د.ازهار رحيم
ـــــــــــــــــــــــ
لا أحبذ استخدام كلمة النساء أو النسوة في الحديث أو الكتابة … لأنها توحي إلي بانها مشتقة من كلمة نسيان … افضل استخدام كلمة المرأة ،وهي الأقرب الى قلبي لأنها تشعرني بحرارة وشفافية هذه المخلوقة الجميلة التي خلقت من المرء ويعني الشئ الحي وهو الرجل، وبالذات من ضلعه الأقرب الى قلبه،..ربما لهذا السبب يبقى الرجل أسيرا طوال عمره لجاذبية هذه المخلوقة ،وحائرا بين ان يعشقها ويتملكها وبين عقابها ان تمردت او حاولت الهروب من سجنه…. كثير من الرجال يلجأون الى مختلف انواع العنف في تعاملهم مع المرأة ،بدءا من العنف الكلامي مثل استخدام الفاظ جارحة ،الى ضربها وقد يصل به الى اصابتها بعاهات جسدية ،ومع كل التطور العلمي وانفتاح الحضارات على بعضها وكثافة التواصل الانساني بين البشر و سقوط كثير من الموانع مثل الحدود السياسية كما حدث في دول الاتحاد الاوربي وتمازج التيارات الفكرية، ما زال الرجل… هو الرجل، سجين انانيته وتفوقه الذكوري.
تتعرض المرأة في شتى بقاع العالم الى مختلف انواع العنف من الرجل، لكن المرأة الشرقية هي صاحبة مرتبة الشرف في حصتها من العنف منذ الطفولة ،حتى تصبح أم وجدة..ولا تؤثر ثقافة الرجل وتعليمه كثيرا في طريقة تعامله معها… فهناك بعض الاساتذة الجامعيين ومثقفين يعاملون زوجاتهم بطريقة قاسية، وقد نجد رجلاً أميّاً يكاد ان يكون ملاكا مع المرأة ،ربما يعود سبب هذا التباين الى الاختلاف في سيكولوجية رجل عن اخر، والبيئة التي تربى وترعرع فيها الرجل.. هناك الكثير من القصص لنساء يتعرضن باستمرار لمختلف أنواع العنف في البيت أو الشارع ولا يشفع للمرأة كونها جامعية او مثقفة لكي تنأى عن حصتها من الظلم ، فغالبية النساء في شرقنا الحزين يتعرضن لمستويات مختلفة من العنف في احدى مراحل حياتهن ،لدي صديقة كانت تتعرض للضرب من قبل اشقائها الذكور وهي فتاة ومن قبل زوجها بعد الزواج، وحتى بعد ان هاجرت الى الدانمارك مع زوجها واكتسبا الجنسية الدانماركية بقي هذا الزوج يضربها ولم يردعه شئ عن هذه العادة حتى وجوده في بلد يمنح حقوقا للحيوانات، لكن القانون الذي يستظل الجميع تحت خيمته هناك ، استطاع ان يحد من من سطوة هذا الرجل و شراسته، فالكل هناك يخضع لسيادة القانون الذي يكفله الدستور لكل من يحمل الجنسية في تلك البلدان ،والكل متساوون انسانيا امام سيادة القانون، والرجل هناك لا يستطيع الاختباء خلف فتوى شرعية اصدرها رجل فتح تجارة رائجة اسمها الدين ليختار منها ما يشاء ،ويفتي ويحرم حسب اهواء الرجل المكبل بقيود شهواته… كما كان يتحدث امام الجامع في الحي الذي اسكنه في خطبة الجمعة ، عن طرق تأديب المرأة ان خرجت عن طوع سيدها الرجل شارحا الآية الكريمة "واهجروهن في المضاجع واضربوهن"، والعالم على ابواب 2005 منشغل باقسى كارثة انسانية شهدتها الأرض منذ عقود، يلملم جراحه ،ويدفن ضحاياه، وهو يعطي تعليماته ليعلم الرجل كيف يعاقب زوجته ان تمردت او اخطأت … ولم يذكر من يعاقب الرجل ان اخطأ بحق زوجته او قصر في واجباته علما ان هناك عشرات الآيات الصريحة التي تساوي بين الرجل والمرأة في العقاب والثواب ولا يتطرق اليها الا القلة من رجال الدين المعتدلين في حين فشل اغلبهم في الحد من العادات والتقاليد والموروث الشرقي المتخلف الذي يميز بين الرجل والمرأة لصالح تفوق الرجل لحد العظم… وحتى المرأة نتيجة احاطتها بحجاب فكري تربت عليه منذ الطفولة ،لم يسعفها تعليمها الجامعي العالي للتحرر من ظلال مجتمع قاس غرس فيها ان عقاب الرجل الذي يظلم المرأة يكون الهيا ، لذا على كل امرأة تتعرض للظلم من قبل الرجل ان تنتظر الموت لينال الرجل الذي يظلمها عقابه الالهي في الاخرة !! تلك الافكار السالفة وجدت الكثير من يروج لها في مجتمعنا الذي ما زالت العشائرية تتحكم ببعض مفاصله الاجتماعية بدءا من الزواج بطريقة (كصة بكصة) ، واجبار الفتاة على الزواج بسن مبكر وحرمانها من فرصتها في التعليم او اجبارها على الزواج من رجل ترفضه او ان تكون زوجة ثانية او ثالثة ،وبنت العم لابن العم، وتقديم المرأة كثمن مدفوع لاخطاء رجال العائلة في فصل عشائري كما حدث في بغداد العاصمة قبل شهرين حين قدم اهل المعتدي فتاتين من العائلة للتنصل من دفع مبلغ 15 مليون دينار … لذا يظل الرجل يصول ويجول تحت ظل مظلة شرعية يمنحه له الدين تحت مختلف التفسيرات والاجتهادت ومظلة قانونية تحاصر المرأة لتكون تابعا للرجل مثل منعها من السفر الا بوجود محرم ،و قانون غسل العار، وبعض قوانين الاحوال الشخصية ،ومظلة من العرف الاجتماعي المتخلف الذي تبيح السيادة للرجل على المرأة سواء كان شقيقها او زوجها او ابنها حتى وان كان غير أهل لذلك.
لا يحمي المرأة الا قوانين يكفلها لها الدستور، وانتهاج ثورة عارمة على تقاليد واعراف متوارثة تغرق اكثر من نصف مجتمعنا الذي تجسده المرأة في وحل من التخبط والتخلف بدفع عجلة بناء مجتمع مدني يعمل على ارساء المساواة في الانسانية بين الجميع ..
كاتبه وصحفية عراقية
التعليقات (0)