اذا شئت الانتقام من عدوك فادعو الباري عز وجل ان يجعل حاجته في احدى دوائر الدولة, فعندئذ تكون قد انتقمت منه اشد انتقام,ما دفعني لقول ذلك هو شدة المعاناة التي لاقيتها وعشتها اثناء مراجعتي للعديد من الدوائر,حيث وجدت وشاهدت الشي العجاب,خلال تلك المراجعات المريرة,فالروتين لا زال المرض العضال المستشري في اغلب مفاصل الدولة, والواسطة هي الفيصيل في حسم نزاع التأخير والروتين,
ويبدو ان حظي العاثر لم تشفع له حتى الواسطة (القوية) كيف ؟
اثناء مراجعتي لاحدى الدوائر التي لا احبذ ذكر اسمها كي لا اشعر بالاسمئزاز والقشعرية, اصطدمت بالعديد من العقبات الروتينية التي لاتغن ولا تسمن من جوع سوى انها وجدت (لمرمطة) المراجع وبهذلته,واخذت بالمجي والذهاب لعدة اسابيع, الى ان تذكرت احد الاصدقاء الذي تغيرت احواله بليلة وضحاها,وصار احد الشخصيات المهمة, ولجأت اليه لغرض مساعدتي في هذا الامر,فمعارفه كثيرة, وقد اشار علي قائلا : اذهب الى معاون المدير استاذ(ا) وقل له : اني من طرف الحاج(ع) فسيقوم لك بالواجب وينجز معاملتك في غضون دقائق,
اسرني هذا الكلام, ولم تسعني الفرحة,وانتظرت انفلاق الصباح في تلك الليلة التي لم يغمض لي فيها جفن الا قليل, وما نا اشرقت الشمس حتى شددت رحالي لتلك الدائرة والهمة والابتسامة تعلو وجهي المفارق لها لايام بسبب تقاذفي من موظف لاخر دون نتيجة, لااطيل عليكم دخلت الدائرة بعد ان القيت التحية على رجال الحرس وموظفي الاستعلامات, فقد باتو يعرفوني, لكثرة ترددي عليهم, وفي كل مرة يسألوني:اين وصلت اوراق معاملتك؟ الله يكون بعونك! استريح اشرب شاي, وقال احدهم :اراك اليوم قوي العزيمة خلاف بقية الايام الماضية ,فاجبته: ساحسمها اليوم انشاء الله, قصدت غرفة المعاون فقال سكرتيره : ان السيد المعاون في اجتماع مع السيد المدير العام ومن المحتمل ان يستمر الاجتماع لساعات, في هذه الاثناء خرج المعاون فقصدته قائلا له : انا من طرف الحاج (ع) فرحب بي وقال : انتظرني عندما ينتهي الاجتماع حتى ندخل على المدير ,
عاد المعاون الى الاجتماع, وخرجت ادخن سيكارة, وعندها دخل رجال الامن الى الدائرة وحدثت ضجة مع الحرس, احد رجال الامن كان برتبة رائد, والاخر نقيب وبيده كتاب القاء قبض, وهو يقول للحرس : اين هولاء ؟ هل هم موجودين؟
بعد دقائق قليلة , انفض الاجتماع المنعقد برئاسة المدير, وخرج المعاون يهرول نحو سيارته, وما كان بي الا اللحاق به والمعاملة بيدي, استاذ .. استاذ.. استاذ.. لم يلتفت لي , ادار محرك السيارة وانطلق بسرعة , سالت سكرتيره عن سبب خروجه بسرعة لم يجبني, ذهبت للحرس اجابوني : ان رجال الامن جاءو لاعتقال ثلاثة اشخاص من بينهم السيد المعاون, بتهمة الفساد!
ضحكت بصوت عال, رغم ان الدمعة كانت تغازل رمش عيني من اجل النزول,
اقول: اما ان الاوان ان يعامل الانسان العراقي وفق معيار الانسانية, وان يشعر المواطن بانسانيته, بان له حقوق كما عليه واجبات, وان موظفي الدو لة من اعلى المناصب الى ادناها, قد وجدو لخدمته لا لتقاضي الرواتب كاملة الدسم, واكل السندويتشات, وشرب الشاي, اثناء الدوام ,وترك المراجعين في طوابير الانتظار ودوامة القلق والحيرة ,
ان السكوت على هكذا مخالفات مغلفة باطار الروتين,من شأنه ان يخلق ديكتاتوريات وان كانت صغيرة, في مساحتها الوظيفية, وصولا الى اوسع المساحات, لذا لا بد من اعتقال ذلك الروتين, الذي يتخذه الفاسدون واللصوص مظلة لهم,
ترى من يعتقل الروتين, وكيف.
التعليقات (0)