موسوعة المختار من الاخبار 13:
تآكل تصدير البترول!:
ذكرت التقارير الاقتصادية الاخيرة(6-2011) خبر ارتفاع الاستهلاك العربي للنفط بمعدلات عالية تفوق نسبة ارتفاع انتاج النفط مما يعني تآكل تصدير النفط على المدى المتوسط مما يؤدي الى حدوث مشاكل اقتصادية متوقعة.
اكثر الدول المتضررة هي ذات الكثافة السكانية العالية سواء العالية في حجم التصدير مثل السعودية والجزائر او المنخفضة التصدير مثل مصر وسوريا وبالتالي سوف يتكرر المثال الاندونيسي التي تآكل تصدير النفط من جراء ارتفاع الاستهلاك المحلي حتى انسحبت من الاوبك في النهاية!.
هذا التآكل هو طبيعي نتيجة لارتفاع الاستهلاك المحلي لسببين رئيسيين هما:ارتفاع عدد السكان بمعدلات تفوق 2-3% والاخر ارتفاع نسبة الاستهلاك الفردي للطاقة مما يعني ان هذا التآكل سوف يكون عاجلا ام آجلا!.
توقعات خبراء الاقتصاد والنفط في السبعينيات كانت اكثر تشاؤما للمستقبل نتيجة لاستنادها على ارتفاع نسبة التغيير السنوية حينها،وهذا خطأ شائع لدى الخبراء عندما يتم القياس المطلق على فترة زمنية محددة بدون مراجعة الاعتبارات المستقبلية والتغييرات المحتملة التي تكون خارج التوقعات،وعليه فأن تلك التقديرات كانت مبنية على ارتفاع سنوي مرتفع جدا الى درجة تصل في بعض الاحيان 35% مما يعني تضاعف الاستهلاك وفق النسبة المركبة خلال عامين فقط!فقد كانت نتيجة تلك التوقعات ان الاستهلاك السعودي للنفط مثلا سوف يكون عام 1990 هو بحدود 4 م/ب ي بينما وصل الاستهلاك الى ما دون 3 ملايين برميل يوميا بعد عقدين من الزمن!...لا والاغرب في تلك التوقعات انها موجودة في دراسات اقتصادية منشورة في مجلات بعضها نفطي متخصص وصل بتلك التقديرات الى حدود 8 ملايين ب/ي عام 2000 مما يعني ان السعودية سوف تتوقف عن التصدير حينها!وهذا القول ينطبق على بلاد اخرى ايضا، وقد اثبت الواقع خرافة تلك الدراسات وتوقعاتها المستندة على معطيات فترة السبعينيات...اما لماذا وصلت تلك التقديرات في الاستهلاك المحلي لكل بلد في الشرق الاوسط الى تلك المستويات الخرافية؟! فالجواب هو انه بعد ارتفاع اسعار النفط عام 1973 ،ارتفعت معها معدلات التنمية والاستثمار والاستهلاك بسرعة من واقع متدن وبما ان حجم استهلاك النفط كان حينها قليلا جدا فأن معدلات الارتفاع العالية هي ايضا بكميات قليلة غير مؤثرة هذا بالاضافة الى ارتفاع عدد السكان،ولكن بعد وصول الاستهلاك الى المستويات المعقولة وانخفاض اسعار النفط في الثمانينات وما رافقه من انخفاض في الاستثمار والاستهلاك الداخلي مع رفع اسعار الطاقة، كل ذلك جعل نسبة الارتفاع السنوية تنخفض بشدة حتى وصلت الى المستويات العالمية ذات النمو البطيء... صحيح انه مرتفع عنها قليلا الا ان التوقعات المبنية لعقد التسعينيات سوف لن تكون واقعية الا في العقد الثالث من القرن الحالي على اقل تقدير!.
