مواضيع اليوم

ميزان " موازين ".

محمد مغوتي

2011-05-28 15:53:32

0

    رغم كل الجدل الذي أحاط بموازين طيلة الأسابيع الماضية، مضى القائمون على المهرجان في إقامة هذا الملتقى الغنائي المفتوح - الذي بات تقليدا سنويا يستقطب أشهر الأصوات الغنائية- في وقته المحدد. و واضح أن الدولة قد ربحت الرهان من خلال إصرارها على موقفها و عدم الخضوع لضغوط حركة الشارع التي طالبت بإلغاء المهرجان.
    ربما اعتقد الكثيرون استنادا إلى الوضع الإقليمي المتفجر و بالنظر إلى الإحتقان الاجتماعي الذي يعرفه المغرب أن الأصوات التي ارتفعت مطالبة بإلغاء موازين ستجد آذانا صاغية لدى صانعي القرار، لكن الوقائع أثبتت خطأ هذه القراءة، وإن كان لها ما يبررها. فالدولة لا تضع في اعتبارها الهاجس الأمني وحده، بل تراهن على هيبتها أيضا. و في كثير من الأحيان لا يمكن الفصل بين الأمرين. فلابد أن القائمين على المهرجان رأوا في إلغاء موازين تنازلا من شأنه أن يظهر الدولة في موقف ضعيف. و هو ما سيكون مقدمة لمزيد من الضغوطات المنظمة أو العفوية في إطار الحراك الشعبي الذي دشنته حركة 20 فبراير. و هذا يعني أن إقامة المهرجان في موعده المحدد يأتي في سياق لعبة لي الذراع بين الحكومة و الحركة الاحتجاجية. و هي رسالة تفيد أن المغرب مازال يشكل الاستثناء بالمقارنة مع المحيط الإقليمي. و قد شاهدنا في ظل موسم الربيع العربي كيف عجزت حكومات دول مختلفة عن إجراء مباراة في كرة القدم في هذه الظروف، فبالأحرى مهرجانا بهذا المستوى و في الشارع العام. و هذا يعني أننا نقرأ في تفاصيل الرسالة ما يفيد أيضا بأن المغرب لا يعرف أي وضع من شأنه أن يكون مصدر قلق من أي نوع، فالحركات الاحتجاجية متواصلة في مختلف القرى و المدن في مواعيدها المحددة، لكن ذلك لا يحول دون استمرار الحياة الطبيعية في مختلف تجلياتها.
    موازين إذن فرصة ذهبية لإبراز صورة مثالية عن المغرب. و هي ليست مثالية بالمعنى الطوباوي، بل تجد حضورها في الواقع بالتأكيد. و في مقارنة بسيطة بين جموع المواطنين الذين يتحلقون حول المنصات التي أقيمت لإحياء ليالي موازين من جهة، و الذين يخرجون إلى الشارع تلبية لنداء 20 فبراير من جهة ثانية، يتضح مدى النجاح الذي حققته الدولة في رهانها على إقامة المهرجان. ففي ظل هذه المقارنة أصبح السؤال الذي يفرض نفسه في المنتديات الخاصة هو: باسم من تتحدث حركة 20 فبراير؟. و هل الشعب كله يتفق مع مطالبها؟. و لماذا لم يقاطع المغاربة هذا الحدث الفني؟... و طرح مثل هذه الأسئلة يزكي موقف الذين ينظرون إلى 20 فبراير بحذر و لا يعتبرونها ناطقة باسم الشعب. وهنا نجحت الدولة في تحجيم دور الحركة من خلال الإقبال الجماهيري على فعاليات المهرجان. أي أن الشرعية الشعبية التي حاول الرافضون لموازين الحصول عليها، انتقلت إلى الدولة لأنها انتصرت في رهانها، و أثبتت أن الذين طالبوا بمنع المهرجان لا يمثلون إلا أنفسهم. ذلك أن فئات عريضة من أبناء الشعب قد عبروا عن مواقفهم الحقيقية بالحضور إلى منصات الفرجة و ليس إلى ساحات الاحتجاج... لكن نجاح القائمين على المهرجان لا يتوقف عند هذه الحدود فحسب، بل يتعداها إلى تسويق صورة المغرب في الخارج، خصوصا في ظل الوضع الإقليمي الدقيق، و في ارتباط بالعمل الإرهابي الذي استهدف أركانة بمراكش أيضا. فإقامة مهرجان من هذا القبيل في مثل هذه الظروف، يرفع أسهم المغرب على المستويين السياحي و الاقتصادي. و يؤكد أن حادث أركانة لن يكون له أثر كبيرعلى حالة الأمن التي يتمتع بها المغرب، بل إنها تثبت أن المغرب مؤهل ليكون قبلة للسياحة و الاستثمار و بديلا للوجهتين التونسية و المصرية اللتين مازالتا تعيشان وضعا غير مستقر. و بذلك يكون رهان موازين قد حقق للدولة نجاحات مختلفة على المستويين الداخلي و الخارجي.
    هكذا إذن نفهم لماذا لم ترضخ الجهات المنظمة للمهرجان لكل الضغوطات التي حاولت التأثير في قرار إقامته. فقد كان " موازين " مناسبة حققت فيها الدولة عدة مكتسبات، بغض النظر عن النقاش الذي يرتبط بمصدر الأموال التي يتطلبها هذا الموعد الموسيقي السنوي.
       محمد مغوتي.28/05/2011.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !