شهدت إيران في العقد العشرين من القرن الماضي، انبثاق السلالة "البهلوي" التي دشنت عهدا مظلما للجميع في ايران وخاصة الشعوب غيرالفارسية. اذ تحول إسم البلاد من "ممالك ايران المحروسة" في العهد القاجاري الى "مملكة ايران الشاهنشاهية " في العهد البهلوي وهيمنت الفكرة والشعار القائم على اساس " لغة واحدة وعرق واحد وشعب واحد" على التعددية القومية واللغوية في ايران .
وعدا بعض الفترات القصيرة، كانت العقود الثماني الماضية مسرحا لهجمات قام بها المؤمنون بايران قبل الاسلام والعنصريين ضد لغات الشعوب غير الفارسية وثقافتها وتاريخها.
وفي الحقيقة شكل العداء للاخر وخاصة العداء للعرب جزءا من سياسات وايدولوجية ملوك السلالة البهلوية والساسة المنتمين الى هذه السلالة بل ومعظم المثقفين والساسة المعارضين للنظام.
إقتصر هذا الخطاب في البداية على النخبة لكن سرعان ما تحول الى ثقافة عامة ألحقت أضرارا فادحة بالشعب العربي الأهوازي في عربستان (خوزستان طبقا للتسمية الرسمية).
وقد استهدفت الأقلام المسمومة والمشبعة بالعنصرية الفارسية والمعادية للعرب، الشعب العربي الاهوازي الأعزل بعد ان تم تقويض الحكم السياسي والسيادة الوطنية لهذا الشعب في العام 1925.
وعلى أثر هذه السياسات تعرض الاهوازيين العرب في عربستان الى موجات متتالية للتطهير العرقي والثقافي.
كما انتهجت الحكومات الايرانية المختلفة سياسة تغييرالنسيج السكاني للعرب في اقليم عربستان وهي اجراءات اجرامية ارتكبتها بحق الشعب العربي الاهوازي. وقد إستمرت الحكومات المتتالية خلال العقود الثماني الماضية بتطبيق هذه السياسة. اذ تصف القوانين الدولية هذا الاداء بالجريمة والتطهيرالعرقي و القومي.
ومضت الجمهورية الاسلامية بسياسة التمييز ضد العرب في ايران وإستغلت السلطة الدينية، اللغة العربية لترويج الايدولوجية الدينية ولم تهتم بتطور اللغة العربية وثقافة الشعب العربي الاهوازي في اقليم عربستان.
ورغم أن مواد الدستور ومنها المواد 15 و 19 و 48 تنص على بعض الحقوق القومية للقوميات غير الفارسية، غير ان حكام الجمهورية الاسلامية ردوا على كل عربي أهوازي طالب بالتكافؤ السياسي والثقافي وتدريس اللغة العربية في المدارس الإبتدائية ونشر الصحف وإمتلاك وسائل إعلام بهذه اللغة، ردوا عليه بالرصاص والسجن.
وقد شهدنا خلال 150 عاما الماضية واثر تطور الافكار القومية الايرانية ( وهو الاسم المستعار للقومية الفارسية ) تلوث الصحف ووسائل الإعلام والفن والادب و التاريخ وكل الخطاب الفارسي المعاصر بفايروس "معاداة العرب " .
وحوّل هذ الخطاب الذي يتناقض مع ميثاق الامم المتحدة و الإعلان العالمي لحقوق الانسان، حياة الملايين من العرب في إيران الى جحيم لعشرات السنين، حيث تم حرمان شعبنا من ابسط حقوقه الانسانية على أثر هذه الجرائم القومية والثقافية.
وفيما نشكل نحن العرب نحو 8% من نسمة ايران ونعيش على بحر من النفط غير ان بحر من الفقر والعوز يحيط بنا.تمنعنا السلطات الايرانية حتى من اختيار أسماء عربية أصيلة نرغب بإطلاقها على أطفالنا ولاتسمح لنا بالتعليم بلغة الأم في المرحلة الابتدائية و لا بنشرالكتب والمجلات والصحف باللغة العربية.
وقام العنصريون خلال العقود الثماني المنصرمة بتغيير الأسماء التاريخية العربية الأهوازية للإقليم والمدن والأحياء والشوارع والأهوار و الأنهر وباقي الامكنة الجغرافية، بل و في بعض الحالات أطلقت السلطة الايرانية أسماء شخصيات عنصرية معادية للعرب على بعض الشوارع والاحياء في الاهواز.
لم يرتكب الشعب العربي الاهوازي اي ذنب كي يدفع ثمن التراث الشعوبي المناهض للعرب والخلافات السياسية والجغرافية لحكام ايران مع الدول العربية وهو يشعر بالاختناق تحت إوار ثقيل لهذا التاريخ والجغرافيا.
يتعرض أبناء الشعب العربي الاهوازي منذ المهد الى اللحد للتمييز العرقي الجلي والخفي، حيث نرى ذلك في منعهم من إختيار أسماء عربية لأطفالهم، وكذلك في التمييز بالمدارس والدوائر الحكومية والجامعات والأماكن العامة، بل وحتى في المستشفيات.
يطمح غالبية ابناء الشعب العربي الاهوازي بترسيخ الوفاق الوطني و تطور البلاد و يعتبرون ان تلبية هذه الطموحات لن تتم الا بترسيخ الديمقراطية وحقوق الانسان و سن قوانين تحظر التمييز العنصري ومعاداة العرب في ايران وتامين الحقوق القومية للشعوب الايرانية.
عرب الاهواز ليسوا هم المسؤولون عن اداء الدول العربية. والاساءات البذيئة التي تُنشر في الصحف والكتب ضد " العرب " في ايران لاتترك تاثيرا على العرب في الخارج الا القليل لأنهم لايعرفون اللغة الفارسية ولايعيشون في هذا البلد، لكن هذا الخطاب اللاإنساني والمعادي للعرب يُغرس كالخنجر المسموم في قلوب المواطنين العرب الاهوازيين ويجرح مشاعرهم و يبدد الوحدة الوطنية في البلاد.
فالهدف من تشكيل مركزمكافحة العنصرية ومعاداة العرب في ايران هو نبذ كل أشكال الإذلال والإساء والتمييز ضد " الشعب العربي الأهوازي" في عربستان وبث الوعي و الرد على ما ينشر ضد العرب والكشف عن الاجراءات التي تتم في هذا المجال والدفاع عن الوجه الانساني لثقافتنا العربية.
يناضل المركز ضد هذا الخطاب الجبان الذي يستهدف شعبنا وثقافته وهويته وتاريخه ويعتبر هذا حقا شرعيا وإنسانيا يصب في مصلحة الوفاق الوطني في ايران. اذ نؤكد هنا باننا لن نستغني في هذا الطريق النضالي عن المساعدات الفكرية والفعلية لسائر المواطنين الايرانيين واصدقاء الانسانية في العالم.
المجلس التأسيسي لـ " مركزمناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران":
يوسف عزيزي، جابر أحمد، حسین حردان، موسی المزیدي، اسکندر السواري، جمیل وادي، کاظم مجدم، نوري الحمزي، عبدالهادي الطرفي، عمارتاسایي، طاهر حلمي، و كوثر آل علي.
2010/05/23
التعليقات (0)