أصبح الفضاء الأزرق يشكل ضغطا كبيرا على السلطة، فمن خلال مشاركة الفيديوهات التي تتضمن أفعالا مخالفة للقانون،و التجاوب مع الأخيرة بإجابية من طرف النيابة العامة،يمكن اعتبار الفيس بوك سلطة موازية للإعلام ،بل يتجاوزها في سرعة التفاعل مع الأحداث،و يكون مصدرا للخبر بحد ذاته، مما يؤثر على الرأي العام، لكن إلى أي حد هذا التفاعل بريء؟
إن سرعة الأحداث المتناقلة عبر الفيس بوك،و كثرتها ، تشكل قضايا رأي عام سريعا،فهذه الأحداث إن لم تجد من ينقلها إلى الفضاء الأزرق تبقى حبيسة الجدران،لكن التفاعل مع الأخيرة،و دخول الإعلام بطريقة احترافية،يعطي مصداقية للخبر،مما يحرك السلطة من أجل اتخاذ إجراءات و تحريك مسطرة المتابعة.
تناقل مستخدمو وسائل التواصل الإجتماعي مجموعة من المشاركات هذا الأسبوع، يمكن تعدادها، حسب ما هو اجتماعي و سياسي، و من بينها ، قفة مؤسسة جود و استغلالها انتخابيا،إضافة إلى الهجرة الجماعية سباحة إلى سبتة، تعنيف مواطن بطريقة وحشية من طرف مخازنية، تعنيف إمرأة من طرف زوجها أمام أبناءها،فتيات يستعرضن السلاح الأبيض بطريقة التشرميل.....
كل هذه المشاركات أدت إلى تحريك المسطرة من طرف النيابة العامة،و تم القبض على ثلاثة مخازنية على ذمة التحقيق بالتعنيف، القبض على 14 عشر شخصا بتهمة المساعدة على الهجرة الجماعية للشباب بالفنيدق،القبض على المتهم بتعنيف زوجته....
فالتفاعل و انتشار هذه الفيديوهات، يشكل سلطة رقابة،يستخدمها المواطن للتبليغ بطريقة عفوية، و يعبر من خلالها عن سخطه من هذه التصرفات، لتدخل النيابة العامة على الخط سريعا و تتجاوب مع شكاية من مجهول، و الدليل الفيديو.
فهل يمكن اعتبار هذه الفيدوهات بريئة؟ و ما مدى تأثيرها على الرأي العام؟ أو ليست هذه القضايا ثانوية لا ترقى إلى ضجة إعلامية كبيرة؟
طرحت هذه الأسئلة،لأنها تحتاج أجوبة،تغير من تعاملنا مع ما يتم تناقله من مشاركات، تخفي وراءها الكثير، فلا يمكن اعتبار المشاركات بريئة،لأن انتشارها بسرعة، يعبر عن وجهة نظر،إما السخط العارم عن الأفعال المنشورة، تشويه سمعة وطن ، و الدفع باحتقان اجتماعي موجود أصلا ،و إما أيادي خفية، تستعمل الإشهار لغرض في نفس يعقوب، تحوير النقاش من القضايا الأساسية إلى قضايا ثانوية.
فحتى الضجة الإعلامية التي تولدها سلطة الفضاء الأزرق،و مثل هذه الفيديوهات، لا تولدها القضايا الأساسية مثل الفساد، و الحريات العامة، و المتابعات في حق الصحفيين و المدونين، فلماذا؟
إن الموضوع شائك، يحتاج بحثا ، و لا يمكن إحاطته في هذا المقال وفقط، فسلطة الفيس بوك، و التجاوب الإعلامي الذي فرضه، كما دخول السلطة على الخط، ينذر بأن الأمور ستتغير، فقانون تكميم الأفواه لم يخرج من فراغ،و إنما بدراسة رصدت التأثير الكبير لهذا الفضاء، و معالجته لمجوعة من القضايا،و خلق رأي عام مضاد، بمعطيات كثيرة.
خلاصة،ليس كل شيء بريء ، و المشاركات تخضع لمجموعة من المعايير، فالتأثير في الرأي العام أطاح برؤساء،و غير التاريخ ، في تونس، مصر و ليبيا، و لنا عودة في الموضوع.
محمد الشبراوي المغربي
التعليقات (0)