بقلم : سجا شوكت العبدلي
هكذا اصبح حال الشعب العراقي الذي وجد نفسه بعد الغزو الامريكي عام 2003 في ظل واقع ماساوي هو بلا شك امر خارج عن اراده من هجروا من عراقهم وهاموا في ارض الله بحثا عن مأوى امنا لهم ولعائلاتهم التي اعتادت على تذوق ويلات الحرب ،بلا ذنب اقترفوه .
ومما لا يخفى على احد فإن المشهد العراقي الحالي يبدو كمسلسل مكسيكي قد طالت حلقاته ومل المشاهد منه فلم يعد خبر عن مقتل عشرات العراقيين على اقل تقدير يوميا بصوره وحشيه يثير استغراب واستهجان احد.
ووفقا لتقارير المفوضيه الدوليه لشؤون الاجئيين فان اكثر من اربعه ملايين عراقي قد قاموا باللجوء الى العديد من الدول الغربيه والعربيه وهذا العدد مستمر بالازدياد بمعدل تم تقديره ب 2000 شخص في اليوم ، واتخذ البعض منهم من هذه الدول مكانا للاستقرار الابدي بعد ان فقدوا الامل في عوده الامن والاستقرار للعراق كما كان الحال عليه فيما مضى حيث يعتبر العراق الان من اكثر دول العالم خطوره ، هذا مع وجود الفئه الثانيه منهم والتي لا تزال مفعمه بالامل بان يعود الامن والامان الى هذا البلد الجريح ، ولكن هناك قاسم مشترك بين الفئتيين وهو الحلم الذي لا يكاد يفارق مخيلتهم بعودتهم الى بلدهم الام .
وعلى خريطه الوطن العربي وتحديدا في الاردن يعيش اكثر من (نصف مليون) لاجئ عراقي من مختلف الفئات والانتماءات السياسيه والدينيه فأيدي دمار الحرب لم تستثن ايا منهم مهما كانت ديانته او ملته او معتقداته أو توجهاته على اختلافها وتشعبها . مما جعل الاردن المنفد الاول بالنسبه لهم ، ولشعورهم بأن بلداً مثل الاردن هو البلد القريب من وطنهم الذي سيرجعون اليه في حال تحقق املهم بعوده الامان والاستقرار الى بلاد الرافدين، وبالتالي العوده الى العراق مهما طال انتظارهم، وبالاضافه الى العامل الجغرافي فان هنالك العادات والتقاليد الاجتماعيه المشتركه بين الشعبين .
والمراقب لاحوال الجاليه العراقيه في الاردن فانه يرى جليا توزع هذه الجاليه في مختلف مناطق المملكه لكن مع تمركزهم في العاصمه عمان ، فهم يتوزعون ما بين المناطق الراقيه كعبدون ودير غبار والرابيه وما يوازيها من مناطق ، وما بين المناطق التي يطلق عليها لقب " الشعبيه" وذلك تبعا للحاله الماديه لكل عائله فبعد الحرب الاخيره اختلفت موازين الامور فقد افرزت هذه الحرب طبقه جديده يطلق عليها اثرياء الحرب وهم الذين جمعوا ثروتهم بطريقه تكاد تكون غير مشروعه ، في مقابل طبقه تعاني من الحرمان .
والمثير للانتباه هو هذا الاندماج الذي حققته الجاليه العراقيه خلال فتره قصيره في المجتمع الاردني . اخذه بعين الاعتبار الكثير من العادات والتقاليد التي يتقاسمها الشعبان الاردني والعراقي . كقيم الاسره وترابطها والكثير مما جعل هذا الاندماج ليس صعبا . ناهيك عن التسهيلات الي قدمها الاردن للجاليه العراقيه لكي يتمكنوا من الاستقرار باي شكل من الاشكال بعيدا عن الوضع الماساوي الذي كانوا فيه .
كثيرا ما يلفت نظري هذا العدد الكبير من رواد احدى المطاعم العراقيه الشهيره في عمان ، وقد كنت قد اعتقدت بادى ذي بدء بان السر يكمن وراء ما يقدمه هذا المطعم من اكلات عراقيه شهيه ، لكن الامر كان ابعد من ذلك ، فالحنيين الى الوطن كان ما يجمعهم فلا يوجد اجمل من ان يلتقى العراقي بابن بلده ليستعيدوا ذكرياتهم على ضفاف دجله وهم يتغزلون بحبيبتهم بغداد التي وان غابوا عنها جسدا لكنها لم تفارقهم روحا .
كم اعشقك يا نزار لكنني لا آمل بان اظل اردد بيتك الشعري " مواطنون دونما وطن مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن " اما آن الاوان بان يعود العصفور الى عشه ؟؟!!
التعليقات (0)