مواضيع اليوم

مواقف حاسمة في تاريخ العرب

بندر العتيبي

2010-11-24 12:17:32

0

 مواقف حاسمة في تاريخ العرب

     بعد سقوط السلطان عبد الحميد رحمه الله, ظهرت كل ثعابين التآمر من جحورها, ففي إستانبول حكمت جماعة الاتحاد والترقي التي وإن تظاهرت بالاسلام حيناً, إلا أنها دعت الى القومية والى تتريك الشعوب العثمانية وبدأت بتطبيق هذه السياسة.

     وفي المنطقة العربية ظهرت الجمعيات بكثرة, كان الهدف من ذلك المطالبة بالحكم الذاتي والخلافة بناءً على نصيحة أصدقائهم الانجليز وراحوا يتآمرون مع السفارات وكانت قمة المؤامرة عندما بدأت الحرب العالمية الأولى التي نشط فيها الانجليز إتصالاتهم مع الشريف حسين وأبناءة رحمهم الله, بالرغم من أن هناك اتصالات كانت قبل الحرب والتي من خلالها تم عقد إتفاقيات مثل اتفاقية الحسين- مكماهون التي كانت غير واضحة.

      ولك أن تتصور مصير هذه الأمة عندما يتحكم فيها فريقان الاتحاديون والطورانيون في تركيا والعرب والقوميون في بلاد العرب. الاتحاديون يحالفون ألمانيا لدخول حرب لا ناقة لهم فيها ينفذون مخطط انهاء دولتهم والعرب يحالفون الاعداء ليحاربوا اخوانهم في الاسلام – هذه الدولة التي حافظت على المسلمين وتحكمت في موازين الصراع الدولي خمسة مائة عام (1), والشاهد أن أكثر ما يكشف الرغبات الحقيقية للحكومة "الامبريالية" البريطانية, هو مجموعة محاضر وزارة الحرب التي ناقشت الاستراتيجية العليا لبريطانيا في منطقة الشرق الأوسط.

      وفي مجموعة الوثائق السرية لمجلس الحرب البريطاني, مجموعة الحرب التي تبدأ من محضر اجتماع لمجلس الوزراء رقم 1/27 الى برقية وزارة الخارجية رقم م-س-63549 وهي مجموعة يضمها

 (1) مصطفى الطحان, فلسطين والمؤامرة الكبرى, المركز العالمي للكتاب الاسلامي, الكويت, ط1, 1994م, ص81-82. 

دولاب كامل في محفوظات سنوات الحرب وتصل الى قرابة ثلاثة آلاف صفحة توضح صورة النوايا والخطط البريطانية الحقيقية تتكشف منها على النحو التالي (1):

1- إن بريطانيا يجب أن تحتفظ بسيطرة فاعلة على الساحل السوري بدأً من فلسطين وانتهاءً بالاسكندرونة على الحدود التركية.

     وكان التفكيرالذي ورد في مناقشات مجلس الحرب هو أن يكون كما أشار اللورد "كيشنر" في هذه النقطة, مسيحيون في وسط الساحل السوري, طوائف عربية غير سنية في شمال الساحل السوري, يهود على ساحل فلسطين الجنوبي.

2- إن الاماكن المقدسة لكل الأديان في الشرق الاوسط يجب أن تكون تحت الحماية البريطانية, فذلك يعطي الامبراطورية البريطانية حق أن تواجه العالم بإعتبارها حامية لكل المقدسات "الدينية".

3- إن بريطانيا لا بد أن تضمن سيطرتها على ما بين النهرين (يُقصد العراق) لأن هذه هي المنطقة التي منها منع روسيا من الوصول الى المحيط الهندي.

       كانت هذه هي الخطوات الاستراتيجية للحكومة البريطانية.

       رغم أن الأمة العربية كانت "و" لاتزال تعتقد أنها شاركت في ثورة عربية كبرى و"إن" أول رد فعل كان للأمة هو أنها راحت تتلفت بمشاعر يختلط فيها القلق, والامل صوب الأمراء الهاشميين تنتظر ردهم على الصدمة, ومن الحق أن ذلك كان فيه تحميل للامور بأكثر مما تتحمل.

