جميعنا سمع وتأثر بحادثة وفاة الدكتور طارق الجهني والذي وافته المنية بعد غيبوبة استمرت 22 يوم ثم موت دماغي حتى قضي نحبه، وذلك نتيجة خطأ طبي من قبل طبيبة التخدير والتي لا تحمل رخصة مزاولة المهنة في إحدى مستشفىات جدة، إذ كان سيُجري عملية جراحية لإنقاص الوزن.
ومن المؤلم أنه رغم أن أعضاء منظمة العفو الدولية والمنظمة العربية لحقوق الإنسان أصدرت توجيهات للتحقيق بحالة الوفاة ورغم أنه بعد دراسة مستفيضة توصلت اللجنة إلى أن هناك شبهة جنائية في هذا الحادث، والجهني كان رئيساً لقسم الأسنان في مستشفى الملك فهد التخصصي وطبيب أسنان معروف إلا أن ذلك لم يشفع له لإتمام المهمة وإتخاذ إجراء صارم حيال المتسببين في موته، وتم التكتم عن ذكر اسم المستشفى في الصحف، وظلت القضية معلقة حتى يومنا هذا.
و على الجانب الآخر حادثة أخرى على نفس مسرح الحدث مع نفس الأبطال ولكن هناك فارق مُلفت للغاية سأذكره في نهاية سرد هذا الحدث الآخر بإذن الله.
في المشهد الآخر لم يكن تحرك وزارة الصحة كما حادث الدكتور الجهني، بل كان تحركاً ذو صبغة حماسية شديدة، ذو قبضة حديدية للغاية، إذ أصدرت قراراً بإغلاق المستشفى لمدة 60 يوماً إثر وقوع خطأ طبي آخر لكن هذه المرة كان الضحية طفل صغير من أحباب الله في الأرض، اغتالت أخطائهم الطبية طفولته لتُحرم ذويه من هذه الريحانة.
إجراء حاسم ومطلوب حيال ما نقابله من تفشي لحوادث الأخطاء الطبية.
وكم أسْعَدْتَ قلوبنا يا سعادة الوزير بهذا الموقف القوي المسؤول، بَيْدَ أنَّ سؤالاً يطرح نفسه، لمَ لمْ نَجد هذا التحرك والموقف الرسمي نفسه مع حادثة الدكتور الجهني؟ رغم تشابه الحدثين!
فمنذ عام 1430هـ والمخالفات تتكرر في المستشفى كما صرِّح البيان المُعلن من قبل الوزارة!
الآن سأذكر الفارق بين الحادثين والذي أشرتُ اليه سابقاً، الفارق هو طبقية التعامل مع المواطن، وعدم الحيادية والإنصاف في التعاطي مع الحدثين المُتماثلين.
فليسَ من الإنصاف أن تتم كل تلك الإجراءات والتحركات فقط لأن المتوفي هو حفيد رجل الأعمال المعروف ع. ج، فالمواطنة تُبنى على المساواة كما أن روح الإنسان لا تفَاضل بينها في مثل هذه المواقف الإنسانية، يؤسفني أن التمس هذا الموقف من وزير في قطاع يُحتمل أن يكون منسوبيه ملائكة رحمة وإنسانيتهم هي المحرك الرئيس لأي موقف، فما بال إذا أُزهقت روح بسبب اللامبالاه والإهمال الطبي وعدم الإحترافية المهنية في التعاطي مع الوضع! وتبعا لنظرية جان جاك روسو «العقد الاجتماعي» المواطن له حقوق إنسانية يجب أن تقدم إليه لا أن تُسلب منه، فلا تصنيفات بين المواطنين وزهق أرواح المواطنين جريمة كبرى لا تُغتفر .
فهل هناك مواطن خمس نجوم وآخر بلا نجوم؟
التعليقات (0)