تحالف المواطنة و المساواة
مشروع أرضية للنقاش
تونس في 10 جوان 2010
تعيش تونس وضعا سياسيا يتسم بانغلاق كبير يكبل طاقات البلاد ويحد من قدراتها على مواجهة الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة، والتي طالت الأجراء وضعاف الحال ولم تستثن مناخ الأعمال والمستثمرين. وإن هذه الأوضاع التي تتشابك فيها العوامل والتأثيرات والأبعاد لتمثل تحديات جسيمة تتطلب من التونسيين والتونسيات تحركا فعالا ومؤثرا من أجل تجاوز العقبات وكسب الرهانات. وتأتي في مقدمة هذه العقبات سيطرة السلطة على المجتمع وهيمنة الحزب الحاكم على الحياة السياسية، فيما تبقى المعارضة محدودة القدرات جراء محاصرتها والتضييق على أنشطتها وتبقى مشاركة المواطنين في الشأن العام ضئيلة. وقد أدى هذا الوضع إلى انحسار المواطنة وتعطل مسار الإصلاح السياسي الذي تعهدت به السلطة منذ وصولها إلى الحكم سنة 1987.
وإن الأطراف السياسية الموقعة على هذا الإعلان والتي تشترك في النضال من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، تعبر عن انشغالها العميق بعواقب هذا الانغلاق الخطير، وإرادتها الثابتة في الاستفادة من تجارب العمل المشترك السابقة، وعزمها الراسخ على الرفع من قدرات المعارضة وتطوير أدائها من أجل أن يكون لها دور فاعل ومؤثر في هذه المرحلة الدقيقة من حياة البلاد، والتي زادتها دقة التعقيدات المتعلقة بمسألة التداول على السلطة في استحقاقات 2014 الرئاسية وما تطرحه من استفهامات وما تتطلبه من حلول ومعالجات عاجلة.
ولقد التقت هذه الأطراف السياسية بمناسبة الانتخابات الأخيرة في اكتوبر 2009 من خلال تأييد ترشح أحمد إبراهيم في الرئاسية والتضامن بين قائمتاها في التشريعية ودعمها المشترك لقائمات مستقلة من أجل المواطنة في الانتخابات البلدية 2010. وهي تسجل بإيجابية مشاركتها في تلك الاستحقاقات رغم ما طغى عليها من انحياز الإدارة للحزب الحاكم وحلفائه ورغم إسقاط أغلب قائمات المعارضة الديمقراطية وعرقلة تحركاتها، وهو ما شكك في مصداقية الاقتراع وحال دون تجسيم التعددية والتنافسية.
وإن هذه الأطراف السياسية ترى أن القواسم المشتركة التي تجمعها تشكل منطلقا لعمل سياسي مثمر يلبي حاجة البلاد للإصلاح ويستجيب لانتظارات المواطنين ويمكن المعارضة الديمقراطية من تجاوز تشتتها ومن التطور والنجاعة ، ويتأسس على قيم مشتركة من شأنها أن تعزز تماسك المجتمع وتجسد تضامنه، وتضمن استقلال البلاد واستقلالية قرارها، وفي مقدمتها القيم والخيارات التالية:
- التمسك بالنظام الجمهوري الديمقراطي ومبادئه في اعتماد المواطنة أساسا للانتماء إلى الوطن ونبذ العنف وتكريس التداول السلمي على الحكم عن طريق الانتخابات الحرة والنزيهة.
- تكريس حرمة وعلوية الدستور وتطويره بما يضمن تقييد سلطة الحاكم ومساءلته.
- ضمان حق المواطنين في ممارسة حرياتهم العامة والفردية واحترام حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية.
- تكريس مبادئ ومعايير حقوق الإنسان كما وردت في المواثيق والعهود والالتزامات الدولية وخاصة مبدأ المساواة الكاملة بين سائر المواطنين وبين الجنسين.
-اعتبار الهوية الوطنية لتونس، بكامل أبعادها وبانتمائها العربي والإسلامي، قاسما مشتركا للشعب التونسي، واعتماد التواصل مع الجوانب المستنيرة في تراثنا والانفتاح على التراث الإنساني التحرري خيارا حضاريا ثابتا.
- تجسيد النزاهة والشفافية في إدارة المال العام وتفعيل آليات المساءلة والمراقبة.
- تفعيل دور الدولة في نجاح عملية التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية بإتاحة تكافؤ الفرص وبتحقيق التوازن بين الجهات وتكريس الحق في الشغل وضمان كرامة العيش للجميع والعمل من أجل بيئة سليمة وتنمية مستدامة.
- العمل الجدي من أجل تسريع بناء الاتحاد المغاربي باعتباره خيارا استراتيجيا.
