موائد الإفطار عبث سنوي
في السابق كانت مشاريع موائد إفطار صائم الرمضانية بعيدة عن أعين الرقابة وبالتالي كانت محضنِ للفكر المتطرف ومصدر تمويل للجماعات المختبئة خلف ستار العمل الخيري ، أما اليوم فلم تعد تلك المشاريع الخيرية الموسمية بعيدة عن أعين الرقابة التي يعارضها البعض ويراها معرقلة للعمل الخيري وهي في الحقيقة تنظيم وضبط للإرتقاء بالعمل الخيري وتحييد الأفكار الظلامية عنه ، الموائد الرمضانية موسمية يهرول غالبية الناس لدعمها والتفنن في تقديمها بالمساجد بغية كسب الأجر والمثوبة ، لا ضير من إقامة موائد إفطار صائم بالمساجد فقد يرتادها من يقضي يومه في العمل ولا يجد من يعد له طعام الإفطار لكن أليس من المنطق إعادة توجيه بوصلة العمل الخيري وترشيده بشكلِ يجعله يصل لأكبر شريحة هي في أمس الحاجة لمن يقف معها ويساعدها ، توجيه العمل الخيري وترشيده بحاجة لجهدِ حكومي وعملِ مؤسساتي ومجتمعي كبير وهو ضرورة لكي نصل لنتائج حقيقية وملموسة على أرض الواقع فبوصلته ضائعة والجرس منذ زمنِ بعيد مُعلق ولا من مُجيب .
تقديم موائد الإفطار للصائمين غايته البحث عن أجر وهذه حالة نفسية يتحكم فيها العقل الباطن و يمر بها الفرد بدرجاتِ مختلفة لكن ذلك لا يمنع تقنين تلك الموائد وحصر نطاقها فالمستفيد الوحيد من تلك الموائد واقصد هنا بالاستفادة الاستفادة بمفهومها المالي هو المتعهد الذي إن كان باحثاً عن أجر ومثوبة فلماذا لا يُقدم تلك الوجبات بالمجان أو بمبلغِ زهيد وهذا أضعف الإيمان ، ملايين من الريالات تُهدر على شكل مائدة وما أن ينقضي شهر رمضان تُصبح تلك الموائد من الماضي ويعزف البعض عن التبرع بالجهد والمال وكأن الآجر لا يحصل عليه الفرد إلا في شهر رمضان أو في المساهمة في بناء مسجدِ أو تقديم وجبة إفطار صائم ، المسألة في مجملها فكرية ذاتِ خلفيةِ صحوية وهذه هي الحقيقة التي يتغافل عنها البعض فالصحوة قدمت لنا مظاهر وممارسات تحولت فيما بعد لعاداتِ مقدسة وكأن الدين لا يقوم إلا بها ، لكي يتم تقنين ظاهرة موائد إفطار الصائمين بشكلِ لا يخل بقدسية الشهر المبارك ولا يحرم من آراد الإسهام في ذلك الكرنفال الرمضاني المتوارث يتوجب على الجهات المعنية تكثيف جهودها الرقابية والتوعوية وتحديد مواقع بعينها وعدم ترك الأمر مشاعاً بشكله الواضح والذي اتخذ من عبارة تحت إشراف الجمعية الخيرية أو مكتب الدعوة ستاراً وحاجزاً يمنع أي أحد من الإقتراب ، التوعية بأهمية ترشيد العمل الخيري غائبة وحث الناس على الاتجاه لمصارف ذات أهمية وآثر كبير على الفرد والمجتمع في طيء النسيان ولا يوجد مُبرر يُبرر ذلك خصوصاً وأن العمل الخيري لدينا مقتصر على بناء مساجد أو دعم حلقات تحفيظ القرآن أو تفطير صائمين يستطعيون تفطير انفسهم أو حفر آبار بالخارج وتقديم المال للمحتاجين بدولِ شتى ، الداخل بحاجة لمساجد ومدارس ومستشفيات ودور للآرامل والمطلقات والأيتام ومراكز متخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة ودعم مالي للأسر المحتاجة ومساعدات مالية وعينية لمن آراد إكمال نصف حياته والخ فلماذا لا يتم التوعية بذلك وضبط واقع العمل الخيري بحزمة من الإجراءات والتعلميات فالتنظيم والترشيد ضرورة وفي ذلك خيرُ كبير للبلاد والعباد لو كان قومي يعلمون.
التعليقات (0)