ظاهرة موهبة اكتشاف البترول المثيرة للجدل...ضاعت تحت سمــاء المـغرب...
من خلال هذا الملف, سيتبين لنا أن البترول لم ينشا إلا بفضل تحقق ظروف جيولوجية ذات خصوصية متميزة ونادرة, وفي سياق شريط زمني يعد بمئات الملايين من السنين..وبالتالي فلا يمكن العثور عليه في كل أرجاء المعمورة, وكما لا يتوزع بالتساوي على كل بقاع العالم, وفي حين تشير الدراسات العديدة أن الشرق الأوسط يمتلك نصف كمية البترول التي ما تزال متاحة للعالم ..وكما أن الشركات العملاقة ودولها الأم تنتهج طرق التدليس وسبل الخداع ووسائل الهيمنة والابتزاز, فاتحة حربا نفطية مستعرة مثل نيران خفية وسط أكوام التبن, فتارة يظهر دخانها, وأحيانا تبدو الأجواء هادئة, لكن يبقى لهب النيران وفيا بوعد الاشتعال المستمر.. وبالأخص في عصرنا الحاضر, حيث بدأ النفط في النضوب, لكن القوى العظمى قد هيمنت حتى على معظم الأسرار النفطية العالمية, وهي واعية بذلك بوضوح تام, ولأن الأمور تدخل ضمن إستراتيجيتها الخفية, لكنهم لا يعترفون علنا, لتفادي تراجع محتمل للأيادي الكريمة الممدودة من طرف الدول المتخلفة, ونجد المغرب نموذجا, لأنه منح حقولا نفطية عملاقة مكتشفة وتم الحسم فيها نهائيا, وبحصة 75/100 لشركات بعض القوى العظمى, ومن جملة هذه الحقول على سبيل المثال, الحقل الأطلسي العملاق , الذي كنت سباقا لاكتشافه والتصريح به عبر حوار صحفي شهير بجريد المشعل الأسبوعية المغربية وفي عدد 122 بتاريخ 7 يونيو 2007, وسُجنت من أجله وعانيت حزما من مصائب في سياق إعلاني باكتشافه رسميا, ومما لم ولن يدع مجالا للشك قطعيا سابقا وحاضرا أو مستقبلا, وفي نفس الوقت لم يرف جفن النافذين والماسكين بمفاتيح الثروات الباطنية للوطن..وفي حين أن هذا الأخير سيستفيق من الغفوة بعد فوات الأوان, طبعا فالأمر سيكون عاديا, طالما أن طبقة نافذة تتحكم في أحشاء أرضه, تقرر ما تشاء دون حسيب ولا رقيب, ولأنها تعرف جيدا أن شعبها ما زال غارقا في التخلف, ودون استثناء حتى الفئة العريضة التي مرت على مقاعد التدريس..أما الفئة الأمية, ستبقى طبعا خارج التغطية, وأن ما يثبت ذلك, وهو أن جل الصحف المغربية الورقية وفئة كبيرة من الصحافة الإلكترونية قد يرعبهم ملف النفط, وجل مقالاتها لا تخرج عن نطاق ترجمة كلام شركة ما بالحرف, ومن ثم تضع نقطة والرجوع إلى السطر, وبه ينتهي الخبر...وكما أنني قد أخضعتهم للتجربة, وتيقنت من ذلك..وفي حين أن المثير للجدل, فهل يعرف الناس قيمة الظروف وتشابكها منذ مئات الملايين من السنين في التكوين الجيولوجي لهذه الثروة النفطية مرة واحدة ومن أجل فرصة وحيدة لن تتكرر في الوجود..؟ وكما أن موهبتي الفريدة عالميا, لن تتكرر بدورها على وجه البرية..وفي حين أن العين التي يمكن أن تلقي نظرة وطنية غيورة, والرامية إلى استغلال هذه القوة التي منحها الله سبحانه مجانا للوطن لم تولــد بعد ..وهكذا تبخرت آمال أجيال حاضرة وأخرى لم تولد بعد, وما جعلني أحس بتواجدي في المكان الخطأ وكما في الزمن الخطأ..