- تعزيز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وتطوير الشراكة مع الإتحاد الأوروبي على قاعدة التكافؤ والقيم والمصالح المشتركة وبما يسهل التواصل بين الشعوب ويؤمن حرية تنقل الأفراد.
- دعم السلم العالمي ومناهضة نزعات العنصرية والحروب العدوانية والاستعمارية ومناصرة قضايا التحرر الوطني والاجتماعي في العالم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومساندة الشعب العراقي في نضاله من أجل استرجاع سيادته وصيانة وحدته الوطنية.
واعتبارا للأهداف المشتركة التي تجمعها وفي مقدمتها ضرورة إصلاح النظام السياسي ببلادنا باتجاه تطوير مؤسسات الحكم والقوانين المنظمة للحياة العامة وآليات المساءلة واستقلال القضاء، بما يكرس الفصل والتوازن بين السلط ويضمن الحقوق ويرسي دولة القانون ويعزز التعددية المنصوص عليها في الدستور ويكرسها في المشهد السياسي والإعلامي،
وإيمانا منها بأهمية الرهان على المشاركة الحرة للتونسيين والتونسيات وإحلال التنافس بدل العداوة، وبأهمية الحوار الوطني الجدي كآلية تسمح بمعالجة القضايا الوطنية الكبرى على أن يتم دون إقصاء، ويؤدي إلى إطلاق عملية الإصلاح السياسي وتطوير المشهد القائم.
واستنادا إلى التقارب في التمشي السياسي المسجل بينها والمتمثل في توخي المرونة والابتعاد عن التشنج ورفض توظيف الدين في الصراع السياسي والالتزام باستبعاد مسألة الهوية من دائرة المزايدات السياسية، وتعلقا منها بمبدئية استقلال قرارها السياسي واحترام مؤسسات الدولة،
وتشبثا بضرورة الاحترام المتبادل بين كل الأطراف السياسية مهما اختلفت رؤاها ومواقفها، وتمسكا بأهمية البناء على ما هو مشترك دون طمس الاختلافات، واعتماد مقاربة ناجعة تمكُن من تجاوز العقبات القائمة على طريق التغيير الديمقراطي السلمي.
فإن هذه الأطراف بعد سلسلة من الجلسات الحوارية بينها تعلن تشكيل تحالف سياسي بين حركة التجديد والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وحزب العمل الوطني الديمقراطي وتيار الإصلاح والتنمية ومناضلين مستقلين تحت مسمى" تحالف المواطنة والمساواة" ، يهدف إلى تطوير أدائها السياسي كمعارضة جدية ومستقلة فيما ينتظر بلادنا من استحقاقات سياسية، وتدشين مرحلة جديدة من العمل المشترك تستهدف تطوير قدراتها وضمان نجاعتها وانفتاحها، وذلك بتنشيط الفضاء المواطني وتعزيز المشاركة الحرة والارتقاء بالمشهد السياسي وفتح أفاق رحبة للأجيال القادمة، وبالعمل على جعل الانتخابات حرة ونزيهة وشفافة حتى تكون أداة لتجديد المؤسسات وتجسيد التغيير الديمقراطي وتأسيس شرعية الحكم.
إن الأطراف السياسية الموقعة على هذا الإعلان، إذ تعبر عن التزامها الراسخ بالمبادئ والأهداف الواردة فيه وعزمها على النضال من أجل تحقيقها، وإذ تعبر عن تعلقها بأن يستند العمل المشترك إلى أخلاقيات تضمن له الدوام والتراكم والنجاح، وتقوم خاصة على الصراحة والصدق والتآزر، فإنها تؤكد على أن تشكيل هذا التحالف بينها يبقى مفتوحا للتوسع على كل الكفاءات الوطنية والحساسيات الفكرية والسياسية التي تلتقي معها في المبادئ والأهداف والتمشي السياسي، من أجل تونس ومصلحة أبنائها وبناتها وحقهم في الحرية والعدالة والرقي.
إن التونسيين والتونسيات لجديرون بحياة سياسية متطورة وهم مدعوون إلى مواصلة النضال من أجل تجسيمها حتى يتمكن المجتمع المدني من أداء دوره في إذكاء نخوة الانتماء إلى هذا الوطن وإعلاء شأنه وإطلاق المبادرة والإبداع وتحقيق تنمية تشمل كل مستويات الحياة وتقوم على الحرية والعدالة والحقوق، وتأخذ بعين الاعتبار تطلعات التونسيين والتونسيات وخاصة منهم الشباب إلى تحقيق ذواتهم وتجسيم مواطنتهم والاطمئنان على مستقبلهم.
- حركة التجديد
- التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات
- حزب العمل الوطني الديمقراطي
- تيار الإصلاح والتنمية
ومناضلين مستقلين
التعليقات (0)