سألته هل سمعت بأنفلونزا الخنازير فقال لا لم أسمع بها لكنه أعقب قائلاً إنها من صنع الغرب وأمريكا وهم الذين لن يتركوا الإسلام والمسلمين من دسائسهم و الكيد لهم فأخبرته عن القلق العالمي عن هذا المرض الذي انتشر عالميا وبدأ يقلق دول العالم ويستنفر كل وزارت والهيئات الدولية التي تعنى بشئون الصحة على مستوى العالم.
عند ذلك أنبرى صاحبي يحلل ويفند ويكيل الاتهامات يمنة ويسرى متهما أمريكا وإسرائيل وأذنابهما بأنهما السبب الرئيسي وراء انتشار هكذا مرض وغيره ، فهما سبب انتشار الإيدز في أفريقيا كي يسهل السيطرة عليها كما أن أنفلونزا الطيور وجنون البقر وحمى الوادي المتصدع وأنفلونزا الخنازير هم ضمن المؤامرات التي تحيكها أمريكا للسيطرة على العالم. وإن مرض الإيدز وغيره من الأمراض هو من أنتاج المختبرات الأمريكية بتمويل من ال CIA .
بالطبع نجد هناك البعض ممن يفسر هذه الأمراض بأنه نتيجة عوامل الفساد في الزمن ومتغيراته وبأن مجتمعاتنا قد انحرفت وانجرفت وابتعدت عن الدين والنساء قد فسدت وبأن الفساد يضرب بأطنابه بين بيوتنا لذلك هذه الأمراض هي عقابٌ ألهي يصيب بني الإنسان نتيجو لذنوبهم وخطاياهم ولعلهم يرجعون ، هذه الرؤية وهذا التحليل إذا كانت المصيبة في المسلمين وفي ديارعم وأما إذا كانت في غيرهم فهو عقاب لأولئك الكفرة والمشركين نتيجة لظلمهم وفسقهم وفجورهم وأن الله يرسل عليهم هذه الأمراض والأوبئة كي تفنيهم وتشت أمرهم و ينبري أولئك المتأسلمون كي يدعون الله بإطالة هذا البلاء والدعاء بأن لا يُبقي الله من الكفار ديارا.
إن لنظرية المؤامرة في عالمنا العربي والإسلامي أنصار من الكثرة بحيث أنهم لا يُحصون و خصوصاً عموم الشارع العربي والإسلامي ، وعلى هذا الوجه والنظرية وأمثالها تبني جماهيرنا العربية مواقفها تجاه الكثير من القضايا بل إن هناك كثير من قيادات الشارع العربي من السذاجة في التحليل إلى درجة أنها تفسر كل شيء مما يحولها عبر نظرية المؤامرة فلو تحاربت قبيلتان من العرب أو نقصت كمية الخبز في المخابز يوما من الأيام في تلك البلدان لاتهموا أمريكا والغرب بالتسبب في ذلك النقص، بل ذهبوا في مقولتهم تلك إلى حد أنهم استخدموا في ذلك مثالاً للمبالغة في توصيف الدور الأمريكي وتضخيمه فقالوا لو طلق أحدهم زوجته وانفصل عنها فأعلم بأن وراء ذلك الطلاق والانفصال أمريكا وأذنابها.
إن الأمر الذي لا يخفى على أحد هو أن أمريكا معروفة بتدخلها في سياسة الكثير من البلدان في العالم لكن المبالغة في توصيف ذلك التدخل والقدرة العظيمة التي يمتلكها يشوبها الكثير من المبالغة والخيال الواسع وهو الأمر التي تتمنى ويطيب لأمريكا أن تسوق لها ويعتقد بها الأخرون كي يسهل عليها السيطرة على الآخرين وكي ترهب الآخر وتجعله أداة طيعة في يدها يأتمر بأوامرها وينتهي بنواهيها ولا يحلم بمعارضتها في يومٍ من الأيام.
نعم هناك مؤامرات تعصف بالأمة وأمريكا والغرب ليسوا بعيداً عنها لكن المبالغة والتضخيم لذلك الدور هو من باب توهين هذه الأمة وإشعارها بضعفها كما أن نفي المؤامرة يجعلنا كالسذج الذين يرحبون بعدوهم في الوقت الذي هو بجانب الباب يحيك الدسائس والمؤامرات كي يقضي على أخر جيوب المقاومة لديهم.
نحن بحاجة لمن يستطيع توصيف وتصنيف والتدقيق في معرفة من يتآمر ولمصلحة من دون إلقاء التهمة جزافاً دون وجود الشاهد القوي والبيان الواضح والحجة الدامغة فإن المؤامرة أصغر مما نعتقد وأكبر مما نتصور.
التعليقات (0)