مواضيع اليوم

مواقف اسبانيا بين رفض تقرير المصير الباسكي ومساندة البوليساريو

شريف هزاع

2010-09-07 04:12:23

0

عبـد الفتـاح الفاتحـي

يتبنى الخطاب الدبلوماسي الإسباني الرسمي موقفا مزدوجا من مبدأ تقرير المصير، حيث يصر على دعم تقرير المصير التي تطالب به جبهة البوليساريو الانفصالية، إلا أنه في نفس الشروط يرفض صوت منظمة "إيتا" المطالبة بتقرير المصير في إقليم الباسك.

إن ازدواجية الخطاب الرسمي الاسباني غير مقنعة من الناحية السياسية ولا من الناحية الدبلوماسية، فمن جهة تكتسي مطالب منظمة "إيتا" لتقرير مصير إقليم الباسك شرعية تاريخية تمتد إلى سنة 1959 تاريخ تأسيسها، أي أنها تأسست قبل جبهة البوليساريو بكثير. وعليه فإن السياق التاريخي كفيل بأن يشرعن مطالبها ولو في سياق المقارنة مع مطالب جبهة البوليساريو. ومن جهة أخرى فإن اسبانيا وضدا على الوقائع الميدانية لا تصنف جبهة البوليساريو في خانة الإرهاب بل تعتبرها حركة قومية تحررية رغم أن عددا من التقارير الاستخباراتية الإسبانية كشفت وحتى الأمس القريب ارتباط عناصر جبهة البوليساريو بتنظيم القاعدة في الصحراء الإفريقية، آخرها إطلاق سراح عمر الصحراوي مؤخرا في إطار صفقة تبادل الرهينتين الإسبانيتين.

إن هذه المعطيات لوحدها كفيلة بأن تجعل الموقف الرسمي الإسباني سياسي أكثر منه موضوعي، ففي الوقت الذي يحسم فيه مطالب منظمة عريقة كـ "إيتا الباسكية" باتهامها بأنها منظمة إرهابية، فإنه بالمقابل لم يتخذ الموقف ذاته من جبهة البوليساريو للحقيقة التاريخية والميدانية.

وعلى العموم يظل الموقف الرسمي الاسباني من قضية الصحراء المغربية غير مستقر على حال، وكثيرا ما يأتي في صيغ ملغومة، غايتها الحفاظ على مصالحه الاقتصادية بالمغرب المتضررة أصلا من الأزمة الاقتصادية العالمية الخانقة التي يعيش على وقعها الاتحاد الأوربي، كذاك الذي عبر عنه مؤخرا وزير الشؤون الخارجية الاسباني "ميغيل أنخيل موراتينوس"، من أن إسبانيا تدعو إلى "حل عادل ونهائي ودائم" لقضية الصحراء، وذلك عقب توثر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بسبب تكرار اعتداءات الشرطة الإسبانية على مواطنين مغاربة في المعابر الحدودية بمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.

وبعد أن أكد مورانتينوس أنه تم إيجاد حلول لجميع القضايا العالقة بين البلدين، أضاف أن إسبانيا وفرنسا تتقاسمان كذلك نفس الرؤية بخصوص النزاع حول الصحراء، مؤكدا، أنه في حالة إيجاد حل لهذا النزاع فإن قضية الساحل ستحل أيضا. كما ربط "موراتينوس" على أنه من شأن إيجاد حل للنزاع حول الصحراء إعطاء مزيد من الضمانات لتحقيق الاستقرار في منطقة الساحل ووضع حد لمختلف التهديدات التي تواجهها هذه المنطقة.

فإذا كانت اسبانيا اليوم تحتفل بإعلان منظمة "ايتا الباسكية" (وطن الباسك والحرية)، أنها قررت منذ عدة أشهر وقف عملياتها الهجومية ضد المواقع الاسبانية. ونوهت الحكومة الإسبانية في أولى ردودها بالإعلان لكنها، قبل أن تطالب المنظمة بتسليم أسلحتها من دون شروط، لكن الحكومة بالاسبانية بالمقابل لم تتخل عن دعمها لجبهة البوليساريو التي أعلن بالموازاة مع ذلك ما يسمى بجيشها أنه متأهب لتوجيه ضربات عسكرية للمغرب.

وأعلنت المنظمة مؤخرا أنها "تنقل قرارها إلى المجتمع الدولي (..) وتدعوه إلى التجاوب بحس من المسؤولية مع رغبة والتزام ايتا، للمشاركة في إيجاد حل دائم وعادل وديموقراطي لهذا النزاع السياسي القائم منذ أكثر من مئة عام"، ولكن على أن يضمن ذلك "الاعتراف بحقوق شعب الباسك وإقرارها".
ويتساءل المهتمون أن ازدواجية الخطاب الاسباني تتأكد في منع تدويل قضية استقلال إقليم الباسك التي يزيد عمرها عن مائة، في حين ساعد في تدويل النزاع في الصحراء بعد مرور بضع سنين على استرجاع المغرب لها.

وكانت منظمة إيتا قد تأسست في 31 يوليو سنة 1959، حينما انشق عدد من الشباب الأعضاء عن حزب الباسك الوطني وقرروا اعتماد النضال المسلح من اجل استقلال بلدهم الباسك. وكان اول ضحية لهم حسب بعض المعطيات الطفلة بيغونيا اوروس ايبارولا ( 22 شهرا) التي احترقت حية نتيجة عملية إرهابية قامت بها هذه المنظمة في27 يونيو 1960 في محطة قطار "امارا" في مدينة سان سيباستيان، ولم تعترف المنظمة بمسؤوليتها عن الحادث.

وقامت بعدة عمليات انتحارية لإثارة الانتباه إلى مطالبها السياسية، وكان أخر عملياتها في سنة 2009، ومنذ ذلك الحين تشن قوات الأمن الاسبانية بدعم من قوات الأمن الفرنسية والبرتغالية والبريطانية بملاحقة أعضاء المنظمة. واعتقلت الشرطة الإسبانية خلال هذه السنة أكثر من 60 شخصا يعتقد أنهم أعضاء في المنظمة ومن بينهم عدد من القياديين وصادرت حوالي طنين من المواد المتفجرة وعددا كبيرا من الوثائق وقطع السلاح والمخدرات، كما اكتشفت مخابئ سرية ومختبرات لتحضير المتفجرات تعود للمنظمة في الأراضي البرتغالية، إضافة إلى أنها تمكنت من منع إنشاء قاعدتين جديدتين في البرتغال وكاتولونيا.

وفي 7 يونيو عام 1968 أعلنت المنظمة مسؤوليتها عن العملية الإرهابية التي راح ضحيتها الشرطي "خوسيه باردينيس"، إلا أن عدة تقارير رسمية اتهمت المنظمة بمسؤوليتها في قتل 858 شخصا في عمليات متفرقة.

وأكدت معلومات أن المنظمة كانت تحاول إعلان الصلح مع السلطات الاسبانية، إلا السلطات الاسبانية شككت في ذلك، واعتبرت أن المنظمة تبحث عن مهلة لترتيب بيتها الداخلي من جديد، ويبقى مطلب تقرير المصير قائما إلا يتجاوز الخطاب السياسي الرسمي للإسبانية ازداوجيته في دعم تقرير المصير في المغرب ورفضه في اسبانيا.

في أولى ردود الفعل الرسمية الإسبانية، وصفت وزارة الداخلية بحكومة إقليم الباسك بإسبانيا إعلان حركة إيتا الانفصالية وقف إطلاق النار بأنه "غامض وغير كاف"، على اعتبار أنه ليس تعهدا بوقف العنف بشكل نهائي.

وقال رودلفو آريس خلال مؤتمر صحفي بمدينة بلباو في شمال البلاد إن الإعلان "ليس كافيا مطلقا، لأنه لا يستجيب لمطالب غالبية المجتمع الباسكي الذي يطالب الحركة بالتخلي النهائي عن العمل الإرهابي".

وإذا كانت الحركة في الشريط المنسوب إليها قد أعلنت أنها "لن تنفذ بعد الآن عمليات هجومية مسلحة"، إلا أنها بم تفصح عن طبيعة وقف إطلاق النار هل سيكون دائما أم مؤقتا في انتظار رد فعل الحكومة الإسبانية المركزية.

ذلك أن الإعلان عن إطلاق النار ذيلته المنظمة "إيتا" بشبه شروط حينما قالت: "التزامنا بإيجاد حل ديمقراطي لكي نتمكن نحن المواطنين الباسك من خلال الحوار والمفاوضات من تقرير مصيرنا بطريقة حرة وديمقراطية". وأضافت "إذا شاءت الحكومة الإسبانية، فإن "إيتا" مستعدة اليوم كما كانت بالأمس للقبول بالأسس الديمقراطية الضرورية في الحد الأدنى لاعتماد عملية ديمقراطية"، موضحة أن "التغيير السياسي ممكن".

وقد حاولت المنظمة أكثر من مرة تدويل قضيتها دون أن يتأتى لها ذلك، لكنها لم تيأس من ذلك حين قالت: "إننا ننقل قرارنا هذا إلى المجتمع الدولي، وندعوه إلى التجاوب بحس من المسؤولية مع رغبة والتزام "إيتا"، للمشاركة في إيجاد حل دائم وعادل وديمقراطي لهذا النزاع السياسي القائم منذ أكثر من مائة عام".

Elfathifattah@yahoo.fr




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات