جاء التصدي الاسرائيلي لمحاولة كسر الحصار على غزة بالطريقة التي شهدها العالم صبيحة يوم 31 ماي 2010 في المياه الدولية للبحر الأبيض المتوسط، جاء ليثبت مرة أخرى حجم الخلل في موازين العلاقات الدولية بمباركة من القوى العظمى و بصمت رسمي عربي أصبح معتادا عند الجميع.
اسرائيل تدرك جيدا أن الساحة خالية تماما، وهي تفعل كل شيء عن سبق اصرار وترصد، ولا يوجد ما تخشاه أو تحسب له حسابا. وهؤلاء العرب الذين اختاروا أن تكون القضية الفلسطينية أولوية في كل أوطانهم، وجعلوا الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين صراعا عربيا اسرائيليا، يحسنون دائما صياغة بيانات التنديد والاستنكار التي تجعلهم منتصرين في معركتهم المصيرية. ويبدو أن ساسة اسرائيل معجبون بفصاحة البيانات العربية، لذلك يفرضون في كل مرة أسبابا وجيهة لتلاوة عبارات التنديد الجاهزة. وأصبح الشجب والاستنكار عرفا عربيا بامتياز يتناغم مع السياسات الغربية التي يقلقها الطيش الاسرائيلي بين الفينة والأخرى، فتبادر بدورها الى اصدار بيانات التنديد، وذلك كل ما يريده العرب من العالم الحر... غير أن سيد هذا العالم " العم سام " لا يجد أي حرج في فرض لغة تنديد محددة، فحتى الصراخ يجب أن يكون لطيفا لئلا يزعج الرأي العام الدولي، فينتبه الى مصدر هذا الصراخ ويتساءل عن الأسباب. وفي كل مرة تبدع العبقرية العسكرية الاسرائيلية في القتل والتنكيل بالأبرياء تبادر الولايات المتحدة الأمريكية الى تلطيف الأجواء. وهكذا تمر العواصف بردا وسلاما على اسرائيل.
و في ظل كل التجاوزات الاسرائيلية، يضع العرب أياديهم على قلوبهم مخافة أن تبادر الولايات المتحدة الأمريكية الى استصدار قرار من مجلس الأمن يجرم التنديد بالجرائم الاسرائيلية، ويفرض بموجبه حصار على كل دولة تستنكر التصرفات الصهيونية. واذا حدث ذلك سيفقد العرب آخر خطوط الدفاع المتاحة لهم في ظل مسعاهم نحو السلام، وسيلوذون بالصمت ( وهو حكمة في أعرافهم )، و ستظل أعناق الملايين من المغلوب على أمرهم مشدودة الى أفق بعيد لعله ينجب منقذا ضائعا وسط آلام وآهات المخاض. الى ذلك الحين، وفي انتظار " غودو " الذي قد يأتي أو لا يأتي. (وهو على الأرجح لن يأتي)، تقبلوا فائق الأسف الأمريكي على الازعاج. محمد مغوتي. 01/06/2010.
التعليقات (0)