وللإشارة, فقد أسهب العلماء الجيولوجيون لأمد طويل في النقاش والجدال حول نشأة البترول , ومع هذا فإن الأمر الذي لا خلاف عليه, وهو أن البترول قد نشأ في سياق ظروف عملية فريدة وفي غاية التعقيد, وفي حقب طويلة جدا يصعب على المرء تصورها, ورغم أن المعارف في شأن نشأة البترول ما زالت فتية, ففي بادئ الأمر اعتقد البعض أن أصل البترول يكمن, من ناحية في الطين اليابس الداكن اللون, ومن ناحية أخرى في الوحل ~الكلسي~ , ولم يكن هذا الاعتقاد إلا تكهنا لا غير, ففي بادئ الأمر لم يكن لدى المهتمين علما أكيدا, لا بشان العملية الحقيقية لنشوء المادة السائلة ذات اللون الأسود أو البني .. ولا بالعوامل التي تتسبب في انتقالها من موضع إلى آخر في جوف الأرض .. إلا أن هذه الأمور لم تعد سرا خفيا في يومنا الحاضر, نظرا للتقدم العلمي الذي حققته الكيمياء الجيولوجية وأحرزته العلوم في الثلاثين سنة الأخيرة , وكان لها الفضل في إزاحة النقاب عن الطريقة التي تتكون بها مادة البترول : فالنفط, هو في المقام الأول خليط معقد , منوع, من ~هيدروكربونات~ في حالة غازية, سائلة وصلبة . خليط لا ينشأ إلا بفعل درجات حرارة معينة ..حيث ترسبت المواد العضوية والطحالب البحرية والعوالق عموما لتكون طبقة الصخور الأم التي يتولد عنها البترول لاحقا, وذلك في المنخفضات, وغطتها رواسب بارتفاع آلاف الأمتار, وكما تعرضت لضغط الرواسب, ومن ثم غاصت في الأعماق السحيقة.. ومن ناحية أخرى أخذت الحرارة تتسرب في هذه المنخفضات, ومن ثم ترتفع أكثر وأكثر..وذلك بفعل الحرارة المتدفقة من جوف الأرض ..وهكذا اندلعت تفاعلات كيميائية لتحول المادة العضوية إما إلى غاز أو بترول..وحيث أن العلوم ترجح أن المدة الزمنية لتكوين النفط قد تستغرق أكثر من 200 مليون سنة, وبفعل قوة التدرج الحراري الذي ينجم عنه فيزيائيا : قوة ضغط شديد, والذي سيدفع المياه العميقة التي تسربت في الأعماق السحيقة في أزمنة ظروف جيولوجية غامضة, والتي يرجح أنها كانت سابقا جزءا من مياه البحر, وحيث تبقى محتلة طبقة ذات مسامية, وكما أن ذات الضغط الشديد سيدفع بالنفط الذي تولد عن الصخور الأم بقوة للرحيل طبيعيا إلى الأعلى, وحيث يخترق الطبقات الرسوبية, ومن ثم طبقة المياه ويعلوها تبعا لقانون الكثافة الفيزيائية, فإذا توفرت طبقة ذات مسامية في الأعلى آنذاك سيملؤها, وكما إذا توفر غطاءًا كاتما وغير نفاذي ..آنذاك سيجتمع النفط أيضا في وضعية آمنة.
وفي سياق جيولوجي فريد, نرسم لكم سيناريو ما يسمى ~ بالمنظومة أو النظام الجيولوجي النفطي..وحينما يسمع القارئ أو يقرا في الكتب أو المجلات أو الصحف, أن وجود البترول من عدمه, يتوقف عن احتمال وجود نظام أو منظومة جيولوجية نفطية نشطة ..لذا يشترط حصول شروط لا بد منها , وهي وجود – تدرج حراري قوي – وجود طبقة الصخور الأم التي يمكن أن يتولد عنها النفط – يجب أن يرحل هذا النفط إلى الأعلى, لأنه لو بقي في الصخور الأم فلا يمكن الوصول إليه ولا استغلاله- وكما يتوجب وجود طبقة نفاذية حتى يمكن يجتمع فيها النفط , ومن ثم – يتوجب وجود غطاء جيولوجي غير نفاذي أي كاتما, حتى يمنع تسرب النفط إلى سطح الأرض[] []
التعليقات (0)