري إلا أن الجزائر وكعادتها رفضت فكرة انضمام كل من المغرب وليبيا والتشاد، اعتبرها المراقبون أنها لا تخلو من أسباب التنافس على قيادة المنطقة في إطار الصراع الإقليمي المشتدة بينها وبين المغرب وليبيا من جهة ثانية.

وإذا كانت الجزائر قد فوتت الفرصة على انضمام هذه الدول لحلف دول محاربة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، لكنها بالمقابل فشلت في انعدام فعالية هذا الحلف التي عملت الجزائر على تفعيل آليتها منذ سنتين خلت، كما أنه لا يمكن ضمان فعاليته لغياب المشروعية السياسية والقدرة التقنية والعسكرية في وقت تصر الجزائر رفض أي تدخل أجنبي ولو على سبيل تقديم الدعم التقني والاستخبارتي.

كما توقع عدد من المهتمين بالتطورات في الساحل الإفريقي فشل تنسيقية هذا النادي لغياب دول مؤثرة في المنطقة كالمغرب وليبيا والتشاد. ومعلوم أن جدوى انضمام هذه الدول لنادي محاربة تنظيم القاعدة في الساحل الإفريقي برزت من خلال تشبث مالي وموريتانيا والنيجر بانضمام هذه الدول إلى "النادي".

ترجع مختلف التحليلات إلى أن الرفض الجزائري لانضمام المغرب وليبيا والتشاد إلى النادي لا يجد له مبرر غير نية الجزائر في التحكم بقوة عسكرية إقليميا لدول ضعيفة عسكرية واقتصاديا وتقنيا، ولا قدرة لها في حماية وتحصين حدودها من تواجد تنظيم القاعدة. وقد جاء توصيفات هذا الواقع على لسان الرئيس المالي والنيجري، حينما أعلنوا استعدادهم السماح لقوات عسكرية أجنبية الدخول إلى أراضيهما لمطاردة مقاتلي تنظيم القاعدة.

بوادر فشل المسعى الجزائري برز كذلك من خلال تحميل مالي وموريتانيا للجزائر مسؤولية ما يحدث في منطقة الساحل، أو على الأقل "لومها" على عدم التعاون بما فيه الكفاية، حيث قال الرئيس المالي مامادو توماني توري "أتأسف لنقص التعاون الإقليمي فيما تعلق بمكافحة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، معتبرا أن "قوة الإرهابيين الحاليين‭ ليست‭ بمستوى‭ يفوق‭ إمكاناتنا،‭ لذلك‭ يجب وضع‭ مخطط‭ إقليمي‮".‬

ولم يفت الرئيس المالي أن ذكر في حوار نشرته صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية بالأزمة الدبلوماسية التي عاشتها بلاده مع الجزائر وموريتانيا، حين قال إن بلاده "تدفع الثمن، فقد استدعت موريتانيا والجزائر سفيريهما" بعد إفراج مالي عن أربعة مطلوبين للعدالة الجزائرية والموريتانية كانوا معتقلين لدى بلاده مقابل‭ الإفراج‭ عن‭ الفرنسي‭" بيار‭ كامات"،‭ ما‭ أثار‭ غضب‭ الجزائر‭ وموريتانيا.

وقال مامادو توري "بلادي رهينة وضحية" ذلك أن شمال مالي، حيث يحتجز الرهائن 5 فرنسيين وإفريقيين "هو أيضا جنوب للجزائر وشرق لموريتانيا وغرب للنيجر".

وسبق للمغرب أن انتقد عدم استدعائه في اجتماعات قادة دول الساحل والمسؤولين الأمنيين لهاته الدول في اجتماعات عقدت بالجزائر لبحث التصدي للإرهاب في المنطقة ومحاربة الجريمة، وكان رد الجزائر واضحا لما أكد الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الإفريقية والمغاربية، في اجتماع نظم شهر مارس بالعاصمة، أنه جغرافيا فإن المغرب لا ينتمي لمنطقة الساحل.

وقد لا يتوقع أن تقبل الجزائر بقبول المغرب وليبيا على خلفية الأزمة الدبلوماسية للجزائر مع ليبيا بسبب تحفظها على المساعدات التي يقدمها القذافي للطوارق، وبعدما أعلن العقيد معمر القذافي أمام قبائل الطوارق في كيدال شمالي مالي، أثناء زيارته إليها أن انزعاج الجزائر من تعيين قنصل ليبي في كيدال ليس سوى خوف من امتداد بلاده في المنطقة.

