قرأت في وكالة أخبار المجتمع السعودي الخبر الذي نشر عن حكاية المواطنة السعودية التي تعرضت للتهديد بالضرب مع أطفالها في الشارع ورفض الموظف في شرطة الخُبر استقبال بلاغها بحجة عدم وجود محرم وكان المعتدي مراهق حاول احتجاز السيارة التي تستقلها قبل أن يلوذ بالفرار.
و أنا شخصياً حدثت لي قصة مشابهة منذ فترة غير بعيدة وفي مركز شرطة الخبر عندما رفض الضابط استقبال بلاغي إلا في حال حضور محرم أو حضور رجال من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وكما رفض رجل الأمن استقبال البلاغ كذلك فعل رجال الهيئة, فالجهة الأمنية الأولى رفضت البلاغ بحجة حضوري بدون رجل وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رفضت مساعدتي بحجة أني متبرجة وبررت رفضها بأني لا أستحق المساعدة بل يجب أن أشكر الله على أن (المعتدي) لم يفعل ماهو أكثر من ذلك !
وهذه الواقعة تحديداً جعلتني أثور ضد كل هذا الاضطهاد وأبدأ حملة (أريد حقي فقط - الحقوق المسلوبة) واليوم تتكرر تفاصيل هذه المآسي في أرجاء الوطن ونحن لا نزال ننتظر من ينتصر لكرامتنا نحن النساء السعوديات !
هذه السيدة عندما حصلت على هاتفها من الوكالة وتحدثت إليها كي تخبرني بتفاصيل الحادثة رغبة مني في فتح الموضوع من جديد خصوصاً وأني تقدمت قبل أكثر من عام مضى ببلاغ رسمي ضد الضابط وضد رجال الهيئة ( الفرقة ×× ) ولم يحدث أي تطور يذكر في الموضوع قالت لي: أن كنتِ ياخلود متبرجة فـ أنا مستترة بعرفهم (عباءة رأس ونقاب) ومعي أطفالي" ومع ذلك رفض الضابط مساعدة المرأة في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بحجة غياب الـ محرم!
إن من أحط الخصال التي يمكن أن توجد في رجل هي انعدام النخوة والمرؤة فكيف لو كانت صفة من يفترض أن تكون من أهم صفاته, أيحق لي أن أتساءل ماذا لو كان المعتدى عليها لا تحمل الجنسية السعودية .. وماذا لو كانت أمريكية أوأوروبية هل سيتعامل معها الضابط بهذا التمييز العنصري البغيض.. وهل سيتدخل رجال الهيئة في الموضوع..؟
أم أن هذه القوانين المعيبة الظالمة للمرأة ترفع شعار العنف في التعامل مع المرأة السعودية فقط على أساس أنها كائن فاسد وقاصر غير مؤهل وغير مستقل وتحت شعار الدرة المصونة والجوهرة المكنونة.
يؤسفني القول بأن وجود المواطنة السعودية أصبح في عرف البعض مرادفاً للانحلال فوجود المحرم هو الأمر الوحيد الذي يثبت حسن سلوكها وشرفها حتى ولو كان حضورها في مركز أمني!
المضحك والغريب في الموضوع أن هيئة الأمر بالمعروف تحل مكان المحرم في مركز الشرطة.. بمعنى أن رجل الأمن يُنظر له بعين الشك والريبة وبأنه شخص غير مؤتمن على النساء بشكل عام وشخص غير مؤهل لاستقبال بلاغ أي سيدة عكس رجال الهيئة الذين يتحدثون مع الفتيات بشكل سري في قضايا الابتزاز ويحصلون منهن على الأدلة المادية وفي غفلة من (المحرم) بدعوى الستر على الفتاة !!
وحسب تصريحات أحد مسئوليهم قبل فترة بأن الهيئة توفر الوضع الآمن لضحية الابتزاز وتوفر السرية التامة فماذا عن الشرطة هل هي لاتوفر السرية ولا الوضع الآمن مثلا.. وهل أصبحت الهيئة تحل مكان المحرم في القضايا الجنائية مثل التحرش والابتزاز والتهديد, لكن السؤال الذي أتمنى أن أجد له إجابة ما الفرق بين الرجل ضابط الأمن وبين رجل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, هل القانون يقول بأن رجل الشرطة شيطان ورجل الهيئة ملاك..؟
أو أنه يجب على المرأة السعودية أن تأتمن رجال الهيئة على عرضها ولا تأتمن رجل الشرطة على عرضها.. على الرغم من أن رجل الشرطة رجل معروف بـ إسمه ورتبته ورجال الهيئات مجهولين فهم أبو معاذ وأبو سعد وأبو سفيان أويسمون حسب أرقام الفرق كما ذكر لي الضابط الذي لم يستطع أن يتعرف عليهم أو على أسمائهم فهو يتعامل معهم على أساس رقم الفرقة المناوبة تلك الليلة لا أكثر !
وبما أن الحكومة الرشيدة كلفت جهات معنية بدراسة مشكلة ظاهرة ابتزاز الفتيات والبحث في وضع قانون للتحرش الجنسي فأنا هنا أعبر لهم عن بعض من التجاوزات التي تحدث وتخالف كل الأنظمة والتوجيهات التي أصدرت مما يشكّل تعارضاً وتناقضاً مع كل التوجيهات السامية الواضحة والمتفاعلة مع قضايا التحرش والتهديد والابتزاز للنساء, فأنا وهي وغيرنا عندما ذهبنا إلى مركز الشرطة كنا نعتقد أن كل من في المركز في مثابة المحارم لنا ورجال أمن وضعوا لخدمتنا وحمايتنا .
نريد من حكومتنا حفظها الله أن تنتصر لنا.. فكم من نساء مستضعفات لا يجدن وسيلة إلى نشر معاناتهن مع المحرم أوولي الأمر أو الزوج أو الجهات الأمنية أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. لانريد أكثر من القضاء على كافة الأنظمة التي تتعامل مع المرأة بدونية تمس كرامتها الآدمية وهويتها الإنسانية وتضر بـسمعة وطنها ودينها .
التعليقات (0)