أحيانا يشكل الدين مشكله وربما معضله عندما يتحول الي سبب للاقتتال بين الشعوب وبعضها فجل فائده الدين هو تهذيب وتشذيب السلوك البشري والانساني …
والاديان جميعا سواء سمائيه أو أرضيه أو وضعيه وما يتبعها من مذاهب وطوائف وملل ونحل كلها موروثات فعصر الاديان والانبياء ولي منذ قرون مديده ولم يبقي منه سوي تراثه المكتوب أو المروي وشواهد عليه ولم نراه بأعيننا ولم نلمسه بأيدينا وليس مهما ان كان الناس قد اعتنقوه طوعا أو قسرا أو حتي تحايلا ولكن المهم أن الأمور قد استقرت والاوضاع رسخت لقرون طويله واتخذ كل دين حيز له علي سطح الكره الارضيه وتوارث أتباعه اعتناقه وتوارثوا تعاليمه وأورثوها لاولادهم وأحفادهم بل وأورثوا لهم أيضا حب الدين وتقديسه واعلائه فوق أي قيم أخري بل وجعلوا منه جينات تورث بالميلاد والانتساب وأيضا غرسوا قيمه في أطفالهم منذ نعومه أظافرهم وحتي يشبوا علي الطوق متمسكين به متشبثين بأهدابه رافضين لاي دين سواه ..
وبالتالي وصلنا اليوم الي حاله من الاعتقاد الديني المورث وليس المكتسب بالدرس والتعلم وهنا تكمن المشكله مشكله التدين بالوراثه لان هذه المشكله ينجم عنها مشاكل جمه أهمها الاقتتال بين الناس …
فكما قلنا أصبح لكل دين حيز وأتباع وهؤلاء الاتباع يعملون دائما علي اتساع رقعه هذا الحيز وزياده الاتباع علي حساب الاديان الاخري والتي لا يقبل معتنقوها بأن تتقلص رقعتهم ويقل اتباعهم وهذا يشمل أيضا أتباع الدين الواحد الذي ينقسم الي ملل وطوائف ومذاهب ونحل أتباع كل منها يسعون جاهدين الي توسيع رقعتهم علي حساب الاخرين …
وغايه التوسع هذه لا تقتصر علي أحد دون الاخر وانما تشمل الجميع بلا استثناء لأن نشر الدين أو المذهب يعد من الغايات المقدسه وهنا ينبع الصدام والتصادم والاقتتال فالقائمون علي أمور الدين أو المذهب لا يعرضون دينهم ومعتقدهم ويظهرون محاسنه ومصداقيته وصلاحيته للناس ولكن يتجهون مباشره الي دين الاخرين أو مذهبهم ويبدءوا في تسفيه عقائده والتقليل من شأنها والسخريه مما جاء فيها وكأن هذه هي العصا السحريه والتي ستجعل معتنقيه يهجرون دينهم ويتبعوه .. الا أن هذا الهجوم يقابله هجوم مضاد لان "لكل فعل رد فعل مساوي في القوه ومضاد في الاتجاه" فيأتي الهجوم المضاد بنفس التسفيه والسخريه ويأتي من مذهب ثالث ورابع ودين ثاني وثالث لتصبح الامور "غاغه" الكل يسب في الكل ويسفه فيه ومن بين هذا وذاك ينسل بعض الاتباع ويغيروا دينهم أو مذهبهم لتزداد الامور اشتعالا والقلوب كرها وحقدا وغلا حتي تتفاقم الامور الي الحد الذي ينذر بعواقب وخيمه علي الجميع أهمها البعد عن الحداثه والتقدم والرقي والانغلاق المجتمعي تخوفا من الاديان والمذاهب الاخري وتربصا بها وهذا الانغلاق المجتمعي يؤدي بدوره الي التراجع عن المكتسبات الحضاريه والعزوف عن ارتيادها والاغتراب في رحابها والوصول الي مراحل مقيته من التخلف عن الركب الحضاري وان كان لا يمنع من استعمال أدواته !!
ولكن يبقي الفكر متحجرا بحجه الحفاظ علي الدين والمعتقد الموروث فكل ارث يمكن التفريط فيه الا الارث الديني …
فهل كانت الاديان سببا أساسيا في الجمود الفكري الذي توقف منذ عده قرون علي أفكار هي وليده عصرها وبنت زمانها ولم تعد تصلح علي الاطلاق للعصر الحالي أم أن الاديان تصلح لكل زمان ولكن الارث هو ما يطمس الاديان والمذاهب …
مجدي المصري
التعليقات (0)