مواعظ القطيع
لطالما شكلت رسائل الوعظ مصدر إزعاجِ وقلق للغالبية العظمى من الناس حتى وإن أظهروا عكس ذلك ، رسائل وعظية تدخل علينا وتقتحم أجهزتنا بلا سابق إنذار أو إستئذان ، في السابق كانت مواعظ المساجد عقب كل صلاة تُصيب الأذان بالصمم والعقول بالمرض وما تزال تلك الطريقة التقليدية في الخطاب الثقافي الوعظي تتنفس رغم محاصرة المتمردين على التنظيم ووسطية الإسلام ، اليوم تحول الخطاب الوعظي إلى مرحلة إستثمار التقنية الحديثة فغزا الهواتف الذكية ولم يترك للفرد حق إستقبال أو رفض تلك الموعظة .
الفتوى والموعظة خطاب ثقافي ولكل منهما مفرداته وقواعده ، ومن الجهل بمكان تقديس ذلك الخطاب وجعله حاكماً ومُحكماً للسلوك والحياة العامة ، المجتمعات الإسلامية مجتمعات نشأت في أحضان ذلك الخطاب و تشربته حتى أصبحت لا تستطيع العيش بدونه ، عندما تقتحم هاتفك رسائل مليئة بالجهل تحمل في نهايتها عبارة أنشر ولك الجنة ؟ فهذا يعني أن مفاتيح الجنة مُعلقه بالغباء والجهل و مُعلقه بالتشدد والتطرف وخداع الناس التبعية للبشر هكذا يُريد من أرسلها ومررها بلا سابق إنذار ، مفاتيح الجنة لمن يجهل من القطيع مُعلقه بالعقل الذي يُفكر ويُميز الصواب من الخطأ مُعلقه بالتسامح والوسطية والإعتدال ، تذييل عبارة أنشر ولك الجنة وعبارة تخيل ربك يراك وأن تُرسلها لا تعني الحث على فعل الخير بل تعني الحث على التبعية وتأجير العقل فعبارة أنشر فعل أمر وعبارة تخيل أي أحلم ولا تُفكر وهذا هو الصواب الذي لايقبل الشك والتأويل .
هناك فئة من الناس تشعر بالنشوه عندما تمشي مع القطيع لا يهمها إن كانت نهاية الطريق الموت والإحتراق بنيران جهنم بعدما تكتشف أن ذلك القطيع كان يسوقه من أستغل العواطف لتحقيق غاياتِ دنيوية لا صلة لها بالجنة والسعادة الأخرويه ، المتشدد لايعي مفردة الخصوصية ولا يُقيم لذلك الحق الإنساني أي وزن فهو يظن أنه ممثل لله في أرضه ووصي على البلاد والعباد ، الرسالة الوعظية مؤثرة لأنها تُعزز فكرة القطيع وتعزز جلد الذات وتكفير الذنوب ولكي يبقى تأثير تلك الرسالة محدوداً يجب توعية المجتمع بخطورة تلك الرسالة وخطورة إنتهاك الخصوصية للأفراد الذين باتوا مُحاصرين بمواعظ المساجد ومواعظ الأجهزة الذكية في زمنِ من المُفترض أن يتنفس فيه الفرد هواءً نظيفاً خالياً من حماقات القطيع ويعيش بهدوء لا مُنغصات فيه .
@Riyadzahriny
التعليقات (0)