الحوار المتمدن - محمد حسن فلاحية ـــــ
حرص النظام الإيراني في العقود الثلاثة الماضية على أن يستغل الإعلام كجندٍ يحارب به من يرى فيهم خطراً وأن يستمدّ عبره في نفس الوقت شرعيته الضائعة بسبب أعماله الغير شرعية وانتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان وذلك ليس بصورة مهنية بل بصورة بدائية مفضوحة لا تنطلي على أحد سوى على أولئك الذين يصلّون نحو قبلة طهران خمس أو ثلاث مرات في اليوم.
ففي الثالث عشر من شهر كانون الأول-ديسمبر2011 بثت محطة " برس تي في " الناطقة بالإنجليزية والتي تتخذ من لندن مقراً لها فلماً توحي مشاهد منه للوهلة الأولى بأنّ أولئك الشبان الأحوازيين الثلاثة الذين انتزعت منهم اعترافات وقامت ببثها قد قاموا بأعمال مسلحة وماشابه ذلك .
علماً بأنّ المحطة الإيرانية الناطقة بالإنجليزية "برس تي في " هي مملوكة للمرشد مباشرة و تدار من طهران برئاسة محمد سر افراز وهو قائد حرسي يدير كلاً من قنوات "العالم ، الكوثروسحر" واضافة الى الفضائيات المذكورة يقوم بتمويل قنوات "المنار - حزب الله " والفرات العراقية وقنوات طائفية أخرى في المنطقة " ويعرف القسم الذي تتبع له برس بـ "برون مرزي -أي ـ الإعلام الموجّه".
تحت عنوان اعترافات "خلية إرهابية " قامت القناة الإيرانية ببث شريط متلفز يحكي قصة ثلاثة شبّان أحوازيين هم " طه حيدريان ، هادي راشدي وهاشم شعباني "قاموا بعمل مسلح ما ضد النظام حسبما يبين الشريط واستخدمت القناة عنواناً مثيراً :
"Al-Ahwazi terrorist group in Iran"
لكي توحي للمشاهد الغربي بأنّ عرب الأحواز هم ارهابيون وكل من يعمل في هذه المنطقة سواء "كان عمله سلمياص ثقافياً مطلبياً " هو ينهل من مناهل البعث العراقي .
و تظهرالقناة صوراً تترافق مع لقطات الفلم تعود لصدام حسين وقادة عرب أخرين و تعتبر من ينشط في المنطقة لا شك انه إما عميلاً أو ينتمي الى القتلة أو المجرمون وتنصح المنظمات الإنسانية الغربية بصورة غير مباشرة برفع اليد عن هؤلاء الذين هم إرهابيون بنفس الوقت وصداميون وانفصاليون يريدون فصل منطقة غنية بالثروات عن إيران لكي يحولوها الى محمية تعبث بها فلول "القاعدة والبعث العراقي " .
من ثم تنقل القناة في عرضها المسرحي نحو تلفيق التهم ضد الشباب الأحوازيين الثلاثة من خلال ما أطلقت عليه عبارة إعترافات في حين أنّ إمارات التعذيب واضحة على وجوه المعتقلين بين اتهام الجهات التي تدعم التحرك الأحوازي وهي دول مثل "مصر " حسني مبارك وليبيا معمر القذافي و الدول الغربية التي تؤوي اللاجئين الأحوازيين "الدنمارك ، بريطانيا ، كندا وهولندا وأخيراً الولايات المتحدة الأمريكية ".
من خلال معرفتنا عن بعد بعدد من المعتقلين المذكورين وتجاربنا في السجون الإيرانية والإعترافات التي تؤخذ من السجناء ومن ثمّ تبث على القنوات المحلية أو الدولية المملوكة للنظام الإيراني فإنّ هذا النظام يحاول إيصال رسالة مغلوطة للمجتمع الدولي ويشوّه من التحركات داخل المناطق الإثنية وعلى راسها الأحواز وبالنهاية يقوم بتصفية من يظهره على أنه الجلّاد وأنّ النظام ضحية وبرئ في حين أنّ العكس صحيح .
هؤلاء الشباب لا صلة لهم بالإرهاب وكل عملهم يتلخص في مجالات الثقافة والأدب والتراث والعمل السلمي المدني وحسب وإنّ ما صاغته القناة بصورة تقرير تلفزيوني هو عبارة عن تقرير استخباراتي يعدّ الأرضية لإعدام هؤلاء الشباب حتى يزرعوا الخوف في قلوب الأحوازيين من أي نشاط مدني وثقافي في المستقبل خصوصاً أنّ المنطقة حبلى بالأحداث ومقبلة على تغييرات
جذرية .
جاءت الإعترافات دونما شك تحت التعذيب لم يسمح لهؤلاء بتوكيل محامٍ يدافع عنهم وسارت التحقيقات في ظل غياب المحاكمة العادلة واستبقت هذه الإعترافات التلفزيونية النطق بالحكم في محكمة صالحة فكيف يمكن تصديق الرواية الإيرانية الرسمية وعلاقة هؤلاء الأشخاص الأحوازيين الأبرياء بعمليات مسلحة و هم لم يتمتعوا بأبسط حقوقهم التي نصت عليها معاهدة "جنيف " وغيرها ؟.
ناهيك عن هذه المسرحية التلفزيونية فيتمكن الأحوازيين في الخارج التقدم الى المحكمة الدولية العليا وكذلك المحاكم الأوروبية وغيرها ضد قناة "برس تي في " لانتهاكها حقوق الأسير ولا ننسى قبل فترة حيث أدانت محكمة بريطانية هذه القناة بعد أن تقدم أحد الصحفيين الإيرانيين "مازیار بهاري " والذي تعرض لحادث بث اعترافاته من قبل هذه القناة في فترة سابقة وهو كان في سجن "إفين ".
لمشاهدة الفلم الدخول على الرابط التالي :
http://www.presstv.ir/Program/215617.html
التعليقات (0)