موقف تضامن دارفور من اتفاق الحريات الأربع بـــــيـــان هــــام ... سَـجِّــل يا تاريخ .. ولأهل دارفور الأصالة مليار تحية منذ 7 ساعة وقع حزب المؤتمر الوطني في أديس ابابا في 2012-03-13 علي اتفاق سماه الحريات الأربع. وقع الإتفاق بصورة فاجأت الجميع في الوقت الذي تقرع فيه طبول الحرب من كلي الطرفين و في ظل ضغوط أجنبيه تدفع في اتجاه التصعيد لا التهدئه مقروناً بغياب المعلومات الكافية عن فحوى هكذا اتفاق، الأمر الذي ألقي بظلال من الشكوك و الريبة على جدواه و الفوائد التي يجلبها للسودان. كغيرنا من القوى الوطنية ظللنا نراقب عن كثب السجال القائم بين شمال و جنوب السودان و تطورات الأوضاع السياسية و الميدانية و التي كادت ان تؤدي الى حرب شاملة. وفجأة و بدون مقدمات يطل علينا الوفد المفاوض من على الشاشة بإبتسامات غيرمعهودة في مثل هذة الأجواء و يزف البشرى الى أهل السودان بأنه أحدث إختراقاً ينهي بموجبه كل التوتورات بين الشمال و الجنوب. و لكن هيهات شعب السودان شعب مدرك لمايدور حوله و لن يلدغ من جحر نيفاشا مرة أخرى. و لتذكير القارئ الكريم بأننا بعد توقيع اتفاقية نيفاشا المختلف عليها و التي أدت الى فصل جنوب السودان عن شماله حذرنا وقتها من إجراء إستفتاء على اتفاق ما تزال أخطر ملفاته عالقة كالحدود، الجنسية، الهوية، الديون و قسمة الموارد و على رأسها البترول الذي يمثل عصب الحياة في الدولتين رغم نفيهما لهذة الحقيقة. و قد تجلى ذلك بوضوح اذ بعد إغلاق الأنبوب بأسبوع واحد فقط استدانة الخرطوم أكثر من ملياري دولار و ساءت الأحوال المعيشية في جوبا. و قد يتساءل المرء على ماذا اتفقوا أصلاً لإجراء استفتاء علي تقرير مصير شعب بأكمله دون ضمانات كافية لتنفيذه. ان ما كان يجري من خلاف بين شطري الوطن الواحد هو عبارة عن غبن داخلي و كان يمكن معالجته بوسائل أخرى غير تلك التي استخدمت لتعميقه بدلاً عن حله. ان اتفاق الحريات الأربع يأتي على نفس المنوال و يحمل بين طياته مخاطر جمة أهمها الأمن وكل ما يتعلق بحياة الناس. هل يعقل ان تتغير مواقف الفرقاء بين يوم و ليلة من أعداء الى أصدقاء؟ و هل بهذة البساطة يمكن طي ملفات أريقت من أجلها الدماء؟ و هل للوساطة الإفريقية عصا سحرية تستطيع استخدامها متما و كيفما تشاء؟ نعتقد ان للإتفاق ما بعده و ربما هناك بنود سرية سيتضح أمرها فيما بعد. ان المهارة التفاوضية الفائقة لدى فريق جنوب السودان المحاط بسياج من الخبراء الدوليين الذين هم في خلاف مع السودان لا تخلو من مكر و دهاء و نخشى ان يؤتى السودان من لقاء القمة المرتقب و الذي نأمل ألا يحدث في ظل هذة الأجواء المشحونة بالعدائيات. ان أي اتفاق بين الجنوب و الشمال يجب ان يتم بين الحكومات و ليس بين الرؤساء. و الجميع يذكر هنا حادثة اطلاق سراح الباخرتين المحملتين بالنفط و الدروس المستفادة منها. و في المقابل فإن وفد السودان المفاوض تنقصه الخبرة و الحنكة السياسية و المنظار الدولي الذي يكشف به ما أخفي من أمور و يمحص المدون من تجارب الآخرين، منظار يدرك ما بين السطور، يجيد لغة الإشارة و يميز بين الطعم (بضم الطاء) و الطعم (بفتح الطاء) و يعرف رائحة الجزرة ان كانت نقبة أم ملغومة. وفد ليس له خبرة دولية في مجال التفاوض و مرجعيته اتفاقية نيفاشا سيئة المحتوى و الإخراج ، وفد هذا وضعه جعل كثير من السودانيين لا يثقون في مقدراته التفاوضية فحسب بل في مصداقيته أيضاً. و هنا يجب ان نذكر الجميع بزيارة مندوبة الإتحاد الإوروبي السيدة هيلدا جونسون للسودان مؤخراً و مطالبتها بمراجعة مدة إقامة الجنوبيين في الشمال و تحذيرها المبطن للشمال ان هو تمسك بموقفه الرافض للتمديد، و نعتقد ان هذا هو السبب في تراجع موقف السودان و ليست جهود الوسطاء كما يدعي وفد الحكومة. كيف يمكن ان نثق في حسن نوايا أمريكا وهي عاكفة الآن لزيادة الضغوط على السودان و فرض المزيد من العقوبات عليه بدلاً من رفعها حسب اتفاقية نيفاشا! بناءً على ما تقدم فإننا من هذا المنبر نضم صوتنا الى الرافضين لهذا الإتفاق بشكله الحالي وننادي بمشاركة كل القوى الوطنية الشمالية في أي اتفاق مع دولة جنوب السودان و ان يخضع أي اتفاق الى استفتاء شعبي. نرفض رفضاً باتاً احتكار المؤتمر الوطنى للسلطة و تفرده بإتخاذ القرارات المصيرية متزرعاً بما يسمى حكومة القاعدة العريضة. ان اتفاق الحريات الأربع يبدو و كأنه خطوة أولى نحو منح الجنسية المزدوجة للجنوبيين و التي رفضها المؤتمر الوطني جملة و تفصيلاً في وقت سابق و ساق لها من المبررات التي يشيب لها الولدان. و السؤال هو لماذا هذا التراجع المفاجئ و المثير للجدل في كل الأوساط؟ كيف يطالب قادة دولة جنوب السودان بمنح الجنسية المزدوجة للجنوبيين و في نفس الوقت يقول الأمين العام للحركة الشعبية السيد باقان أموم ان الشمال يمارس العبودية و الإسترقاق على الجنوبيين المقيميين بدولة السودان و أنهم مواطنيين من الدرجة الثانية! و ما الفائدة من لقاء قمة لقادة لا يحترم بعضهم البعض حيث وصف الرئيس سلفاكير بالأمس القريب (15/03/2012) أمام حشد جماهيري في مدينة واو قيادة السودان بالعصابة الحاكمة في الخرطوم، و قال انه لم يقبل بأي حدود لا تتضمن عودة كل من منطقة أبيي و كفياقنجي و كاكا التجارية و حفرة النحاس و هجيليج و المقينص و جودة الفخار (راجع النص الكامل في : الجزيرة نت و سودانيزاونلاين في15/03/2012 ). اذاً لماذا القمة و على ماذا سيتم التوقيع؟ هل المقصود منها التنازل عن المناطق المختلف عليها بقرار جمهوري كما تريد الحركة الشعبية أم ماذا ستناقش القمة في ظل هذة الشروط المسبقة؟ حتى الأمس كانت الغالبية العظمى من الشعب السوداني تتوجس من انعقاد هذة القمة ، و لكن بعد سويعات قليلة من كتابة هذا المقال اندلعت الحرب في منطقة هجليج و ألقيت القمة المزمع عقدها في 2012/40/03. هذا يؤكد صحة ما ذهبنا اليه حيث وقع المحظور رغم الحفاوة التي استقبل بها وفد جنوب السودان بالقصر الجمهوري. الجدير بالذكر ان في كل جولة مفاوضات يثبت قادة المؤتمر الوطني بأنهم قوم قد تجاوزهم الزمن، ليست لهم رؤية واضحة أو فكر مستنير. ان كانوا لا يثقون بالخبير الوطني فيمكنهم الإستعانة بإصدقائهم الأجانب ليعطوهم دروساً في أدبيات السياسة و فنون التفاوض (فأسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) صدق الله العظيم. نحن ليست لنا مشكلة مع شعب جنوب السودان و كنا ضد انفصالهم أصلاً و لكن بعد ما تم ذلك بمحض ارادتهم الحرة بنسبة قاربت ال 100% عليهم تحمل تبعات الإنفصال، و من حق الشمال ان يحدد شكل علاقته بدولة الجنوب خاصة في ظل التواجد الإسرائيلي الكثيف على حدودنا الجنوبية. كيف يمكن ان نقبل بالحريات الأربع و الجنسية الموزدوجة في مثل هذة الظروف المعقدة و الأخطار تحدق بالوطن من كل صوب و حدب! ان المنادين بمثل هكذا اتفاق دون التمحيص فيه يتكلمون بعواطفهم من دون تقدير للمخاطر التي يتعرض لها الوطن. يطالبون بالحوار فقط من أجل الحوار و بأي ثمن كان مما يبعث برسائل سالبة للطرف الآخر ليتمترس في مواقفه. نحن نرفض الإتفاق لأنه لم يأتي بإرادة سودانية حرة و من غير حسن نية و هو يؤسس لحروب قادمة يخطط لها أعداء السودان و لذا لابد من اتخاذ الحيطة و الحذر. نحن لا نريد حرب مع الإخوة الجنوبيين و لا نظن أنهم يرغبون في ذلك أيضاً و لكن هناك دوائر أجنبية تدفع الطرفين لذلك. المحافظة على الوطن أولاً و من ثم نبني على أرضه الإقتصاد و السياسة. و يجوز لنا ان نتساءل في ظل هذا التخبط السياسي ما هو موقف المؤسسة العسكرية مما يجري؟ أليست هي أول من يدفع الثمن؟ يراهن المؤيدون لهذا الإتفاق بأن البديل له هو الحرب نقول لهم ان الحرب لم تتوقف أصلاً وهذا الإتفاق سيجلبها الى عقر دارنا، و البديل له هو ان اراد الجنوبيون التمتع بالجنسية السودانية و حق المواطنة عليهم أولاً التخلي عن قرار الإنفصال و العودة الى حضن الوطن و بذلك يتساوى جميع السودانيين في الحقوق و الواجبات و إلا فاليذهب كل على حاله و ليكن بيننا حسن الجوار. دائرة الإعلام
المصدر:
SudaneseOnline: سودانيزاونلاين
التعليقات (0)