تدافع وتسابق محموم ولاهث ذلك الذي نرقبه -ذاهلين- من خلال متابعة الهواية المستجدة لبعض اطراف واقطاب العملية السياسية العراقية المسرفين امعاناً في الجولات المكوكية التي غالبا ما تحط رحالها في عواصم دول الجوار من نطق بالضاد منهم ومن لم يحسنه..
وهذا الحراك-اصطلاحا- يمكن تفهمه من حيث كون شعارات العودة للحاضنة العربية والارتماء في دفء العروبة والتعاون الاقليمي وحسن الجوار من عوامل الدعاية الانتخابية في بعض المناطق المسرفة القلق من الالتفات المتزايد والمتصاعد نحو جهة واحدة..
ولكننا نجرؤ على القول ان المبالغة المسفة نحو التمدد الى عواصم لا يرقى تاثيرها الى القاسم الانتخابي لمقعد واحد في احدى محافظاتنا العزيزة..والتي تكابد لاستجلاب جمهور يكفي لملء مدرجات ملاعبها الانيقة..واستمرار هذا التوجه الاقرب الى الهوس..وبعد انقضاء المطلوب منه انتخابيا..قد يشكل علامة غير مطمئنة تؤشر الى خلل في وعي السياسي العراقي تجاه تقدير مكانة ودور وتأثير العراق في المنطقة..
ليس من الحكمة التغافل عن ان مثل هذا الحراك قد يكون صدى لقراءة صحيحة ولكن رديئة الترجمة لموقف امريكي مبهم مستند على انطباعات رئيس ركيك لا يخفي رغبته في تسليك انسحابه من خلال ترك حكومة مرضي من قبل عواصم الجوار كنوع من الاعتراف الضمني –الاقرب الى التصريح- بمدى الدور السلبي الذي تتمتع به هذه العواصم على مجمل الاوضاع الامنية والسياسية للعراق .. ولكن القراءة السيئة هي في تعميم هذا التأثير على دول المنطقة والتساذج عن الدور المحدد والمركزي للعواصم شديدة التبرم من العملية الديمقراطية في العراق ..تلك العواصم التي كان لرضاها الموعود دورا حاسما في تورم بعض القوائم ماديا واعلاميا..والتي لا ترى في العراق الا بديلا مدفوع الثمن لتقاطعاتها وتناقضاتها الاقليمية والدولية..
سادتي..نجرؤ على القول بأنه ليس من اللائق على من وضع فيه العراقيون ثقتهم بان يترك بيوتنا واسواقنا وارصفتنا تقطر دما وينخرط في منافسة محيرة لاسترضاء عواصم لا تملك التاثير ولا المكانة ولا الوزن الاقليمي والدولي الذي يقترب من مركزية ومفصلية الدور العراقي..والاكثر ايلاما ان يكون هذا التنافس من قبل شخصيات تحمل عناوين سيادية مهمة وبصفتها الرسمية..
سادتي..ليس من الذكاء دائما ان نصدق الاسطورة التي تتحدث عن امكانية ان نجد الحكمة في افواه المجانين..وليس من الحكمة ايضا ان يتلمس سياسيونا ضالتهم عند الانظمة منتهية الشرعية والصلاحية..او ان يهتدوا معهم الى سواء السبيل..فهم ابعد ما يكون عن تشكيل قوة خير او دفع تجاه مستقبل مشرق للعراق..او انارة طريق الرشاد له..بل هم الضالون..ولا عراق يرضيهم الاعراق على شاكلة ماقبل التحرير .. ولن يطفئ ضمأهم الا زج العراق في اتون تطاحن القوى العظمى والاقليمية وايلاجه في فوهة بركان التقاطعات السياسية والعسكرية.. ويؤسفنا ان نقول من المعيب مناقشة تفاصيل عمليتنا السياسية الديمقراطية التعددية مع انظمة ما زالت تروج بان الحكم الفردي الديكتاتوري هو النتيجة الحتمية والطبيعية لحركة التاريخ..وهو الاستجابة الالهية الاكثر كمالا وتحققا لدعاء الامهات..
سادتي..لقد دفع شعبكم العراقي الطيب والعظيم ثمنا باهظا من ثقته ودماءه ومقدراته لايصالكم لهذا الموقع الذي لا نناقش احقيتكم وجدارتكم به..فانتم خيرة رجالات العراق وصفوته..وموضع ثقته ومحط رجاءه ومنتهى آماله..واصطفافكم مع هذا الشعب وتشاطركم معه آلامه ومحنه هو الاجر الممنون والجميل الذي سيحفظه لكم العراقيون..وهو الذي سيرتقي بكم الى ابعد من الفوز بمقعد في مجلس النواب ..بل الى دخول التاريخ والتموضع في قلب كل عراقي شريف مؤمن بالحرية والتعددية واعلاء قيم المواطنة وحقوق الانسان ومتلهف لتحقيق الاستقلال الناجز والتحرر والانعتاق..وهذا ما لا نرى اي امكانية لتحقيقه لو اتبعنا النصائح التقليدية المكرورة المملة التي لم تبخل علينا بها لا الانظمة العربية المتذاكية الشبقة للدم العراقي الطهور كل هذه السنين العجاف..ولا دول الجوار الاقليمي التي ترى في صدور العراقيين دريئة تقيها من النوائب التي تطوق رقبتها..
سادتي..مستقبلنا معقود بنواصيكم..ومصيرنا مرتبط بحكمتكم وتساميكم على الجراح..وهذا املنا بكم..وهذا ما نرتجيه ونتامله..راياتنا في ايديكم..وانتتم حادينا في درب التطور والنماء..الذي نرجو منكم ان يكون عراقي الهوى ..وعراقي الضمير ..وعراقي المبتدأ والمنتهى ..وهذا ما لا نعتقد بانه في اجندة اي من دول الجوار في الراهن المعاش من ايامنا..
التعليقات (0)