الدول الخليجية الاقل سكانا سوف تتاثر بنسبة اقل من الدول ذات الكثافة السكانية العالية الا انه لا يمنع من تآكل تصديرها لثلاث اسباب رئيسية وهي:اولا استمرار ارتفاع مستوى الاستهلاك الفردي وثانيا ارتفاع عدد السكان وبخاصة المقيمين وثالثا فأن مستوى الانتاج والاحتياطي سوف ينخفض بسبب الانتاج الطويل الامد مما يعني ان الخطر المعلن في التقارير حول كون الاستهلاك المحلي السعودي في عام 2030 والمقدر بثلثي القدرة الحالية وبما يقارب 90% من الانتاج الحالي سوف ينطبق ولو بنسبة اقل في الدول الاقل في حجم الكثافة السكانية! وهذا يؤدي الى انخفاض محتمل في مستوى الايرادات المالية وبخاصة للفرد الواحد مما يعني انخفاض في المستوى الاقتصادي وسوف يضغط بقوة على تحجيم الخطط الموجودة او المحتملة وبالتالي تأثيرات سلبية محتملة.
الحلول المقترحة!
هنالك حلول عدة منها في اقامة المفاعلات النووية في الخليج على سبيل المثال كما فعلت الامارات الان وتخطط السعودية لانفاق 100 مليار دولار لبناء 17 مفاعل لتوليد الطاقة او لاغراض عسكرية محتملة!...هذا الخيار اثبت ان له اضرار جانبية كبيرة من ناحية البيئة والامان بالاضافة الى الاعتماد على استيراد المواد الاولية مثل اليورانيوم والعمالة الاجنبية للتشغيل هذا بالاضافة الى الكلفة العالية!...وخيار الطاقة النووية ضعف كثيرا خاصة بعد الزلزال في اليابان في آذار 2011 وقرار المانيا تصفية جميع المفاعلات للاسباب السابقة،وتجدر الاشارة الى ان دولة مثل استراليا تحتوي ارضها على 40% من احتياطيات العالم من اليورانيوم وهي الدولة الاولى في التصدير،هي في نفس الوقت دولة غير نووية ولم تقم ببناء اي مفاعلات نووية على ارضها بالرغم من توفر المواد الاولية والعمالة المدربة والتكنولوجيا المحلية العالية الكفاءة بالاضافة الى الحاجة الى الطاقة لغرض الاستهلاك المحلي لان مخاطرها اكبر من فوائدها مما يعني ان قرار الطاقة النووية ليس سهلا في ظل تلك المخاطر المحتملة من جراء استخدامها حتى لو توفرت الوسائل الامنة في ظل عدم وجود استقرار كامل في الشرق الاوسط!.
الحل الثاني هو التوسع في استخدام الغاز الطبيعي الذي يحرق بمعدلات عالية حاليا!...وهذا الخيار نسبي لان الغاز مثل النفط هو مصدر ناضب ينتهي بمرور فترة زمنية وبالتالي لا يعول عليه على المدى البعيد بالاضافة الى انه يقلل فرص تصدير الغاز والاستفادة من الموارد المالية المحتملة!.
الحل الاخر المتمثل في الطاقة الشمسية هو حل واقعي خاصة في ظل وجود طاقة هائلة نتيجة لارتفاع درجات الحرارة خلال اشهر عدة مما يعني ان اقامة محطات لتلك الطاقة النظيفة هو امرا واقعيا ومعقولا في ظل وجود المساحات الشاسعة، بل وحتى تصديرها الى الخارج.
التركيز على مصادر الطاقة البديلة هو امر حيوي بل مصيري لاستمرارية تصدير النفط وبعدمه فأن الاستهلاك الحالي للنفط وبنفس المعدلات المرتفعة مع تلوثه للبيئة وبأستخدام لا يراعي الاهمية الاقتصادية فأن تصدير النفط سوف ينخفض بشكل كبير وسوف يؤدي الى انخفاض الايرادات الناتجة عنه مع ارتفاع اسعار النفط الا في حالة بدء تصدير الدول الاخرى ذات الاحتياطيات الضخمة الغير مستغلة لحد الان في سد حاجة العالم من ذلك المصدر الحيوي!.
التعليقات (0)