مواضيع اليوم

موظف و أفتحر

ZIM zaid

2012-10-12 20:25:17

0

 لم أكن يوماً من رواد مقاعد الصفوف الأولى، فكنت أرى ضجراً و ضجيجاً فيها، في المدرسة مثلاً كانت المقاعد الخلفية أحب المقاعد إلى قلبي فهنالك كانت تسطع بنات أفكاري فأنثر الشعر وأكتب القصص و أرسم لوحات فنية، وأنا على يقين تام أنني أذا جلست في المقدمة فلن تتاح لي الفرصةُ أبداً لأفعل هذا، ففي الدروج الأولى كان يجلس أبناء المعلمين و المميزين، وكان الأساتذة يقضون وقت المحاضرة لهم، وكأن الصف لا يحتوي غيرهم.
المهم، أنني أيقنت مؤخراً أنه لم يكن لي الحق يوماً في مجرد التفكير بالجلوس في مقاعد الصفوف الأولى فقد أكدت لي المصادر و الدراسات أن هذه الصفوف أعدت خصيصاً لأصحاب الذوات، أما أنا (حسرت أمي علي) فلست سوى مواطن من الدرجة الثالثة (كأغلبية أبناء وطني) أعيش على ما أسميه راتبي اللذي يأتي في موعده تارةً ومتأخراً تارةً أخرى.
نعم فأنا موظف وأفتخر، أعيش في بلد همه الأوحد هو الأكل، فترانا نتناقش و قد اشرأبت أعيننا عن ماذا أكلنا البارحة، و ماذا سنطبخ غداً، و إذا ما ذكر سيد الطبخات (المنسف) فالحديث هنا يمتد لأيام ويرافقه أعراض معروفة من ذهاب للعقل و سيلان في اللعاب.
نعم أنا موظف و أفتخر، أجمع أوراقي و قلمي و الآلة الحاسبة في كل ليلة و أبدأ بإجراء العمليات الحسابية المعقدة من جمع للدخل وطرح للمصروفات و ضرب للضرائب و قسمة طويلة للمجموع، بعد ذلك أشرع بعمليات التجميل على الأرقام، وبناء استراتيجية التقشف وسياسة اللي ما معو ما بلزمو، لعلي استطيع إنعاش راتبي حتى يكفيني لبداية الشهر القادم، و إذا ما باءت كل هذه العمليات بالفشل، عندها أبدأ بالبحث عن المصدر الممول “الدائن” شريطة أن يكون راتبه من فصيلة راتبي أو أكثر قليلا وذلك حتى لا أجد حرجاً عندما أطلب منه الدعم المادي فهو أعلم الناس بحالي.
نعم أنا موظف و أفتخر، في شركة خاصة، وإذا ما تعسر رب العمل أتحمل أنا المسؤولية و أرضى أن يتأخر ذلك الشيء (الراتب) أشهراً بعدما أكد لي المدير أنني يجب أن أشعر بظروف شركتي، حتى أضحت كل الشركات الخاصة تتنافس في عدد الأشهر التي ينقطع فيها وصول الراتب.
نعم أنا موظف و أفتخر، أذا فاضت دراهم معدودة يوما من راتبي، أشعر بسعادة بالغة وأكافؤ نفسي بنفنجان قهوة صب وسط من قهوة أبو العبد لأرتشفها مع سيجارة، وقد أمنيت نفسي بهذا الإنتصار.
حتى الطير اللذي يذهب خماصاً و يعود بطاناً هاجر بلدي بعدما سئم من الضرائب الفروضة عليه (راحت عليه فقد رفعو الضريبة عن مادة القشطة)
نعم أنا موظف و أفتخر، كيف لا و أنا أدعو في كل صلاة أن اللهم أعن الظالمين على ظلمنا وهيّأ لهم البطانة الفاسدة، وارزقهم فطنة العقل في اكتشاف أفضل الوسائل و الطرق في استنزاف ما أسميه راتبي.
دوماً يقول الكاتب الجميل أحمد حسن الزعبي غطيني يا كرمة العلي ما فيش فايدة، استميحك عذراً يا كاتبنا، أما أنا فأطالب بتشكيل حركة شعبية وطنية تتطالب بتوسيع غطاء السيدة الفاضلة كرمة العلي حتى يغطينا كلنا.( يعني منو بندخل موسوعة جينيس اللتي طالما أحببنا الدخول فيها ومنو ………)

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !