واخيرا، وفي لعبة مفضوحة و معروفة و مکشوفة االمقاصد و الاهداف، وبعد فترة من المناورات السياسية و الامنية و العسکرية، والتي شارکت فيها کل من حکومة السيد نوري المالکي"کمنفذ مباشر"، والحکومة الايرانية"کصاحب قرار"، والحکومة الامريکية"کمراقب إنتهازي"، أقدمت القوات العراقية المدججة بمختلف صنوف الاسلحة المدرعة و الرشاشة و مختلف معدات و وسائل مکافحة الشغب، على مهاجمة معسکر أشرف للمعارضة الايرانية، و قد سقط 31 شهيدا من بينهم ستة مجاهدات و المئات من الجرحى لحد ساعة کتابة هذا المقال، أثر هذا الهجوم غير الانساني و البعيد کل البعد عن أبسط المعايير و الموازين الانسانية و الدينية و الاخلاقية وقبل کل ذلك هو إنتهاك فاضح لکل القوانين و الاعراف الدولية بما فيها معاهدة جنيف الخاصة بحقوق الاسرى و اللاجئين.
قرار الهجوم على أشرف و تنفيذه بهذه الصورة الدموية حيث شارك فيه مالايقل عن 2500 من أفراد الجيش العراقي، جاء إمتثالا"لامناص منه"لأوامر قادمة من شخص الولي الفقيه و کذلك عرفانا بالجميل الذي قدمته إيران للسيد المالکي عندما أعادته"رغم أنف آراء الناخبين العراقيين"لمنصب رئاسة الوزراء أمام مرئى و مسمع من العالم کله، وقد جاء تنفيذ هذا القرار متزامنا مع التراجع و النکوص و الخذلان الامريکي في ليبيا حيث وجدت طهران بأن الفرصة مواتية لتنفيذ قرارها الاجرامي بمهاجمة الاشرفيين العزل و إسکات هذا المنبر الذي يستلهم منه الشعب الايراني الکثير من دروس و عبر المقاومة و التصدي و الفداء، وبهذه اللعبة المقيتة وهي بذلك تنتهز و تستغل کعادتها أية فرصة متاحة لتحقيق أهدافها.
ان رضوخ حکومة السيد نوري المالکي في شخص المالکي نفسه لتنفيذ هذا القرار، و ذلك الصمت الامريکي المطبق و الموقف الدولي الهزيل من هکذا مؤامرة إجرامية ضد معارضين إيرانيين مثبتة مواقفهم و أحوالهم الشخصية لدى المنظمات الدولية ذات الصلة، يثبت خطورة الدور و النفوذ الايراني غير المحدود في العراق و يعيد الى الاذهان مرة أخرى ماهية و مصداقية الاستقلال العراقي في ظل هيمنة سياسية ـ فکرية ـ أمنية إيرانية على العراق و قراره السياسي، بل وان مفهوم السيادة العراقية قد باتت مطعونة في أمرها عندما تفرض خيارات إجرامية من هذا النوع على حکومة لاتملك شيئا سوى الرضوخ للإرادة الايرانية، والحق أن الکثير من أفراد الحکومة و المسؤولين العراقيين مازال النظام الايراني يعاملهم بذات الاسلوب عندما کانوا متواجدين لديها في قم و طهران و کرمانشاه، وان الوقت قد حان لکي يتم مقاضاة هکذا ساسة مسلوبي الارداة و الضمير وان هذه الجريمة النکراء سوف تبقى في الذاکرة الانسانية و ستسجل کوصمة عار في جبين النظام الايراني و الحکومة العراقية، لکن يقينا لن تمر هذه الجريمة من دون دفع فاتورتها الباهضة جدا وان النظام الايراني الذي يستقر وجوده و مستقبله حاليا على کف عفريت، حيث يترنح أمام الرفض الشعبي و يتوجس ريبة من الانتفاضة الايرانية العارمة التي ستنطلق في أية لحظة، يظن بأن إحتلال أشرف سوف ينهي مشاکله و أزماته الخانقة مع الشعب، لکن سوف يجد أن کل قطرة دم أسالها ظلما و إجراما في أشرف ستبعث الحماس و الايمان بالقضية في نفوس مئات الالوف من الايرانيين، ذلك أن من سقط في أشرف مضرجا بدمائه لم يکن في نزهة وانما کان يحمل في أعماقه قضية حرية شعب و وطن آمن به طوال العقود الماضية و دفع حياته ثمنا لها.
التعليقات (0)