لا يوجد أية عجب فى أن يخصص نظام حكم اسرة مبارك ، والغير مراقب ، أو الغير محاسب أومسائل على الأطلاق على اى شىء يفعله أو يقوم به حتى ولو أباد الشعب المصرى كله ، أو على الأقل نهب كل ثرواته ،ورهن أو وهب الباقى مما لم تطاله يديه الى الغير ــ من عير المصريين بطبيعة الحال ــ أمام البرلمان، أو أية جهة رقابية مصرية أخرى ، و بشكل جدى ودستورى ،فلا عجب اذن فى أن يخص مبارك وأسرته ما يقرب من 87% من ميزانية الدولة للانفاق فقط على قطاعى الأمن والاعلام ــ بما يشمل ذلك من صحف حكومية لايقرأها أحد سوى من تفرض عليهم من بعض الأفراد والمصالح والجهات الحكومية ذاتها ،وكذا كل التابعين للأسرة الحاكمة ــ وكذا الاذاعة والتليفزيون والتى أعتقد انه لم يعد يعبأ احد بما يقدمانه من برامج أوحتى نشرات اخبار كاذبة غالبا ــ على غرار الصورة التعبيرية اياها التى ظهر فيها مبارك زورا وهويتقدم غيره من الرؤساء بينما كان هو فى الصورة الأصلية آخرهم، هذا هو اعلامنا ..! ــ وما يتبقى بعدئذ من أموال ينفق على بقية قطاعات ووزارات ومرافق الدولة الآخرى من تربية وتعليم وصحة وصرف صحى و طرق وكبارى وحتى الخارجية وملحقاتها ــ والتى لا نعلم عنها شىء ــ وغيرها من مرافق أخرى .
و يتز رع النظام باننا أكبر دولة بها موظفين يعملون لدى الحكومة فى العالم ، وذلك عندما نطالبهم بزيادة الأجور لكى تتمشى على الأقل مع ما هو سائد من أسعار غاية فى الأرتفاع ، وذلك لكى نصمت ونحمد الله .
لكن قد يكون ذلك هو نصف الحقيقة ،من ناحية اننا أكبر دولة بالعالم بها كل هذا العدد من الموظفين لدى الحكومة ، لكننا من جهة أخرى أكبر دولة فى العالم أيضا بها أكبر عدد من جنود الأمن المركزى حيث يصل عدد جنود الأمن المركزى لدينا الى5و1 مليون جندى، وربما أكثر ، أفلا يعتبر هؤلاء أيضا موظفين بالدولة ،واذا كان راتب الجندى الواحد حوالى 100 جنيه فى الشهر و كان متوسط تكلفة اعاشة الجندى الواحد من مأكل وملبس ومشرب وعلاج وتدريب وسكن وغيره ، خلال مدة خدمته ، تصل فى المتوسط الى 1000 جنيه شهرياــ ويشمل ذلك حتى كل ما يتقاضاه من رواتب وبدلات وحوافز ومكافئات ، وغيرها خلال الشهر الواحد ــ فان الدولة تتكلف فى هذه الحالة شهريا حوالى 5و1 مليار جنيه تصل الى 18 مليار جينه فى العام الواحد ،وذلك للصرف فقط على جنود الأمن المركزى المجندين غير النظاميين ، ولم نحسب بعد أجور وتكاليف حتى الجنود النظاميين والمخبرين فضلا عن الضباط الذين يتمتعون بالقدر الأعظم من "كعكة" ميزانية الدولة..!
على أن حديثنا ينصب هنا فقط على أعداد العاملين بالدولة ،فلو أن عدد الجنود غيرالنظاميين بالأمن المركزى ، والمخصصين غالبا لضرب وقمع المتظاهرين المطالبين فقط بجزء من حقوقهم فى هذا البلد ، هو 5و1 مليون جندى ، فان عدد الجنود النظاميين بهدذا القطاع ،وأيضا عدد ضباط الصف والضباط والمخبرين لن يقل جميعهم عن المليون فرد ، ناهيك عن أعداد المرشدين، والعاملين غالبا فى كل مرفق وكل قطاع من قطاعات الدولة ،والذين قد يتقاضون بطبيعة الحال أجور نقدية وعينية ، وربما ترقيا ت ـــ غير مستحقة طبعا ـــ غير مدرجة بميزانية الدولة ،اذن فاننا نصل بذلك الى حوالى 5و2 مليون فرد يعملون فقط بقطاع الشرطة ، هذا ولم نأخذ فى الاعتباربعد العاملين بالقطاعات الأخرى من العاملين بالأمن وممن هم منوط بهم التصدى لأى عدوان خارجى ، فلو أن هؤلاء يصل أعدادهم تقريبا الى مليون فرد ، فاننا نصل بذلك الى 5و3 مليون فرد أمن ، أما لوحسبنا جميع العاملين بالقطاع الأعلامى من صحافة حكومية واذاعة وتليفزيون ، وحتى هيئة الاستعلامات، وبفرض أن هؤلاء جميعا يبلغ أعدادهم حوالى المليون فرد،فاننا نصل بذلك الى رقم 5و4 مليون فرد من العاملين بالدولة ، ويتبقى فقط من الستة ملايين فرد حوالى 5و1 مليون فرد، وهم غالبا جميع العاملين بكافة القطاعات والوزارات والهيئات الخدمية الأخرى وغيرها بالدولة ، وهؤلاء هم فقط عندما يطالبون مبارك بزيادة أجورهم ،حتى يستطيعوا مسايرة موجات الغلاء السائدة فى البلاد، يقال لهم " منين .. مفيش .. احمدوا ربنا "...!!
