مواضيع اليوم

من يرث الريح.. يرث الندم

nasser damaj

2009-08-29 13:25:24

0

من يرث الريح.. يرث الندم !
بقلم: خليل الفزيع

في عام 1961 صدرت الترجمة العربية الأولى لمسرحية (ميراث الريح) للكاتبين الأمريكيين جيروم لورانس، وروبرت لي، وقام بترجمتها صلاح عز الدين ضمن سلسلة (مكتبة الفنون الدرامية) التي كانت تصدرها مكتبة مصر، وقد قدمت هذه السلسلة أعمالا مسرحية رائعة أثرت المسرح بانجازات تركت بصماتها الواضحة في تاريخ المسرح العالمي.
وفي عام 2005 صدرت ترجمة جديدة لهذه المسرحية بعنوان (وارث الريح) وقام بهذه الترجمة الكاتب السعودي المهندس حمد العيسى من مواليد 1961 وهي سنة ظهور هذه المسرحية في ترجمتها العربية الأولى، وقد قدم العيسى تجربته في ترجمة هذه المسرحية مؤخرا، في نادي المنطقة الشرقية الأدبي ضمن فعاليات جماعة الترجمة، في إطار نشاط مركز الترجمة الذي تبنى النادي إنشاءه بطموحات كبيرة، وأهداف ذات آفاق واسعة.
وأنقل ملخص هذه المسرحية من مقدمة الترجمة الأولى والتي كتبها عبدالحليم البشلاوي وفيها يقول: (حوادث هذه المسرحية ليست في الواقع من بنات خيال المؤلفين، وإنما هي مسرحية بناها المؤلفان وحاكا خيوط حوادثها داخل نسيج من الواقع والتاريخ، فهي تقوم على أساس محاكمة حدثت فعلا في بلدة (ديتون) بولاية تنيسي في الولايات المتحدة الأمريكية، في شهر يوليه من عام 1925 ففي ذلك العام حوكم مدرس بإحدى المدارس الابتدائية في تلك الولاية بتهمة الزندقة، لأنه كان يقوم بتدريس نظرية داروين عن النشوء والارتقاء لتلاميذه، ولذا عرفت هذه القضية باسم (محاكمة القرد) Momkey Trial كما عرفت باسم Scopes Trial نسبة إلى المتهم الذي كان اسمه جون توماس سكوبس، وقد مثل الاتهام والدفاع فيها اثنان من جهاذبة المحامين في الولايات المتحدة في ذلك الحين، هما (وليام جننجز بريان) و(كلارنس دارو) واستمرت المحاكمة أحد عشر يوما انتهت بتغريم المتهم سكوبس مائة دولار، ومن المصادفات العجيبة حقا أن يقضي محامي الاتهام نحبه بعد خمسة أيام من انتهاء المحاكمة، وقد استأنف محامي الدفاع ذلك الحكم، فحكمت المحكمة العليا بإلغاء الغرامة وتبرئة المتهم.
من هذه الحوادث اتخذ المؤلفان مادة مسرحيتهما أما التفاصيل وأسماء الشخصيات فقد جرى ابتكارها، وجاءت وفاة محامي الاتهام الذي يمثل الرجعية والتخلف والجمود والتعصب، كانتصار حتمي ليس لنظرية داروين التي لم تتناولها المسرحية من قريب أو بعيد وهي التي أثبتت ضعفها فيما بعد، ولكن كانتصار لحرية الفكر ونبذ الانغلاق وتأصيل الحوار، وغير ذلك من الأفكار التنويرية التي كان يمثلها محامي الدفاع، وسواء من استهجن نظرية داروين أو استحسنها فالكل متفقون على أن هذا العمل المسرحي الهادف يسعى تحديدا للذود عن حرية الفكر، التي كانت تتعرض للمصادرة عندما انتهى المؤلفان من تأليف مسرحيتهما عام 1950 حينما كانت للمكارثية صولاتها القمعية الشهيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومثل هذه المكارثية يمكن أن تظهر في أي زمان أو مكان، لذلك لم تر هذه المسرحية النور إلا عام 1955 ثم أصبحت من أنجح المسرحيات التي تريد أن تقول ما لا يقال.
لم يكن هدف المؤلفين الدعوة لتدريس نظرية داروين، ولكن الدعوة لحرية الفكر وحرية التعبير فمن يحارب حرية الرأي.. من يرفض الحوار الحر الصريح.. من يصادر حريات الآخرين في التعبير والممارسة الملتزمة.. من ينغلق على نفسه ولايرى سوى ذاته المتضخمة.. لن يرث سوى الريح، وهو إرث الندم والخسارة الفادحة، هذا ما أراد المؤلفان قوله تحديدا.. ضمن ما ارادا توصيله للمتلقي في أعمال مشتركة كثيرة قاما بتقديمها للمسرح والاذاعة والسينما.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات