مواضيع اليوم

مِحَن النفس الثلاث

Peter Master

2012-11-18 16:14:43

0

 

 

“   مِحَن النفس الثلاث   “

 

 

 


لكم هي غامضة ، طبيعة النفس البشرية
!ولكم هي مٌضنية ، رحلة الشخص للبحث عن ذاته ؟


وعلي مدار التاريخ البشري كانت محاولات الأنسان للأجابة عن تساؤلات تتعلق بطبيعة نفسه
 ، كانت أشبه بمحاولات الكيميائين البحث عن طريقة لتحويل التراب الي ذهب !

وكما ذكر أحد اشهر علماء النفس

( ألفرد أدلر 1)
فأصعب شيء علي البشر ، هو أن يعرفوا أنفسهم ويغيروها

ومع ذلك فأن صفات تلك النفس وأغوارها صعبة الأسبار ،
قد تتجلي أحيانا دفعة واحدة ،
و بشكل مثير للدهشة ، في مواجهات شائقة مع عدد من المحن
..التي تعصف بأعماق النفس وتدخلها في صراع مرير


“ المحنة الأولي ”

الخوف

″ !من ذا الذي يطارد روحي وتختبيء منه نفسي ؟ ″


الخوف هو شكل من أشكال الأبتزاز العاطفي ، توجهه الطبيعة للأنسان كتحدي يومي
ويظهر في كل مناسبة يقف فيها الأنسان عاجزا أمام قوي الطبيعةالهائلة
.. ومحدودية قدراته

ونتيجة لهذا الأبتزاز المستمر ، يتقبل الشخص في النهاية الفكرة
. بأن وجودة في حد ذاته هو أصل المشكلة وأن خوفه ما هو الا تعبير عن ذلك
ومن الغريب أنه أكثر مايقوي الشعور بالخوف في هذا الزمان
هو اتساع مساحة الأختيارات أمام الفرد وأزديادها بأستمرار
. وأيضا البحث ( غير المنطقي ) للأنسان عن الأختيار الأفضل دائما

.. والنتيجة الحتمية لذلك هي كثرة القرارات الخاطئة للفرد او حصولة علي
نتائج غير مرضية في الكثير من الأحيان
ومع كل خطأ ، يفقد الأنسان جزءا من الثقة في بوصلتة الداخلية
. ويستسلم أكثر الي مخاوفه التي قد يعضدها الشعور بالندم أيضا

 

لذلك نجد أنه من العجيب جدا ، أن سعادتنا دائما تنبع من تقليل خيارتنا لا من زيادتها

وعلاقة الزواج قد تكون مثال واضح علي ذلك ،
فالزواج ( وهو شكل لعلاقة مستقرة تقوم علي شراكة حقيقة ) علاقة قائمة
ببساطةعلي تقليل البدائل العاطفية للزوجين وحصر الأختيارات في أختيار وحيد
( لا يٌشترط بالضرورة أن يكون الأفضل )

“   المحنة الثانية  ”

الألم

الألم هو جحود وأنحصار وتوقف للمشاعر ، ″
″ ! .. الألم هو معضلة العقل البشري ومشكلته الكبري


فالعقل لا يجيز الألم أبدا ولا يتقبله ، والأنسان يجاهد بكل الأشكال التي يعرفها تقريبا
( أشهرها في مجال الطب مثلا )
للتخلص من الألم وتجنب الشعور بالضعف
. وكل محاولات التعليم والتعلم في تلك الحياة ما هي الا محاولات لتجنيب تعرض الشخص للألم

وعندما نتألم يتمحور كل تفكيرنا حول ذواتنا ونلجأ الي بناء أسوار من حولنا ،
فنفقد القدرة علي الدخول في علاقات أنسانية عميقة
ونكتفي بالبقاء متقوقعين خلف أسوارنا ، نطل علي العالم من نافذة برجنا العالية
بينما في الأثناء يحدث أنهيار نفسي داخلي ، وتظهر روح عدائية كانت مستترة
، تفرط في التعالي وفي أنتقاد كل شيء، مع محاولات بائسة للسيطرة علي الأخرين
.. والرغبة في التحكم فيهم

وبعض من ألامنا قد تكون وهمية ، لكننا لا ندرك انها وهمية
أو حتي نتجاهل ذلك عن اصرار وتعمد
،كجزء من انكار الحقيقة
؛ بأن الألم هو شعور بالظمأ
وكما يقول الروائي فرانز ويرفيل2
، فالظمأ هو أكبر دليل علي وجود الماء ،
والماء هو الحب في هذة الحالة
.. 3 لأن الألم في أصدق صورة هو صرخة من أجل الحب

“ الثالثة المحنة ”

الحب

هو الحب ذا يستهزيء بي ، ها قد جعلني سخرية ″
″ ! ..وقادني الي حيث تعد الأمال عيوبا والأماني مذلة

جبران

الحب الذي هو أنبل مشاعر الأنسان وأكثرها نقاء وقربا الي قلبه
تجده وياللمفارقة ، هو أعظم محن الأنسان أيضا
بل وتتجلي فيه عدد من محن النفس مجتمعه ،

فالحب هو ألم ،
لأن الحب يعني الأنفتاح علي الأخر والأنفتاح علي الأخر يعرض الأنسان للرفض وبالتالي للألم

وهو بذلك أيضا ، شعور بالخوف
خوف من التضحية لأجل الأخر بدون أنتظار المقابل وخوف من الرفض

وأخيرا فالحب هو انكار للذات
!!؛ وهل يمكننا حقا أن ننكر ذواتنا ؟

وفي هذا كله يتجلي التداعي
4 الكبير للحب

وقد يري البعض الحب كوسيلة للتكفير ،
وهذا مثير للدهشة ،
فهل حبك لأي انسان خطيئة تستدعي التكفير عنها بالألم
...ولكنك في الحقيقة لا تكفر عن حبك ولكنك تكفر عن كراهيتك

 

" فالكراهية " متداخلة جدا في صميم الحب

ففي ظل حبك الشديد لأي من الأشخاص ،
قد تجد نفسك احيانا مضطرا ان تكره بعضا من صفاته
أن تكره معاناتك معه وارتباطك الوجداني به
أن تكره ضعفك تجاهه الذي يجعلك غير قادرا ان تستغني عنه


تلك هي الثنائية الممتزجة ابداً ،
! ثنائية الحب والكراهية التي تكتمل بالألم

 

يٌتبع

_________________________________________________________________________________
1
Alfred Adler

2
Franz Viktor Werfel

3
القصة بدأت عندما كان الأنسان طفلا ، فتألم فبكي ، فأستجابت الأم لتخفف عن ألمه وتزيله
فأحبها وأصبح مجرد وجودها يزيل عنه الألم وابتعادها عنه بمثابة تهديدا لحياته
فلا يكون امامه الا ان يستغيث متألما بجسده وصرخاته ،
. فأستغاثه الألم هي نداء من أجل الحبيب المفقود

4

. التداعي : تداعي الفكر هو الأنتقال من ذكر أمر من الأمور الي الوصول لنقيضة تماما

 

Dr.Boutros fekry
8 November 2012

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !