موسوعة المختار من الاخبار12:
هجرة بلا حدود!
تناقلت الانباء(2/4/2011) اخر الاحصائيات السكانية الصادرة من الامارات العربية والتي وصل عدد سكانها نهاية 2010 الى 8.260 مليون بارتفاع قدره 65% عن عام 2006! ووصل عدد الاماراتيين الى 948 الف فقط! مما يعني ان نسبتهم انخفضت الى 11.4%!...وقد يأتي يوم يصل فيه نسبة هؤلاء الى 1% في حدث سوف يكون فريدا من نوعه في التاريخ،وللعلم ان اقرب الدول في هذا السلوك المشابه والغريب هي قطر!.
ليست معجزة ان تسمح دولة بدخول اكبر عدد من المهاجرين اليها،ولكن المعجزة ان تسمح لهم بالاندماج ضمن مجتمعها بعدالة ومساواة وضمن القدرات المتوفرة لديها والتي يجب ان تكون عالية ايضا والا لماذا يترك هؤلاء بلادهم الاصلية؟!.
هذه الصفات غير متوفرة في دولة الامارات! فهي دولة صغيرة المساحة (83 الف كيلو متر مربع)وهي دولة صحراوية ليست لديها اراض خصبة او مياه وانما تعتمد فقط على البترول والغاز والذي تنتج منهما ما يفوق الحاجات الطبيعية لشعب يفوق عدد سكانه على اقل تقدير 20 مرة عدد سكانها الاصليين!...والامارات ليست دولة هجرة مثل دول امريكا الشمالية والجنوبية واستراليا حتى تستقبل المهاجرين وتدمجهم في بوتقة خاصة بها،كما انها ليست مثل الدول الاوروبية ذات المساحة الصغيرة والكثافة السكانية العالية والتي تمنح عادة المهاجرين لديها الجنسية بعد بضعة اعوام من الاقامة،بل يبقى المقيم في الامارات بدون جنسية مهما كانت الفترة الزمنية التي يعمل بها ومهما كان مستوى ونوع الخدمات التي يوفرها للدولة! وعليه فأن الامر يبقى غريبا في مختلف المقاييس المعترف بها والتي يتم على اساسها قياس مستوى نمو الدول وتطورها!.
ذكر الاحصاء الاخير ان البلاد استقبلت عام 2008 حوالي 1.8 مليون وافد جديد!...وهو رقم قياسي رهيب لم تصل اليه امريكا ابدا في تاريخها رغم الفارق الكبير في المساحة(118مرة تقريبا) والامكانيات الهائلة في توفر الاراضي الخصبة والمياه والثروات المعدنية ومزايا النظام السياسي والاجتماعي! فقد وصل اعلى رقم في تاريخ الهجرة الامريكية عام 1907 الى 1.7 مليون مهاجر! وبالتأكيد اندمج هؤلاء كغيرهم ضمن المجتمع الامريكي الذي لديه القدرة الكاملة على الاستيعاب والدمج ضمن بوتقة فريدة من نوعها... بينما يبقى الوافدون الى الامارات بمعزل عن الاندماج الكامل مع السكان الاصليين،حتى ان التزاوج مقيد بشروط اقرب للتمييز العنصري! وهناك الفارق الكبير في المستويات المعيشية وبقية الفوارق الاخرى التي سوف تؤدي الى حدوث مشاكل مستقبلية.
لم يزد عدد سكان الامارات في اول احصاء عام 1968 عن 179 الف(منهم 38% اجانب)! مما يعني ان عدد السكان تضاعف 50 مرة خلال اربعة عقود من الزمن! وهو ارتفاع خطير ونادر لا مثيل له، بينما لم يرتفع عدد سكانها الاصليين سوى تسعة مرات وهي زيادة غير طبيعية ايضا لان الزيادة الطبيعية ذات النمو السكاني العالي هي بين 4-5 مرات مما يعني ان عملية تجنيس واسعة قد حدثت خلال تلك العقود الماضية،بينما الزيادة في اغلب دول العالم لا تزيد عن 1% اي يتضاعف كل 70 سنة!.
الوافدون الى الامارات في اغلبيتهم ليسوا مهاجرين دائميين مهما كانت الفترة الزمنية التي يقيمون فيها، بل هم عمال وموظفين في مختلف القطاعات، ولا يتوقع منهم ان يكون لهم اي ارتباط بالبلاد بل سوف يعودون الى بلادهم في اقل هزة اقتصادية كما حدث عام 2008 والامر مشابه اذا حدثت ايضا كوارث طبيعية او سياسية،لان للارتباط شروطه الخاصة المتعارف عليها، وبالتالي فأن هؤلاء لا يشكلون قوة للدفاع عن البلاد مهما كانت الظروف وعليه سوف يبقى الاعتماد الثانوي على السكان الاصليين الذين يقارب عددهم المليون واغلبيتهم هم دون سن البلوغ بينما الاعتماد الرئيسي يبقى على الغرب كحامي للنفط فقط! بالرغم من الانفاق الجنوني على الدفاع(13 مليار عام 2008) ومن قلة الكادر البشري المحلي الذي ليست لديه القدرة على الاستخدام الكلي والاستيعاب للمعدات فضلا عن صعوبة السيطرة على تلك الجموع البشرية المقيمة في حالة حدوث فوضى! وقد يكون الحل المؤقت هو استخدام جنسيات اخرى كما يحدث الان في البحرين!.
من ابرز المشاكل ايضا هي الاختلال الفظيع بين نسبة الجنسين ضمن التكوين السكاني بسبب وجود اغلبية من الذكور وهو يؤدي الى حصول مشكلات اجتماعية تضاف الى السلبيات العديدة الاخرى كحدوث مشاكل بيئية وازدحام عام،والتي تطغى على الايجابيات القليلة.
ان تلك السياسة والتي تنتهجها ايضا دول مجاورة لم تقيم بشكل دقيق ومدروس، كما ان عدم وجود مشاركة شعبية في الحكم يؤدي الى عدم ظهور اي معارضة علنية لتقييم تلك السياسات في ظل وجود الوفرة المالية نتيجة للسياسات النفطية الخاطئة المنتهجة منذ عقود! وايضا توفير الخدمات والامتيازات وبخاصة من الاستغلال الغير عادل لجزء من العمالة الرخيصة.
ليس في الارتفاع الجنوني في عدد السكان اية معجزة ولكن المعجزة الحقيقية هي في توفير اعلى المستويات من الدخول والخدمات والحريات لاقل عدد من المهاجرين او للسكان الاصليين ضمن استغلال عقلاني للموارد الطبيعية والبشرية المتاحة!.
التعليقات (0)