وعودة الى ال5و3 مليون فرد أمن تقريبا ، والذين يعملون فى مصر ، وفى بلد تفخر أجهزته الأمنية بانها تسمع حتى دبة النملة ،يحق لنا أن نتسائل ؛كيف اذن تسرق لوحة فنية نفيسة ثمنها 55مليون دولار، و من قلب العاصمة النابض ــ أو الذى قد يكون توقف عن النبض ــ وهى " زهرة الخشخاش" لفان جوخ ، والتى ربما تكون قد خرجت الآن من مطار القاهرة ، أو من أحد ثغورنا المصرية ...!..ثم اين كان كل هذا الأمن عندما نهبت آثار مصر وهربت خارج البلاد ، والتى لاتقدر قيمتها بأى ثمن ، والبعض يقول أن ثمنها يجاوز مئات المليارات من الدولارات ، ثم أين كان كل هذا الأمن أيضا عندما خرج لصوص البنوك من مطار القاهرة ، وربما عبر صالة كبار الزوار ،ومعهم تقريبا كل أو جل ما لدى مصر من عملات صعبة أو حتى محلية... ثم أين كان كل هذا الأمن عندما حدثت كل الحوادث الأرهابية التى وقعت فى مصر ، والحقت أبلغ الأضرار باقتصادقها عندما تسببت فى ضرب قطاع السياحة ..؟!
واذا اخذنا فى الاعتبار أعداد الذين يحالون الى التقاعد سنويا، ولايتم احلال عاملين جدد محلهم ، أوعلى الأقل بقدر مواز لأعدادهم ، سوف نجد أن اعداد العاملين بالدولة ــ وهم تحديدا ال5و1 مليون فرد السابق الاشارة اليهم ــ يتناقص سنويا وبما يخل بالأداء الوظيفى فى العديد من الوزارات والقطاعات ، ومنها التربية والتعليم ، نتيجة للنقص الصارخ فى أعداد الموظفين ، ومع ذلك يضن مبارك وحكومته باعتماد أية زيادات ذات شأن فى دخولهم ..!
ولكن، و مرة اخرى ، أو عود على بدأ، فالسؤال المركزى هنا هو ؛ كيف لنظام أمن يبلغ عدد أفراده 5و3 مليون فرد ــ من غير أن نأخذ عدد المرشدين فى الاعتبار ــ تخصص لهم نصف ميزانية الدولة تقريبا للانفاق، والاغداق عليهم، يعجزون عن مجرد حماية لوحة فنية موضوعة بمتحف يقع فى قلب العاصمة ،يمكن أن يأتمنوا على الحفاظ على أمن دولة بحجم مصر ، أو شعب مصر ، أو حتى الحفاظ على أمن النظام أو اسرة مبارك نفسه ..؟!
فى الحقيقة اننى كنت اتوقع ان لايقدم وزير الثقافة فقط استقالته ، ولكننى كنت أتوقع أيضا ان يقدم وزير الداخليه نفسه استقالته وقبل وزير الثقافة ، وذلك على أثر سرقة اللوحة ، لكن ذلك شىء يمكن أن يحدث فى اى دولة فى العالم ، حتى بوركينا فاسو،لكن لا يمكن ان يحدث ابدا فى مصر.. مصر مبارك .. ولو ان لدينا برلمانا منتخبا انتخابا حقيقيا وذو أغلبية حقيقية غير مزيفة ، لأستطاع أن يستدعى كل من وزير الداخلية ، ووزير الثقافة ويستجوبهما، ويقيلهما أيضا ، بل ويحيلهما أيضا الى المحاكمة اذا استدعى الأمر ، بل ويحجب الثقة عن الحكومة بأكملها ويقيلها أيضا، فالأمر جد خطير، وصار على تماس مع أمننا القومى ..
لكننا للأسف لدينا برلمانا محتلا من قبل الحزب الوطنى ، كم لدينا مصر كلها محتلة من قبل أجهزة أمن مبارك وعائلته .. ولذلك فاننا نلاحظ أن وزير الداخلية الحالى ، حبيب العادلى ، لم يذهب يوما الى مجلس الشعب ، أو حتى الشورى ، منذ أن عين وزيرا للداخلية ، الافقط عندما يذهب مبارك إلى مجلس الشعب ليخطب من هناك...
التعليقات (0)