من يتابع المجهودات المارطونية الحثيثة التي تقوم بها السلطة الفلسطينية في سبيل ضمان أكبر فرص نجاح لموقفها عند توجهها بعد أيام قليلة الى الأمم المتحدة بغية الحصول على اعتراف بـ "دولة فلسطينية"، و يتابع التحدي الغير معهود الذي تبديه باتجاه الإدارة الأمريكية في هذا الصدد يجعلنا نطرح التساؤل التالي: أين كان هذا المجهود و التحدي عندما عرض تقرير "غولدستون" بشأن العدوان على غزة على مجلس حقوق الإنسان منذ سنتين تقريبا؟؟؟
من الواضح ان تلك المجهودات المبذولة لم تكن في الغالب في الإتجاه الصحيح، و من الواضح أيضا أن المنافع التي ستعود على القضية الفلسطينية من وراء تلك الخطوة لا تكاد تذكر أمام المخاطر الهائلة لها.
التبرير الذي يقدمه المدافعين عن هذه الخطوة و الذي يؤكد "صوابيتها" هو المعارضة الأمريكية "الإسرائيلية" لهذا المسعى الفلسطيني و الذي يقارن بالرفض الذي تبديه "حماس" ازاء هكذا خطوة في اطار كسب النقاط في مناكفة فصائلية مقرفة. لذلك بداية و من حيث المنطق يجب فهم دوافع الرفض الأمريكي "الإسرائيلي" لنبني عليه اثر ذلك استنتاجاتنا و مواقفنا.
فالرفض الأمريكي و "الإسرائيلي" مرده أن كيان الإحتلال لا يتخيل أصلا أنه في الإمكان في يوم من الأيام الإعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67 و التي يطالب كل العالم "حماس" بالإعتراف بتلك الحدود، و بالتالي هم لا يريدون الإعتراف حتى بدولة فلسطينية على الورق و هو أقصى ما يمكن أن يحصل عليه الفلسطينيون من وراء ذهابهم الى الأمم المتحدة.
فالدولة الفلسطينية الموعودة ستعامل من حيث الإلتزامات الداخلية و الدولية على أنها دولة على أرض الواقع في حين أنها لن تملك من مقومات الدولة أكثر من علم و موظفين تدفع لهم الرواتب كل شهر، اضافة الى أن حق العودة سيحكم عليه بالموت تلقائيا باعتبار أن ما كان يسمى باللاجئ الفلسطيني في لبنان أو في الأردن سيعرّف على أنه مهاجر فلسطيني.
أما من هجّر من يافا أو القدس فلن يكون باستطاعته "العودة" الا الى الدولة الفلسطينية الجديدة في حدود 67، طبعا هذا ان "تكرّمت" "اسرائيل" و انسحبت الى ما بعد تلك الحدود، أما فلسطينيو الـ 48 فسيقع ترحيلهم على أساس أنه أصبحت لديهم دولة منفصلة و على أساس أن "اسرئيل" تعرّف نفسها و تريد ان يعترف العالم بها كـ "دولة يهودية".
فالعبرة أن السلطة الفلسطينية تقوم في الغالب باتخاذ مواقف ارتجالية تدلل على أن من يقف ورائها هي مصالح شخصية و أهواء فردية بدل أن تكون نابعة من مؤسسات شرعية ممثلة للشعب الفلسطيني في الداخل و في الشتات و تعمل في اطار تمشي ديموقراطي شفاف.
التعليقات (0)