مصعب الهلالي:
مُوتْ يا حمَار
لحَدِّي ما يَجيلَكْ العَلِيقْ
عاد طائر أبومازن الميمون هذه المرة من البيت الأسود في بلاد الواغ واغ وحط في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي نافشا ريشه ليعلن بكل صراحة ووضوح التوصل لذات القناعات التي سبق التوصل إليها خلال عهد سلفه الراحل أبو عمار في تلك الفترة التي تربع فيها بيل كيلنتون بعد تحرير الكويت عام 1991م وما فرضه الغزو العراقي والتواجد الأمريكي في المنطقة لاحقا من تعديلات دراماتيكية في منهج الرفض العربي الرسمي وقناعات الشعوب العربية برمتها فيما يتعلق بقبول الأمر الواقع والميول للاعتراف بالدولة اليهودية وحقها في الوجود على أرض وتراب فلسطين السليبة.
ولكن الجديد الذي بات كوميديا هذه المرة هو ما رشح وتراشق عبر وسائل الاعلام من أن ابو مازن قد "أسَــرّ" لمقربيه ومستقبليه في مصر بأن "أوباما حسين" قد "هَمَسَ" له في إذنه بان الخطة التي لن "تـَخُـرّ مَـيّـهْ" هذه المرة ستكون عبارة عن مواصلة اوباما الضغط على نتنياهو وحكومته المتطرفة وعلى نحو يجبرها على الاستقالة بعد عامين من تاريخه الجاري ، ومن ثم تجري بعدها انتخابات عامة تمهد لوصول "ليفني" إلى كرسي رئاسة الوزراء. .....
وإتساقا مع هذا الهمس الأوبامي فقد سارع أبومازن إلى ممارسة هواية "التنازل" عن كل طموحات شعبه ، وكيف لا وهو الذي لا يملك القدرة على "الصمود" في وجه "إغراء" التنازلات..... ثم إنها مجرد سنتان وقد انتظرنا من قبلها الكثير فلماذا الاستعجال مقارنة بمرور 61 عام على النكبة؟؟
الأطرف من كل هذا أن أبو مازن لم يسمع من أوباما كلمات تفيد بماذا سيحدث بعد وصول ليفني لكرسي رئاسة الوزراء في تل أبيب .. هو فقط تلقى "همسا" بأنها ستصل إلى هذا الكرسي ... ولكن ماذا سيكون بعد ذلك فهو غير معروف ولا مؤكد ، وإنما يبقى في رحم الغيب ..
الذي يعرفه كل مواطن عربي أن تسيبي ليفني ليست "فيفي عبده" أو هشّك بشّك ولا راقصة 10 بلدي أو استربتيز في ملاهي لندن وجزر بتايا وبانكوك يمكن جلبها إلى (مائدة المفاوضات) وإقناعها بتحرير شيكات وفتح المزيد من زجاجات الشمبانيا والويسكي .. وأنها إن لم تكن لبوءة شرســة فهي تارة ً أفعى وتارة ً أخرى حِــدّايَــة من ذلك النوع الذي لا يحدف كتاكيت .....
وكذلك يعرف كل العالم أن معظم الحروب التي أشعلتها إسرائيل مع العرب كانت في عهود وزارات شكلها حزبي العمل أو كاديما أو إئتلافهما معا .. وأن كافة المجازر التي ارتكبتها إسرائيل تجاه المواطن الفلسطيني الأعزل إنما جرت في عهود حزب العمل وكاديما وكان آخرها المجازر والمحارق الفسفورية التي جرت في غزة المحاصرة .. حتى عزو لبنان ومن قبله مجزرة قانا لم ترتكب إلا في عهد حكومات هؤلاء .
المسألة إذن أصبحت واضحة الآن والاستراتيجية الأمريكية في مجال الصراع العربي الإسرائيلي ورد الحقوق المغتصبة تثبت الأحداث يوما بعد يوم أنها ثابتة لا تتغير بتغير الرؤساء في البيت الأبيض أو حتى في ظل وخضم تطبيق مباديء التغيير المزعومة... فلا تغيير يلوح في الأفق إزاء معايير ثابتة وأقوى واشرس من سلطة وأمنيات كل إدارة أمريكية.
الجديد في الأمر هذه المرة هو "التكتيك" ليس إلا .. وهو بالطبع يصب في خانة ومصلحة إسرائيل .. فماذا يضير إسرائيل لو ذهب نتنياهو وجاءت ليفني طالما كانت الاستراتيجيات فيما يتعلق بالصراع وطبيعة العلاقة مع شعب فلسطين والعرب وحتى الفـرس واحدة ؟؟؟
إذن سيفرح المخلفون من العرب بمقعدهم من الصراع ، وسيعودون إلى مخادعهم لمواصلة النوم العميق والشخير . ولسان حالهم يردد "بركة اللي جات منك يا جامع" ...
وسننتظر سنتين ثم قد تنهار حكومة نتنياهو او قد لا تنهار .. ثم ننتظر ستة اشهر اخرى إلى حين الإعداد للانتخابات ثم إجراء الانتخابات وإعلان النتائج وتولي الحقائب ... ثم ننتظر ستة اشهر أخرى تقوم فيها الحكومة الجديدة بتلمس الأفكار وتوحيد الآراء وما إلى غير ذلك من ضرورات يستوجبها "النهج الديمقراطي" لديهم حسب مزاعمهم وإدعائهم كلما ارادوا التمويه والمط واللف والدوران المجبولين عليه.
.. إذن وبحسبة بسيطة تكون قد مضت على الأقل 3 سنوات وثلاثة اشهر على اقل تقدير ....... ويكون قد تبقى من ولاية "أوباما حسين" في البيت الأبيض 9 أشهر لا غير ...... وهذه الشهور التسعة هي في حقيقة الأمر فترة "حَـمْــل" مؤكدة لدى كل رئيس امريكي يرغب في التجديد بانتخابه لولاية ثانية ومن ثم لن يكون لديه المساحة ولا القدرة للنظر في قرارات مفصلية وممارسة ضغوط وفرض قناعات وحل مشاكل من قبيل وبحجم القضية الفلسطينية ....... بل على العكس من كل ذلك فهو سيكون في أمس الحاجة إلى دعم وتبرعات اللوبي الصهيوني الذي ما من مرشح رئاسي أو ولائي او بلدي أو حتى مدير إدارة ورئيس قسم في الولايات المتحدة يستطيع تجاوزه أو الافلات من قبضته.
.. فاين الحل إذن ؟؟
الحل الأسهل هو دائما على حساب الحمار العربي المسالم الصبور .... ولا باس من ان يموت الحمار العربي دائما وهو مربوط في انتظار العليق.
التعليقات (0)