يشكل الاعلان الرسمي العراقي الداعي الى تدويل قضية ميناء مبارك من خلال اللجوء الى الأمم المتحدة ونقل النزاع الى المؤسسات القضائية والعدلية الدولية,خطوة قد تكون اول الصواب في طريق لجم التجاوزات المتكررة حد الالحاح من قبل الجار الجنوبي اللدود الذي يستمرئ التموضع المستمر في موقع الشوكة التي ينتظر منها ان تدمي قدم العراق..
فبعد الرفض الرسمي الكويتي للطلب العراقي بإيقاف العمل مؤقتاً في ميناء مبارك، لحين التأكد من أن حقوقه في خطوط الملاحة والإبحار الحر والآمن في المياه المشتركة لا تتأثر في حال تم تنفيذ المشروع..وبعد رد الفعل الاقرب الى الاستعراض الاجوف من خلال إرسال قوات عسكرية الى جزيرة بوبيان بالقرب من مصب شط العرب بالبصرة بحجة حماية ميناء مبارك الكبير..فيبدو ان الحكم الكويتي غير مؤهل للحوار وفاقد للحكمة والارادة السياسية اللازمة لحل الخلاف الذي يحمل بعداً سياسياً أكثر مما هو اقتصادي اوملاحي..
فعلى الرغم من أن اللجوء إلى الطرق الدبلوماسية والقانونية يعتبر الخيار الأمثل لحل مثل هذه الإشكالات..الا ان ردود الافعال الكويتية المتأثرة بضجيج وزعيق الاعلام الصادع بما لا يمكن الوفاء به من وعيد ولا بما ليس من الحكمة الالتفات اليه من استعراض للقوة اقرب للمسخرة منه الى الفعل الجاد المسؤول..قد تتطلب من العراق نفض يده من الحوار الثنائي والتوجه مباشرة إلى المؤسسات الدولية لحل مثل هذه النزاعات.
ومع ان مثل هذه الازمات تتطلب العمل الجاد بين الحكومتين العراقية والكويتية لحسم كافة الملفات العالقة لتعود المياه إلى مجاريها ويعيش الشعبين الشقيقين في ود وسلام.والاستناد الى الاتفاقيلت الدولية التي تنظم العلاقة ما بين الدول المتشاطئة على اساس احترام السيادة الوطنية وتجنب التأثير السلبي على امن وسلامة واقتصاديات الدول..ولكن الاصرار الكويتي على بناء الميناء في هذا الموقع الاستفزازي الذي سيجعل العراق دولة مغلقة بحريا ويحول خور عبد الله إلى نهر عديم الفائدة ويعطل ميناء ام قصر مما يؤشر الى وجود نوايا عدائية مبيتة وضمن مخطط يتجاوز حدود الكويت لخنق العراق والتأثير على وضعه السياسي والاقتصادي..
كما ان الاتكاء الواضح لدولة الكويت على الدول العظمى والقرارات الدولية في جميع تحركاتها وتفلتاتها يجعل من الضروري الاتجاه بالقضية الى الرعاة مباشرة وترك القوات المسلحة الكويتية تمارس مناوراتها على ايقاع نواب الكتلة السلفية وعلى صوت ابواق الاعلام العنتري وسيوفه وراياته التي وصلت بالكويت الى حدود دول المجموعة السوفيتية المنحلة..
إن قرار الكويت بناء ميناء مبارك الكبير قرب السواحل العراقية يعتبر مخالفا للقرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن المرقم 833. أن الممر المائي العراقي سيكون ضمن الميناء الكويتي، وأن بناء الميناء يصل إلى الحدود المائية التي رسمها القرار الآنف الذكر..ما يشير الى انتهاك سافر لمبادئ القانون البحري الدولي، وانتهاك للحدود البحرية مع العراق.. وفي الأمر ظلم كبير وتجاوز واعتداء يتطلب تدخل المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الامن لما يشكله هذا الفعل من تهديد للامن والسلم الدولين..وأليس هذا ما تردده الكويت منذ عقدين من الزمن تجاه العراق..
كما لا يخفى الاستهداف الاستباقي الواضح من قبل الكويت لمشروع القناة الجافة الذي يربط الخليج بأوربا من الموانئ العراقية من خلال التموضع في موقع البوابة الملاحية لهذا المشروع الواعد الذي سيتم من خلاله ربط البصرة بريا عبر طرق وسكك للحديد بدول الاتحاد الاوربي مقدمة بديلا اقتصاديا عن قناة السويس لتميزه من ناحية الاختصار الكبير للوقت والكلف..وهذا يتطلب الاعلان الواضح والصريح والرسمي من قبل العراق بعدم منح الكويت ربطا سككيا مع القناة الجافة العراقية واغلاق منفذ صفوان الحدودي في وقت متزامن. وهكذا لن يكون لميناء مبارك الجدوى الاقتصادية المنتظرة..
فليس خافيا ان ميناء بهذه القدرة الاستيعابية الكبيرة سيكون موجها بشكل أساسي لخدمة السوق العراقية لا الكويتية، فإذا رفض العراق مرور البضائع إلى أراضيه من هذا الميناء فسيكون مشروعا فاشلا..وهذه النقطة يجب عدم التهاون معها باي شكل من الاشكال..
من المهم الوعي بقوة الاوراق التي بحوزة العراق والتي قد تتيح له –في حالة ترتيبها بما يقتضيه الموقف من جدية والتزام-انهاء النزاع بما يحقق اعلى الفوائد للعراق..وان الموقف الكويتي يستند الى تفسير خاص للقانون الدولي مصحوبا بتطبيل اعلامي مفخخ بشعارات التآمر والعدائية قد لا تجدي نفعا في المحافل الدولية ..والاهم هو الابتعاد في هذه القضية بالذات عن المناكفات والمزايدات السياسية..والالتفاف حول ارادة وطنية قوية لتنفيذ المشاريع الإستراتيجية في وقت أحوج ما يكون فيه الاقتصاد العراقي الى حراك تجاري واقتصادي فاعل ونشيط ، ولعل ميناء الفاو العملاق سيكون من أهم ركائز هذا الحراك الاقتصادي الواعد المهم..
التعليقات (0)