كان رجال الدين في العصور الوسطى والمتاخرة في اوربا يمثلون رمز الكنيسة الظالمة التي استباحت الدماء وسلبت حقوق النساء وحقوق العامة من الناس الفقراء وجعلتها ملك للنبلاء وقتلت العلماء والمفكرين ممن لايقبلون برايها الجامد تجاه الظواهر الكونية التي بدات تتكشف امام علماء الفلك والانسانية , فقراءة الكنيسة الخاطئة لاوامر الله شوهت حياة البشر وحولتها الى جحيم فحاز رجال الدين الاموال والاقطاعات فيما كانت نسبة كبيرة جدا من الشعب تنوء تحت ضربات سياط الاغنياء من جهة ورجال الدين من جهة اخرى والفقر والمرض من جهة ثالثة مما خلق ثورة معادية للانتماء الديني الذي ارتبط في ضمير الشعب الفقير المحروم بسلطة الاغنياء تمثلت بالثورة الفرنسية التي قلبت الاوضاع على رجال الدين ورديفهم الاغنياء على يد الفقراء والمحرومين من عامة الشعب المضطهد , ونتج ايضا عن هذا الشعور المعادي للدين ظهور الحركات الشيوعية الالحادية التي لاتكتفي برفض الدين بل قامت بمحاربته نتيجة للظلم الذي اوقعها على الشعب رجال الدين باسم هذا الدين بعد ان شوهوه وخطفوا قيمته الانسانية وحولوه الى اداة للقمع وسوط بيد الاغنياء يلهبون به ظهور الفقراء من جهة وللحصول على الامتيازات المالية من جهة اخرى .
لم تتطور اوربا الا بعد ان فصلت الدين عن السياسة لان الدين بعد ان خرب من قبل رجال الكنيسة شل الحياة في اوربا و كان يؤخر حركة النهضة وبدايات الثورة الصناعية التي كانت بوادرها تتضح يوما بعد يوم في ربوع اوربا .. لكن السؤال هل كان الدين هو السبب في تاخير ظهور هذه النهضة واعاقتها ام هم رجال الدين قطعا هم رجال الدين لانهم خطفوا الدين وجيروه لمصلحتهم مما جعله عائقا وحملا ثقيلا تنوء به ظهور الناس في اوربا بعد ان ارسله الله مخلصا لهم من القيود التي فرضتها عليهم رهبانية اليهودية التي ابتدعها رجال الدين ايضا , ولان الدين هو من عند الله خالق البشر والعالم ببواطن نفوسهم فلابد انه كان خادما لحياتهم وليس مقيدا لها بالجهل والخرافات كما جعله رجال الكنيسة .
اليوم في الارض العربية ارض الدين القيم دين الاسلام تسير الامور في اكثر من بقعة بنفس الاتجاه التي كانت تسير عليه الامور في اوربا قبل الثورة الكبرى ضد الانتماء الديني ورجال الكنيسة ,بعد ان قام رجال الدين ممن يسمون بالمعتدلين في البلاد العربية والاسلامية بخطف الدين وتجييره لمصلحتهم ولمصلحة رجال السلطة فحولوا المنابر المقدسة الى ابواق تسبح بحمد الحاكم والسلطان بعد ان كان هدفها التسبيح بحمد الله خالق هؤلاء الحكام والسلاطين وجعلوها بوقا اعلاميا للتثقيف لسياسة الحاكم حتى وان ادت هذه السايسة الى خرق قوانين الدين بصورة لايقبلها عقل ولا منطق مادامت تصب في خدمة الحاكم وسياسته وسياسة ابنائه وحاشيته في عملية حرفتها عن هدفها الذي التثقيف لعبادة الله الواحد وحل مشاكل العباد بطريقة دينية عادلة لايتدخل فيها الطمع الانساني .
في الجانب الاخر كان المتشددون المتطرفون الذين خطفوا الدين ايضا وجيروه لخدمة اغراضهم واغراض من يمولوهم فاصبح القتل باسم الدين اسهل الامور بعد ان كان القتل في الدين من اكثر الامور التي يؤخذ فيها الحذر لان عقوبتها شديدة ليس بها رحمة او مغفرة فقد قال الله تعالى لمن يقتل مؤمنا بدون وجه حق {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93 فهل بعد هذا الكلام كلام لمن يؤمن بالله الواحد الاحد ويؤمن بدينه الاسلام دين الحياة وحرمة الدماء , ولم يكتفي المتشددون عند القتل بل خطفوا الحياة وحولوها بتشددهم الى جحيم لايطاق يلهب ايام المؤمنين بالله وبدينه السمح, فهل يحتاج الايمان بالله والقيام بشعائر الدين كل هذا التشدد .
في العراق حول رجال الدين الحياة الى جحيم لايطاق والى فوضى لم تشهدها ايام الجاهلية الاولى فالقتل محلل بامر رجل الدين وقتل العشرات من الابرياء وتهجيرهم والاستيلاء على منازلهم واملاكهم من تطبيق الشريعة بامر رجل الدين والسرقة حلال بامر رجل الدين والتستر على السراق والقتلة يدخل صاحبه الى الجنة بامر رجل الدين وتدمير الحياة للبشر وحرمانهم من ابسط امورها عمل من اعمال البر والتقوى بامر رجال الدين والتدخل في السياسة الى الحد الذي يشل الحياة في الدولة ويحرم الشعب من حقوقه هو من وصايا الاسلام بامر رجال الدين والتدخل في الانتخابات وتزويرها واصدار الفتاوي المضحكة لانتخاب هذا الطرف او ذاك هو من اوامر القائم بامر الدين ,فرجال الدين افسدوا كل شيء في العراق بحجة تطبيق الدين ولانعلم اي دين هو الذي يحول الحياة الى اكثر اشكال الموت قسوة وعنفا , هل هذا هو اسلام الرسول الكريم محمد (ص) هل هذا هو اسلام ال البيت الاطهار الذي قال عنهم الله في كتابه الكريم
(0إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )
لكي نخرج من هذا الوضع الذي يسير بنا سريعا الى ما الت اليه الامور في اوربا قبل الثورة الفرنسية يجب علينا ان نعود الى اصول ديننا الحنيف التي تدعوا للسماحة وتقديس قيمة الحياة التي بدونها لايمكن للعبادات ان تتم ونبني عليها لنقوي الايمان في قلوب المسلمين ولنصنع ثورة الاعتدال في دين الوسطية على تعاليم التشدد في الدين والمهادنة في الدين وذلك برفع الظلم الذي يمارسه رجال الدين على العامة من الناس وتيسير الدين للعباد فقد قال رسول الله محمد (ص) يسروا وتعسروا صدق رسول الله (ص)...
التعليقات (0)