تضع فلورنس رأسها في صندوق الكرتون وتنام ..هذا هو سريرها وهذه هي مخدتها وفي تخلد للنوم في الصندوق المصنوع من الكرتون بهناء وسعادة وتحلم قد تحلم او لا تحلم ..لا اعرف ولكنها تنام من دون اي وخز في الضمير. فهي على عتبة شهرها الاول وصحيح انها ابنة لرئيس الحكومة البريطانية ولكنها تنام اكثر مما ينام ولو في صندوقها الكرتوني...
اختها الكبرى نانسي (6 سنوات) قامت بتزيين الصندوق لكي تنام شقيقتها حديثة الولادة فيه ..كل الاطفال يستمتعون بالنوم وكل الكبار يأرقون ..يولد الاطفال من دون هم ويكبر الهم معهم حتى يختصرون ساعات النوم ويكادوا لا ينامون..احلى ما في الاطفال براءة احاديثهم وبراءة اسئلتهم وبراءة نومهم ولو في صندوق من كرتون...
لا تعرف فلورنس انها ابنة رئيس حكومة ولا تعرف انها قادرة على ان تنام في سرير من ذهب وانها ليست كغيرها من الاطفال في عمرها فهي ولدت وفي فمها شبه ملعقة من ذهب ..وتجهل فلورنس ان والدها ربما لا ينام فيحمل برأسه الذي يضعه على سريره هموم بلد ومشاكل شعب وقضايا عالمية ..
هل ينام السياسيون ؟هل يخلدون الى نوم عميق ؟
لا اعتقد ..بل على العكس اؤكد العكس ..انا حبر اكاد لا انام بسبب الوضع في لبنان ,امضي الليل افكر في عائلتي وبلدي ومدينتي وطائفتي وخوفي وهلعي وغضبي وحقدي ..لا استسلم الى نوم عميق, اخاف الحرب فأستسلم للأرق ينتزعني من سريري من غرفتي ويضعني امام شاشة التلفزيون ولوحة مفاتيح جهاز الكمبيوتر لعلني اسمع خبرا جيدا او ارى ابتسامة طيبة ترتسم على وجه سياسي لبناني يدلي بتصريح اوحتى اقرا بين حروف الحروف اي امل بطوق نجاة..فلا انام ويطير النوم من عيناي ..
هل هو ينام بعد ما قاله ؟ هل يضع راسه على المخدة ويعد حتى العشرة ليكون قد غرق في سبات عميق؟
هو ينام وانا لا انام ..انها اشعة الشمس الاولى ما زلت اجلس في مكاني اعصر افكاري لعلني اجد حلا للمحكمة ولحزب الله لعلني اجد المخرج الآمن للبنان , لبيتي هناك, لعائلتي, لمدينتي ,كيف ينام هو وانا لا انام؟ هو من اقلق راحتي وطير النوم من عيني هو من اخافني وارعبني وزاد من احتقاني ...لأستمع لأرى لعلني اجد بين السطور بين الاحرف اي فسحة امل ..ها هو من جديد يظهر على الشاشة يتكلم ويجري في حديثه لم يتعب ولم يكل لم يقلق ولم يأرق ونام كما تنام فلورنس هي في صندوقها الكرتوني وهو في سريره , هي من دون وخز ضمير وهو من دون ضمير ..
التعليقات (0)