مواضيع اليوم

مهزلة التسلح العربي!

مهند الموسوعة الحرة

2010-09-15 07:36:08

0

مهزلة التسلح العربي!:
منذ انتهاء الحرب الباردة عام 1990 وغالبية دول العالم قامت بتخفيض ميزانياتها الدفاعية ماعدا دول العالم العربي بالرغم من اتجاه دوله نحو الصلح مع اسرائيل!ومع استمرارية تواجد القواعد العسكرية الاجنبية وتزايد عقد الاتفاقيات الامنية والدفاعية السرية التي سلبت شعيرات الاستقلالية الهزيلة!.
اذا في هذه الحالة لا يوجد ادنى مبرر لاستمرارية ارتفاع النفقات العسكرية مادامت حالة الامن مستقرة وخضوع غالبية الدول العربية للحماية الغربية وانتهاء خرافة تحرير فلسطين الخ من الدعاوى والتبريرات الكاذبة!...بل يصبح الانفاق الدفاعي الكبير قياسا للدخل القومي مجرد عبث لا قيمة له مادام الاستقرار متحقق بأقل كلفة وبأشرس الطرق المتبعة ! ويعد تهاونا خطيرا امام مستحقات المسؤولية الكبرى في ضرورة تطوير المجتمعات التي تعاني من مشاكل ومعوقات التنمية المتعارف عليها.
بعد ارتفاع اسعار النفط عام 1973 والنفقات الدفاعية العربية تستنزف كل الطاقات المالية الناتجة من ارتفاع اسعار الطاقة في العالم وهي احدى الوسائل المستخدمة لاسترجاع اموال النفط، وتتربع السعودية في المركز الاول منذ ذلك الوقت وهي مازالت غير قادرة على الدفاع عن نفسها!وقد اثبتت الاحداث السياسية المتعاقبة عدم قدرتها في الردع فكيف في التصدي والصمود امام هجوم محتمل وقد رأينا ذلك من استخدامها لصدام في التصدي لايران بالنيابة او استدعاء الجيوش الغربية للدفاع عنها عام 1990،كما انها عجزت بشكل فاضح عن التصدي للتمرد الحوثي في شمال اليمن بالرغم من فارق الامكانيات الكبيرة بين الطرفين!وهي بعيدة ايضا عن الصراع المباشر مع اسرائيل التي تحتل جزرا صغيرة لها منذ حرب1967!.
خلال العقود الماضية تتناقل وسائل الاعلام الغربية انباء الصفقات الضخمة للسعودية وعن طريقها يتم تداولها في الاعلام العربي الموجه! وبالرغم من ان تلك الصفقات تخضع للمناقشات المعتادة في دهاليز الانظمة السياسية الغربية الا ان الفساد شملها ايضا بحيث هددت السعودية مرارا بالغاء الصفقات المستقبلية في حالة استمرار التحقيقات فضلا عن معاقبة المرتشين والذين هم غالبا من افراد العائلة الحاكمة!.
لا تخضع الصفقات الدفاعية السعودية كبقية الدول العربية للمناقشة العلنية بل هي سرا من اسرار الدولة المكشوفة عالميا بالطبع! ولكنها لحسن الحظ تحدث عادة مع الدول الغربية التي يتم تداول المعلومات بحرية اكبر كجزء من طبيعة النظام السياسي المكون من حكومة ومعارضة وسلطة قضائية ووسائل اعلام،وهذا يعني ان دواعي السرية مفقودة مادامت وسائل الاعلام تتناقلها بحرية تفصيلية!ولكن تبقى حالة انعدام او ضعف المعارضة المحلية المؤثرة في منع حدوث تلك الصفقات النازفة للاقتصاد المحلي فضلا عن القبول بمناقشتها ولو من باب الادعاء بفتح المجال للنقد!وهي مستمرة بشكل يبعث على اليأس من حدوث ولو تغيير شكلي في قرارات السلطة،ولذلك نرى استمرار عقد الصفقات وبطريقة مريبة تتضمن ضخامة في الحجم وفساد في الاجراءات وضعف في القدرة التشغيلية مع انعدام في الاستخدام بسبب عدم الحاجة اصلا لها او عدم حدوث صراع ساخن يستهلكها وبالتالي يبقى جزءا كبيرا في المخازن يأكله الصدأ والزمن!.
الصفقات الاخيرة الضخمة(92010) التي اعلن عنها بين امريكا والسعودية والتي تقدر ب 60 مليار دولار مع اخرى بقيمة 30 مليار دولار لتحديث الاسطول البحري هي الاضخم في التاريخ لحد الان وهي واحدة من الصفقات العديدة التي عقدتها السعودية دون ان تحقق لها اي امكانية للدفاع او الردع!...وهذه الصفقة تشمل فقط طائرات اف-15 وطبعا منزوع عنها الاجهزة الاكثر خطورة مع طائرات هليكوبتر للاسناد وتحديث وصيانة قسم اخر!...وهذه الصفقات عادة تمرر دون ان تجد معارضة في داخل امريكا او من جانب اسرائيل لان عدم استخدامها حتمي في حالة فرض حصول القدرة التشغيلية لها!وهي تحقق فرص عمل وفوائد كثيرة للاقتصاد الامريكي حتى قيل ان الصفقات الاخيرة ممكن ان تحقق 77 الف فرصة عمل في القطاع الدفاعي في 44 ولاية! ولذلك تتنافس الدول الغربية فيما بينها للحصول على حصة ولو محدودة من سوق السلاح في الشرق الاوسط!.
من ناحية اخرى فأن الاسعار الخرافية المبالغ بها هي مثيرة للانتباه فالنوعية والكمية لا يستدعيان ابدا هذا الكم الهائل من الدفع،وللمقارنة فقد عقدت اسرائيل صفقة اخرى مع امريكا لتجهيزها بطائرات اف-35 الاكثر تقدما مع سعر اقل مما يجعل احتمام حصول رشاوى وعمولات امرا حتميا!.
وفق احصائيات معهد السلام في استكهولم لعام 2009 فأن النفقات الدفاعية السعودية وصلت الى حوالي 41.3 مليار دولار بالاسعار الجارية مما يجعلها في مقدمة الدول في الانفاق الدفاعي في العالم وهو يشكل حوالي 10%من الناتج القومي المحلي،وهي نسبة كبيرة بالمقارنة مع الدول الغربية او في بلد تشكل البطالة نسبة عالية مع الاعتماد على العمالة الاجنبية والواردات المصنعة،بينما تصل النفقات الدفاعية لايران حوالي 9.2 مليار واسرائيل حوالي 14.3مليار! وهما اقوى بكثير من السعودية،كذلك فأنه يفوق حجم الانفاق الدفاعي لبلاد في حالة تهديد امني مستمر ولها اقتصاد اضخم مع جيوش اكثر عددا مثل كوريا الجنوبية وتايوان!.
كان الاولى بالحكومة السعودية تخفيض الانفاق والغاء تلك الصفقات التي لا تؤثر في ميزان القوى في الشرق الاوسط ناهيك عن اخذ العبرة من الصفقات السابقة التي لم تحقق شيئا! وتحويل تلك الاموال الضخمة اما لبناء الاقتصاد المدني او على الاقل بناء صناعات دفاعية ضخمة سواء في الداخل او في الدول العربية والاسلامية المتحالفة معها عن طريق الاستثمار المباشر مثل مصر وباكستان وغيرها تمنحها السلاح المجاني بالاموال السعودية وبالتالي الحفاظ على الاموال من التبذير الغير مبرر اطلاقا وتأسيس قاعدة شعبية في الداخل والخارج تكون مؤيدة لها بدلا من حالة دفن الرؤوس في الرمال من المواجهة مع انتشار المعارضة لها التي اصبحت علنية كما هو معروف من وسائل الاعلام الحديثة وبخاصة من شبكة الانترنت المفتوحة للجميع!.
ان تلك الصفقات لا تشمل فقط حالة السعودية بل ايضا في اغلب البلاد العربية ولكن ضخامة الصفقات السعودية مع شيوع حالة الفساد المرافقة تغطي دائما على الصفقات الاقل حجما! كما ان انعدام التخطيط وضعف الحرص على التوازن مع الاحتياجات الحقيقية لحجم الانفاق الدفاعي هو حالة شبه مستعصية على الفهم،وكما ان غالبية الدول تقوم بالترشيد في حجم النفقات لتوفير الاموال لبناء الاقتصاد وتوفير الخدمات،فأن الاستجابة لذلك شبه معدومة في حالة الدول العربية التي تفضل الامن والدفاع على توفير الحاجات الاساسية للانسان!.
الانفاق الدفاعي العربي الضخم بصورة عامة والسعودي بصورة خاصة هو مثال بارز للعبثية العشوائية في الحكم وضعف الشعور بالمسؤولية مع تجاهل حقوق مجتمعاتها الصامتة!.





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات