موت لاعبة الشطرنج ( 1 _ 4 ) . للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .
فلتمتْ قرب مَوْتي لتعرف كَم سأبكي عليكَ . أصير ملكةً على عرش الصدمات العاطفية نشيداً وطنياً لإمبراطورية العوانس . ونخترع نشيداً للبجع في دروب هجرتنا إلى قلوبنا النائية . قُل إنكَ دمُ البحور، وضَع استقالتكَ على مكتب النهر، ولا تُدِر ظهركَ للطوفان يأتينا من قلوب الإوز المقلي بماء العيون . نحو موتِ الأغنياتِ في ذكريات الصبايا الواقفات على بوابات حنجرتي تمشي أدغال دمع بناتِ طروادة ، فلماذا يبكي الموتى على الموتى؟ .
لم أعد غير سَيْلٍ من أغاني الرعاة . والمزاميرُ مطرُ الجراحات الطازجة . هذا جواز سفري موؤدة تشرب الترابَ ، وتحتسي كوباً من الهديل الساخن . كأن هاويةَ الياقوت فضةُ الغرباء ، وأنتِ الغريبة يا رئتي في مدني السجينة . معدتي الحزينةُ ، والدمُ المخملي ، والسُّمنةُ في سجاجيد الراكضين في الأغاني الراكضة . نسوةٌ للضياع في دستور الإبادة ، أُفتِّش عن أنفي بين أعضاءِ السجيناتِ ، وأدور في أرض المعركة أبحث عن جثتي المنسية بين أسئلة الجثث .
حينما تدق بابَ قلبي أمطارُ الجثث المقلية أكسر بابَ سجني وأخرج إلى الزنزانة . للموجِ الغارق في حنجرتي ضوءُ المشانق النهائية . وَقَفْنا في بداية المقصلة ، وكانت الجثامين تتطاير كرسائل العشاق العاطلين عن العمل تحت جسور الإبادة . نحو الضوء يسير ضوء حكومة اللصوص الديمقراطية . أكفانٌ في آخر النفق . فلتذهب مطراً يحرق صفائحَ رئتي . كيف أضحكُ ودبابيسُ الحلم تمصُّ حنجرتي في المدن الكئيبة ؟ . بلادي امرأةٌ في أحضان زوجٍ تكرهه . ستنمو على جثتي الغاباتُ القرمزية . وقفتُ على قبر الصنوبر في طريق الشمس . إن حبل المشنقة هو الرجل الوحيد في حياتي .
كنتُ الظل يوم ماتت ظلالُ حقائب المسافر . بعيداً عن الذاكرة يا أمي نلبس منفى هزائم أبي، ونرحل باتجاه الصهيل. ابق حيثُ أنتَ يا قلبي. لا تتقدم تفاحاً للجائعين لا تتأخر برتقالاً للعطشى .
يعصرني الندى الرخامي فيأكلني الليمونُ الناري لأني وردةُ الجنازة السائرة نحو الجنازات الجديدة . كأن غبارَ العابرِين يُعلِّق اكتئابَ الراهباتِ أجراساً للكنيسة . تخرج من الانطفاء وتمضي نحو عالم يحترف الانطفاء . فلتمتْ إلى جانب انطفاءاتِ الكون . ولا وجهٌ للمطر سوى البندقية ، ولا بندقيةٌ لوجوه اليتامى سوى ظلال القمح . فكن بين القمح والشعير خَوْخاً محايِداً . فلتعقدْ بين التفاح والبرتقال جولةَ مفاوضات ، وخُذ شعباً من الأغنام يحمل أشلاءه على ظهر سمكة قِرش ، ويغازل رمالَ المحيطِ طاولةَ مفاوضاتٍ إذا تقاعد النجارون أو ذهبوا يَجْمعون سوسنَ الاغتيالاتِ .