وأضاف "أؤكد لكم أن عملكم هذا يستحق المكافأة، وسنقدم بقدر جهدنا البرامج التي تخدمكم في شمال مالي وتؤدي إلى الاستقرار وحتى في باماكو أو أي مكان، ... كنا قد عينا موسى قنصلا في كيدال، وتضايق إخواننا الجزائريون من وجود قنصلية ليبية في كيدال، فقلنا لهم لم تتضايقوا؟ فقالوا والله إن وجودك قريب من حدود الجزائر هو تطويق للجزائر".

ولاستمرار الصراع التاريخي بين الجزائر والمغرب، خاصة بعد تشنج العلاقات الجزائرية المغربية بسبب دعم الجزائر لميليشيات البوليساريو في اعتقال مدير شرطة البوليساريو مصطفى سلمى.

يتوقع الملاحظون أن اجتماع رؤساء أجهزة استخبارات الجزائر وموريتانيا والنيجر ومالي واتفاقهم على إنشاء مركز مشترك للمعلومات بهدف التصدي لتزايد الأنشطة الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، يعد تراجعا عن طموحات سابقة تم الإعلان عنها سابقا منها تشكيل قوة عسكرية مشتركة بين هذه الدول إضافة إلى التشاد وبوركينافاصو قبل أن تقرر هذه الدول الانسحاب منه لأسباب قيل عنها محاولة الجزائر توظيف النادي في صراعها الإقليم في النزاع حول الصحراء مع المغرب.

واعتبر خبراء مغاربيون أن إصرار الجزائر على إقصاء المغرب وليبيا يترجم بقوة رغبتها للتحكم في قوة عسكرية في الساحل الإفريقي ليس لمحاربة الإرهاب فقط، وإنما لتوظيفها ورقة تفاوض بها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وأداة فعالة لربح أوراق هامة في صراعها الإقليمي المحتدم مع المغرب لقيادة دول الاتحاد المغاربي، وهو ما يجعلها تعارض فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالمنطقة.

وأمام إصرار عدد من دول الساحل الإفريقي على إشراك المغرب وليبيا والتشاد في نادي محاربة الإرهاب لدواعي موضوعية وتقنية وسياسية، فإن الجزائر لا تنفك تعترض وبشدة على ذلك لأنها ترى في هذه الدول الخصوم الذين قد يفسدون عليها طموحاتها في قيادة قوة عسكرية إقليمية.

وتفيد معلومات عسكرية واستخباراتية أن الطموحات الجزائرية سبق وأن عُبِّرَ عنها رسميا منها رغبة الجزائر في ضم دول الجوار الثلاثة مالي وموريتانيا والنيجر للبرنامج العسكري الذي بدأ قبل 3 سنوات، والمتضمن تكوين قوات برية وجوية وتجهيزها للعمل في الصحراء. وتتدرب وحدات برية وقوات جوية جزائرية منذ عام 2007 في إقليم ولايتي تمنراست وأدرار على ظروف المعركة في الصحراء بعد أن انشغلت بعمليات مكافحة الإرهاب التي يجري أكثر من 70 بالمائة منها في معاقل الإرهاب بالشمال.

هذا في وقت يؤكد فيه خبراء عسكريون أن إمكانيات هذه الدول وبما فيهم الجزائر غير قادرة من الناحية الاستخباراتية والقتالية على مواجهة مقاتلي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ذلك أن جيوش دول الساحل فقيرة وتعاني ضعفا في قواتها الجوية أو انعدامها تقريبا كما هو الحال في مالي والنيجر، كما تعاني نقصا في التعداد الكافي لتغطية الحدود، وضعف وسائل الاتصال والنقل، وانعدام حوافز للجنود النظامية لضعف الرواتب التي يتقاضونها في هذه الدول...

تحديات تقنية رئيسة يضاف إليها قدرة التنظيم على إفشال الخطط العسكرية لدول الساحل الإفريقي بالنظر إلى أهمية التعاون الذي يميز الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية والمهربين لبعضهم البعض.

محـلل سياسـي
elfathifattah@yahoo.fr




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات