موضة الاحتجاج الفايسبوكي
ذ. البشير أيت سليمان / 04/02/2011/ Bachir700@gmail.com
تتداول في هذه الأيام على شبكة الانترنيت دعاوى تنادي باستنساخ ما وقع في مصر وتونس ومحاولة تحويله إلى المغرب، ومن هذه الدعاوى " شباب مغربي ضد الفساد والاستبداد" تنادي "باقتلاع رموز الفساد بالمغرب، وأيضا "حرية وديمقراطية الآن " التي جعلت يوم 20 فبراير "يوم التظاهر العارم السلمي و الحضاري من أجل لفت الانتباه إلى مخاطر الاستمرار في تأجيل حل مشاكل المغرب بالوصفات الأمنية و المقاربات السياسوية الضيقة."
وإذ لا يمكن نفي وجود فساد على عدة أصعدة في المغرب، لكن ما يثير الانتباه هو أين كان هؤلاء طيلة هذه المدة من الزمن، ألم تتح لهم الفرصة للتعبير عن آراءهم في مناسبات عدة وفي منابر عدة؟ ثم لماذا يظل الشرق دائما ملهما للمغاربة ومخَلصا من كل الأزمات والأمراض؟ وهل من حق شباب "الدردشة" أن يعلمونا مبادىء النضال وهم لا يجرؤون حتى بالافصاح عن هويتهم وأسماءهم، ويرفعون شعارات لا يعرفون لها أولا وآخرا مثال "نطالب في المغرب بالتحول إلى ملكية برلمانية".
وكثيرا ما يخطىء بعض البسطاء ممن يعتقدون أن المواقع الاجتماعية على شبكة الانترنيت (الفايسبوك، التويتر...) هي سبب كل هذا الهيجان الشعبي الغير الطبيعي في عدة نقط من الخريطة العربية، وكثيرا هم من أضحكتهم تلك النكتة السخيفة التي تداولتها وسائل الإعلام وأدخلتها إلى عقول البسطاء من هذه الأمة لغاية في نفس أصحاب الأجندات، الذين لا نستطيع نحن أن نتكهن بما يخططون له داخل دواليب مكاتبهم بواشنطن وباريس ولندن، والنكتة تقول " بأن شابا فقيرا إسمه محمد البوعزيزي من ولاية سيدي بوزيد الفقيرة في دولة تونس قام بإحراق نفسه فقام الرئيس بالفرار على الفور"، نفس الأمر روج له مع بداية الثورة المصرية وهذه المرة قالوا بأن فتاة صغيرة هي من أطلقت شرارة الانتفاضة ضد الرئيس مبارك وبقي بدون نوم منذ 24 يناير الماضي، ومن تم عممت الثورة على الفايسبوك.
إذا كان كذلك فأنا أُوَلي صاحب موقع الفايسبوك حاكما على "دولة العرب العضمى"، وأشكره على ذلك لأنه قام بإيقاظنا من سباتنا الذي دام أكثر من نصف قرن، دون أن نستطيع حتى أن نناقش كلام "سيادة الرئيس" لأنه بكل بساطة أشبه بوحي سماوي مقدس.
من البساطة بمكان أن نتجاهل أن مواطني هذه الدول قد ذاقوا الأمرين طيلة 24 سنة من حكم "بن علي" وطيلة 30 سنة من حكم "مبارك" وطيلة 32 سنة من حكم "علي عبد الله صالح" وطيلة نصف قرن من حكم العسكر بالجزائر .... حيث حكموا هذه الأقطار بسياسة الحديد والنار دون إتاحة الفرصة للمواطنين في العيش في الديمقراطية ونعيمها واستنشاق الحرية ونسيمها، بل إنهم باعوا شرف بلادهم بأبخس الأثمان "وكانوا فيه من الزاهدين"، فمصر مثلا تبيع الغاز الطبيعي لإسرائيل بأبخس الأثمان في حين يبقى مواطنوا أرض الكنانة دون الحصول على غاز التدفئة والطهي، وإن وجدوه فهو بأثمان باهضة... وتونس فتحت ذراعيها لإسرائيل وعانقتها أيما عناق وتبادلوا بذلك علاقات الحب والغرام.
هذا جزء من كل، جعل ضمائر هذه الشعوب يقضة رغم محاولات التخذير الثقافي والتبذيل الإعلامي التي نهجتها أنظمتها، فكان حوارا طويلا دام سنوات بين النخب المثقفة (مثال حركة كفاية في مصر...) وانتهت بما انتهت إليه من خروج إلى الشوارع في ما يمكن تسميته بالعصيان الأبدي. لكن الثورات لا تصاغ دائما في نسخة واحدة، فلكل تربة أهلها ولكل نظام استبدادي أساليبه، ولكل شعب ثواق للحرية والانعتاق مساراته في تحقيق مراده، ومن لم يقم بالثورة اليوم قد يقوم بها بعد 20 عاما أو أبعد 50 عاما.
ا.
التعليقات (0)