كن نزيهاً كالعاهرة التي لا تأخذ أكثر من أُجرتها . وحينما تمر الأسلاكُ الشائكة في عيون العوانس سأنتظر تعاليم الجراد خلف الزجاج المبتل بدماء الضحايا. كن الضحيةَ الصامتة لكي تنجوَ من شوارع المجزرة . خذ احتضارَ شجر بيروت سريراً للأنهار واتركْها تَنَم لئلا يسمع الجنودُ صراخَ زوجة الرمل قرب موعد ولادتها في شمال موتها . لكن الجنينَ زهرةُ الصخور البعيدة . هوايةُ الرياح في جمع السبايا كهواية جارتنا في جمع العملات النادرة .
وآلهةُ الأعراب يصنعون من ضفائر البناتِ المغتصَباتِ حكومةَ وحدة وطنية . اسرق الشعبَ وكن أنتَ الشعب ، فلن تكون أَوَّلَ لص في الوطن الجميل ولا آخر لص . واخترعْ حكومةً رشيدة من اللصوص الشرفاء . فلا ربطات العنق هدنة الماعز ، ولا مكاتب البوليس السياسي وطن الضحايا . اخترع أسماءً جديدة للضحايا ، وارمِ اسمكَ في قائمة البحر فإذا قرأت الحيتانُ الزرقاء اسمكَ ستعرف أنكَ مررتَ ذات مساء على نعش أُمِّكَ في قاع المحيط عندما جفَّ الماء .
سأضع عقاربَ الساعة في حديقة الحيواناتِ . أشدُّ البحيرةَ من جدائلها، وأقول للسنجاب الواقف في طابور الخاطبين : (( هذه دمائي المسفوحة في شوارع السُّل ، تَزَوَّجْها بلا عُرس يحضره القرصان ، ولا حفلة جماجم يرقص فيها الياقوتُ )) .
إن سعالي بصمةُ غزلان المنفى . تعلمتُ من البنادق رومانسيةَ الأدغال . زَوَّجْتُ التفاحةَ للبرتقال . سَتُفَتِّشُ في جوارب الفيضانِ عن دلافين الذهول . يا أسماك القِرش السابحة في شراييني، ارحميني. خذي دمائي علبةَ ميكاجي ، واتركي أعوادَ المشانق أو دهشةَ نعاجي . لم أركض حول أكفاني يوم مرَّ الهديلُ على ضفائر العاصفةِ . أقول للموتى انتبهوا لموعد القطار لئلا تفترس دمعَ الأرامل دهشةُ مفاجأة الطوفان .
دخلتُ في بريق أشجار الحِداد . إنني موظفة في مكتب جباية الضرائب في مملكة العوانس . أدخلُ في موسم المجازر. الكونُ نعشٌ ، والجثثُ حَوْلي تتطاير كرومانسية الحمَام الزَّاجل . أخجل أن أكون وردةَ الأنوثة ، وأقدامي في مقبرة أنوثة الأرض . أنا دجاجةُ الرماد أعيش حلاوةَ الروح، وأغرس أوتادَ خجلي في وسادة الماء ، فاتركني _كالضفدعة _ عاريةً تحت أوحال سيارات الجيب العسكرية . كنتُ رومانسيةً أكثر من اللازم ، فلم أُصدِّق محاولاتِ خاصرتي لقلب نظام الحكم في أجفاني. لم أعرف أن وطني هو سَجَّاني، وأن حارسي الشخصي هو قاتلي. هجرةُ الحشرات إلى تمثال الحرية ، ولا تمثالٌ ولا حرية .
لرمالِ الكواكب مذاقُ الموج ، فابدأْ نهايةً للسفرجل في مستودعات جثث الميناء. تقول للبحر إنكَ زوجُ البحيرة . هل يُصدِّقكَ الرمادُ بعد تقاعد النار ؟ . أَجِبْ عن أسئلة القتيلة في الحديقة الخلفية لسرطان الرئة . بيننا قراصنةُ الشَّفق يبيعون المحيطَ الأطلسي في المزاد العلني، فاشترِ لي هرماً بمناسبة عيد زواجنا من هلوسة الشموع المطفأة . لستُ سونيا غاندي لكن حارسي الشخصي أَطلق عليَّ النار . وَحْدَها قطة جارنا من تحتفل بعيد ميلادي .
أحبكَ وأعرف أنكَ قاتلي ، فهل أنا أذكى من دم الفراشات على حبل الغسيل أم أغبى من ارتباك السجان أمام برودة أعصاب الضحية ؟ . أيتها المصابةُ بالوسواس القهري سترتاحين حينما يعبر موكبُ جثمانكِ أمام عدسات المصورين، كالأميرة ديانا على مذبح العشق البنفسجي ، كدماء أرامل الجنود الألمان في برودة نهر الفولغا . إنني أَشْرح نظريةَ الأعشاب في تبرئة الدماء من قتل شطآن الخوخ الحارق. وتظل العوانسُ خلف زجاج القطاراتِ في انتظار الرِّجال الجالسين على شواهد القبور .
أَسُدُّ الفراغَ العاطفي بالكفاح المسلَّح . وطني جرَّدني من كل شيء ، أخذ مني المنفى ، فلم يَعد للموقدة جَوازُ سَفرٍ يسافر في حطب الرئة الديمقراطي . أحرق أنهارَ الماريجوانا في طحال الفضة ، لكن غاباتِ العشق تحترق في رئتي اليمنى ، وتظل اليسرى تتفرج عليها . أُخطِّط للحب كما يخططون للانقلاب العسكري . أمنيتي أن أجد أحداً أبكي على صدره غير سَجَّاني . إن عيونكَ يا جلادي العزيز كنصل مقصلتي ، كلاهما يَلْمع في موانئ شراييني الهاربة من بحيراتِ الماريجوانا . إن ليلةَ الدخلة غرفةُ الإعدام بالغاز . وحفلةُ زفافي إعدامٌ بالكرسي الكهربائي .
رائحةُ جدائل الراهباتِ في صيف المشانقِ . هذا اكتئابُ آبار الدمع طلَّق الخادمةَ السيريلانكية وتزوَّج الملكةَ فكتوريا. طردتُ اكتئابَ ماريجوانا الحجارة من وظيفة حزن أظافري. أرعى قطيعاً من الصدمات العاطفية في سفوح العار . وأطردُ رموشي من الوظيفة الحكومية ، إنني حكومة الألم . أسأل غاباتِ أحمر الشفاه : (( ما فائدة الحب الثاني إذا قتلنا الحبَّ الأول ؟ )) .
يا من تصلبون نساءكم على أجسادكم وتهتفون للقيصر المهزوم . عيني اليمنى تبكي على عيني اليسرى . ورئتي اليمنى تطلق النارَ على رئتي اليسرى. اخرجي من قفصي الصدري يا نيران القبائل الراحلة . أُشنق مرتين كي أَستكمل دائرةَ الروتين. فكن يا اسمي ضوءاً عابراً فوق شموع عيد ميلاد حفار القبور لكي تفتخر بكَ أرملتكَ بين الأرامل . قتلناكَ يا عماد الفايد ثم أقمنا على ضريحكَ طاولاتِ مطاعم الوجبات السريعة لاستقبال العشاق الفاشلين في الجنازات الإلكترونية . هل نحن سبايا مرمياتٌ في الزاوية خائفاتٌ من التحرش الجنسي ؟ . ورعيانُ الغنم يتعلمون الديمقراطية في بيوت الشَّعْر ، ويُعلِّمونها للماعز الراجع من منافي خلخال الصحراء . مليونُ صليبٍ يمر على جسدي وما زلتُ أمشي إلى صليبِ ابن الزُّبير . وأنا السجينة في قفصي الصدري . لا يوجد دمعٌ دبلوماسي. وكلُّ لمعان المقاصل العابر فوق ضفائر راهبات الشاطئ غزالٌ يُحتضَر. لم أمارس الحبَّ إنني أمارس الكراهية .
تَعَلَّمْتُ الرومانسيةَ من حفارات القبور ، فكسرتْ قفصي الصدري أضرحةُ نهايات خريف جِلدي . والبدو الرُّحَّلُ في صحراء الشفق اكْتَشَفوا في صدور زوجاتهم حقلَ نفطٍ فباعوا زوجاتهم، وضاجعوا براميلَ النفط . سنحتفل بعيد الحب بعد مقتل عماد الفايد مباشرةً ، فلتأخذ حكومةُ الزبد مجدَها في تزوير انتخابات أعشاب قبري . وطنٌ في علبة سردين ، فافتح قبورَ أجفاني للشفق الغريب . كأني نجارٌ يعمل حَدَّاداً في يوم العطلة . وَأَدْنا بناتِنا ثم احتفلنا بعيد الحب مع دجاجات الجيران . دودٌ يرضع من ثدي الزنزانة ، وأسماكٌ تتزلج في حليب السجون .
بقيتُ وَحْدي في صحراء رموشي بعد هجرة البدوياتِ من رعي الغنم إلى جامعة هارفارد . كلما مشَّط المساءُ شرايين ضجري تساقطتْ من ضفائري الديناصوراتُ . حبلُ مشنقتي يغازلني ، ومقصلتي تغار مني ، ومشنقتي تغار عليَّ ، فماذا أفعل يا غريبةً تمشي على أسلاك جدائلي كلاعبة سيرك مبتدئة ؟ .
سلاماً أيها الرملُ الذي يتزوجُ راهبةً إيطالية ليصنع معها حوار حضاراتٍ على شطآن الإسكندرية . من حسن حظ النار أن ماء عيوني قد تبخر في صيف اليانسون . أرخبيلُ الماريجوانا هذا جسدي يحرثه الضوءُ الشمعي الأرقُ الفضي البرتقالُ الناري ، فلتنطفئ أعقابُ السجائر في فقراتِ ظَهْري. هذه ضفائري إشارات مرور خضراء أمام السيول. والليلُ نهارُ الفقراء بِرْكةُ الجنس المنطفئ .
دخلتُ في مدارات الاحتراق الذاتي تاريخاً للجوافة الثورية ، فصار الجنسُ ورقةً محروقة ، احرقْ حواجبي يا مطرَ الكلمات البعيد ، ولا تتذكر الموتى الخارجين من جنازتي إلى مباريات كرة القدم . هذا الحزنُ يُغطِّي عورةَ العشب ، فلا تحزنْ عليَّ قرب أعياد ميلاد براويز سجوني في أملاح دموعي . الزنازينُ تُنظِّف معدتي من مخلَّفات الجيش المهزوم . وخصلاتُ شَعري هي معسكراتُ السبايا. حفظتُ قلبي عن ظهر قلبٍ . حَمَّلْنا الجثثَ المضيئة في الشاحناتِ العمياء . ضابطُ مخابراتٍ رومانسي يستمع لأغاني جورج مايكل بينما البلاد تغرق في رومانسية الانقلاب العسكري . وطنٌ رومانسي في أغاني الأمواتِ مصلوبٌ على أجساد الشحاذين معلَّقٌ على رعشةِ اغتصاب الراهباتِ.
الخيولُ التي تنام في قفصي الصدري هي أمهاتُ الشاطئ اليتيم . تَزَوَّجْني يا اكتئاب الحقول لكي أُنجبَ خريفَ جلود البحيرات الاستوائية . خُذ قلبي واتركْ جسدي تحت المطر الحمضي . خضتُ حربَ استنزاف عاطفية فخسرتُ آخرَ حصوني قرب جنوني . ورفعتُ الرايةَ البيضاء على الأوحال الشقراء . كملكة السبايا رجعتُ ، وكلُّ أعضائي أسرى . إنني أُعلن انتصارَ شموس الدمع على شراييني المعدنية .
http://ibrahimabuawwad.blogspot.com/
التعليقات (0)