       وقد وجدت الحكومة البريطانية على أي حال أنه من المفروض عليها أن تتصل بالأمراء

(1) محمد حسنين هيكل, المفاوضات السرية بين العرب واسرائيل, مطبعة دار الشروق, القاهرة, الكتاب الأول, ص100.

      

     الهاشميين لكي تشرح لهم أسباباً فيما يتعلق بإتفاقية سايكس بيكو(1) التي "توافقت" مع صدور وعد بلفور (2). حيث ذهب "هوجارت" لمقابلة الشريف حسين في "جدة" يبلغة رسالة تختص بمشروع سايكس بيكو, وكتب الكوماندر هوجارت تقريراً عن المقابلة قال فيه, فيما يتعلق بسايكس بيكو قال الشريف حسين إنه إذا كان هناك تعديل ثانوي في الخطط الاصلية تفرضة ضرورات الحرب, فهو مستعد لأن يعترف بمثل هذه الضرورة بصراحة, حيث رد فيما يتعلق بوعد بلفور "الكوماندر" هوجارت, بتفاصيل طويلة عن نمو الحركة الصهيونية خلال الحرب, وعظم قيمة المصالح اليهودية والنفوذ اليهودي, وإنه من المفيد التعاون معهم يُقصد اليهود (مصالحهم ونفوذهم), حيث كان رد الشريف حسين يفيد بقبول صيغة وعد بلفود وموافقتة بحماسة قائلاً: إنه يرحب باليهود في كل البلاد العربية.

     وجاء الدور على الامير "فيصل" وأقنعة مستشارة الخاص الكابتن "لورانس" بعقد اجتماع مع الدكتور " حاييم وايزمن" في العقبة من شهر يناير 1919م حيث تم توقيع اتفاق مكتوب بين الاثنين أوردة المؤرخ الكبير "جورج انطونيوس" في كتابه يقظة العرب (3).

(1) تفاهم سري استعماري بين بريطانيا وفرنسا, مُتمم لتفاق رئيسي بين بريطانيا وفرنسا وروسيا لتقسيم السلطنة العثمانية والاستيلاء على المشرق العربي –سوريا الطبيعية- في أعقاب دخول الاتراك الحرب الى جانب ألمانيا, وقد توصلت تلك الدول الى الاتفاق السري بعد أن عينت الحكومة الفرنسية المستر جورج بيكو قنصلها العام في بيروت في السنة التي سبقت الحرب عام 1915م.

(2) آرنوا بلفور, وزير خارجية بريطانيا الذي أصدر الوعد المشؤوم –المشهور- الذي اشتهر باسمه في 2 تشرين ثاني عام 1917م, وقد صاغ وعدة في العبارات التالية: عزيزي اللورد روتشيلد: إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف الى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي, وسوف تفرغ خير مساعيها لتسهيل بلوغ هذه الغاية. وليكن معلوماً أنه  لا يسمح بإجراء شيء يلحق الضرر بالحقوق المدنية والدينية التي للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين الآن أو بالحقوق التي يتمتع بها اليهود في البلدان الأخرى وبمركزهم السياسي فيها (المصدر: محمد غانم, المشكلة الفلسطينية على ضوء أحكام القانون الدولي, ص58).

(3) محمد حسنين هيكل, مصدر سابق, ص 119.

 

      وما يمكن ملاحظته في الظروف المتصلة بصدور "وعد بلفور" هو ما تقول به وثيقة بريطانية تحوي محضراً لجلسة لمجلس الوزراء بتاريخ 3 ديسمبر 1917م أثناء مناقشات صدور وعد بلفور وفي التمهيد لإعلانه. وقد ورد في محضر الجلسة أم وزير الحربية " إيدل ديري" أبلغ المجلس أن وفداً يهودياً على مستوى عالٍ يمثل المؤتمر الصهيوني, توجه في "تضيحة الدم" وذلك بتشكيل قوة من اليهود يطلق عليها اسم "الفيلق اليهودي" حتى تحارب في صفوف الحلفاء, ومن ثم يكون لهم دور في تحقيق النصر (1).

 

 

 

 

 

 

(1) محمد حسنين هيكل, مصدر سابق, ص 114.

 

00972592838491




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !