عندما نسمع الفاظاً قبيحة نستهجنها ، لا نتقبلها ، نرفضها لآ أن حروفها قبيحة ولا ان اللفظ بشكله وتركيبه اللغوي قبيح الا ان من وقع عليه اللفظ ومن اطلق عليه اللفظ قبيحاً بمعنى ان الموصوف قبيحاً وليس الوصف ..
كثيرأ مانواجَه بالانتقاد عندما نتكلم بامور البلاد ونقيَم ونصحح وننتقد فيقال لنا
( لاتحجي بالسياسة سولفنّه باللي يوكلنَه خبز - السياسة متوكلنه خبز )
او ادخل للمقهى اجد صاحب المقهى كاتب بورقة صغيرة ( احجي بكل شئ بس لاتحجي بالسياسة )
والآن اسأل : هل كل الشعوب تشمئز من كلام السياسة ولا تتقبله ام فقط الشعب العراقي ؟
عندما نلتقي مع الاخوة العرب وغيرهم في النت وغيره نجدهم يتقبلون الطرح السياسي بعكس الأعم الأغلب من الشعب العراقي والسر في ذلك يرجع الى امر مهم وهو :
دعنا الآن نحلل ذلك الاصطلاح او المفهوم وهو ( السياسـة ) ومثل ما يقولون ( نخلي ايدنا عل العلة )
ذكر ابن الأثير في كتابه النهاية في غريب الأثر قوله : السِّياسةُ : القيامُ على الشيء بما يُصْلِحُه : حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام [ كانت بنو إسرائيل تَسُوسُهم أنبياَؤُهُمْ ] أي تتولّى أمورهم كما تفعل الأمراءُ والولاةُ بالرَّعيَّة
اذن اتضح جلياً معنى السياسة وهو ادارة شؤون العباد وامورهم ورعايتهم فعندما يقف نبياً من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويقول للظلمة من الناس يا قوم اوفوا المكيال والميزان ولا تبخسوا الناس اشياءهم – انها سياسة .
وعندما يقف نبينا الأعظم عليه واله وصحبه الميامين افضل الصلاة والتسليم عندما اختلف العرب وكبار القبائل كل منهم يريد ان يرجع الحجر الى مكانه بعد ان حركته الريح لانهم يرون ان القبيلة التي ترجعه يسجل لها الشرف ضجت كبار القبائل وتصارعوا كل منهم يريد ارجاع الحجر فتخاصموا واتفقوا على ان اول من يدخل عليهم الكعبة هو من يحل نزاعهم فكان اول من دخل هو نبينا الأكرم عليه واله الصلاة والسلام ففرش رداءه ووضع الحجر عليه وقال كل كبير عشيرة يمسك طرف من الرداء وشاركت جميع القبائل باسترجاع الحجر مكانه فقام النبي عليه الصلاة والسلام بتسوية الأمور وحل نزاع ممكن ان يتطور وتحصل طائفية او عنصرية ودماء هل هذه الآ عملية سياسة حقيقية صادقة نقية حلت النزاع والخصام .
عندما يفترش الإمام علي عليه السلام الارض ويخرج رغيف خبز الشعير ويأكله بعد ان كنس بيت المال ووزعه على مستحقيه فيكتفي بقرص الشعير ويقول تعساً لمن ادخله بطنه النار ، ثم ويقول :
( هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الاطعمة ، ولعل بالحجاز أو باليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع ، أو أن أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى ، أو أكون كما قال القائل : وحسبك داء أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحن إلى القد ءأقنع من نفسي بأن يقال : أميرالمؤمنين ، ولا اشاركهم في مكاره الدهر ؟ أو أكون اسوة لهم في جشوبة العيش ؟
اليست هذه سياسة ؟
اليس ذلك هو السياسي الناجح ؟
نعم انها السياسة السليمة الصحية الصحيحة التي وصفها الإمام علي عليه السلام قائلاً ((رأس السياسة الـرفق بالرعـية )) لا نطلب من السياسي ان يعمل كما عمل الامام علي عليه السلام بل على اقل التقادير ان يعمل بعشر عشير معشار من هذه الصفات .
فإذا كان هذ ديدن الأنبياء والاولياء وخطابهم ونصحهم للناس فهل نقول بعد ذلك يا نبي يا إمام كفى لا تتكلم في السياسة تكلم باللي يوكلنه خبز ؟!!
اليوم مشكلتنا مع السياسي وليس السياسة السياسي الناجح هو من يلتفت للرعية ويستقوي بها لا ان يخدعها ويغشها وان كان سياسياً ناجحاً وادار شؤون بلاده ادارة سليمة حصل الرضا الإجتماعي بمعنى نال رضا المجتمع وهذه فائدة تسجل له كون انه سيلتصق بذلك الكرسي لأن الناس من سيلصقه بسبب حبها له ولسياسته الناجحة اذا كان هو من هواة الكرسي فهنا يتضح جدا جدا ان هناك علاقة عكسية بين الرضا الأجتماعي وبين الإستقرار السياسي والإستقرار اقصد به الادارة السياسية المهذبة .
لما دخل العراق الى الكويت عام 1990 رفض الشعب الكويتي ان يكون محتلاً لأنه كان راضياً على سياسييه وحكومته على العكس من العراق الذي كان رافضاً وكارهاً ومبغضاً لحكومته فاستقبل الاحتلال بالورود .
الآن اشعر ان السر انكشف في ذلك ان الذي يكون قبيحاً ومكروهاً ولا يوجد من يدافع عنه ويريده هو السياسي الفاشل وليس اصل السياسة الذي يفسد هو السياسي الذي لا يراعي شؤون بلاده ورعيته لا مفهوم السياسة وعندما تسير وفق نظام المكر والخديعة تصل في الناس مرحلة اليأس من السياسيين فتشمئز من السياسة والسياسي معاً لهذا السبب يعلق صاحب المقهى وغيره ورقة في محله ويكتب فيها :
( احجي بكل شئ و لا تحجي بالسياسة )
امير الدراجي
التعليقات (0)