فرص مصر والجزائر في السودان ..
من هو صاحب الحظ الأوفر؟
البوابة الرئيسية لإستاد نادي المريخ الذي تأسس عام 1927م
ما أن جرى الاعلان عن اختيار استاد نادي المريخ الكائن في حي العرضة التاريخي بالعاصمة السودانية الوطنية أمدرمان حتى شهدت العاصمة المثلثة والعديد من عواصم الأقاليم المجاورة استنفارا جماهيريا مصريا منقطع النظير استعدادا للزحف بعشرات الألوف كما هو متوقع لمساندة فريق بلادهم الوطني في أمدرمان ........
اقتضى التعادل إذن ان يجرى لقاء فاصل بين المنتخبين في أرض محايدة فاختارت مصر السودان واختارت الجزائر تونس فجاءت القرعة بإقامتها في السودان وبما يمكن القول معه أنه يصب بنسبة 89.6% في مصلحة مصر بكل تأكيد لعدة عوامل ومعطيات أهمها أن لاعبي المنتخب المصري (عدا حارس المرمى عصام الحضري) يتمتعون بعلاقات جيدة مع جمهور الكرة السودانية مثل ما هو حالهم في بلدهم مصر . بل وينقسم جمهور الكرة السودانية ما بين مشجع للأهلي ومشجع للزمالك ... بل ولترسانة حسن الشاذلي وإسماعيلي علي أبو جريشة أيضا ....
ونظرا للعلاقات التاريخية الموغلة في القدم بين الشعبين السوداني والمصري بوصفهما جارين لصيقين منذ الأزل كانا من قبل دولة واحدة ويجمع بينهما تاريخ مشترك تقريبا ووادي واحد ونيل واحد . وحيث لا توجد بين مواطني البلدين حاجة إلى تأشيرات دخول أو تصاريح عمل أو إقامة مؤقتة أو دائمة ؛ فلاشك أن اللاعب المصري بوصفه في البداية والنهاية مواطن من ابناء وادي النيل سيجد في أرض استاد المريخ الكائن على مسافة ليست بالبعيدة عن مجرى نهر النيل الخالد نفس الرائحة والعبق ونكهة الطمي الأسمر . وبالتالي لن تكون الأرض والجمهور والجو العام غرباء عليه خاصة إذا وضعنا في الحسبان أنه يوجد في السودان جالية مصرية تقدر بأكثر من مليون فرد موزعين على أرض المليون ميل مربع ، وتستوعب العاصمة السودانية منهم وحدها قرابة النصف مليون بمن فيهم الأسر والذين يتوقع أن يزحف معظمهم للوقوف خلف فريقهم داخل الاستاد.
جانب من مدرجات استاد نادي المريخ
من ناحية أخرى فإن اختيار إستاد المريخ ربما لم يأتي مصادفة ، ذلك أن جمهور نادي المريخ الذي يعتبر الشقيق والصنو الروحي للنادي الأهلي المصري ؛ يعتبر أيضا من أكثر جماهير الكرة السودانية تعاطفا مع مصر.
وفوق ذلك لا نتوقع أن يكون للعلاقة التاريخية الغير طيبة بين حارس المرمى المصري عصام الحضري وجماهير نادي الهلال السوداني صنو الزمالك المصري وصاحب الجماهيرية الأكثر .. لا نتوقع أن يكون لها ذيولا جوهرية في اختيار جماهير نادي الهلال الكثيفة الوقوف إلى جانب منتخب الجزائر بشكل منهجي ، فالجماهير عادة ما تنسى طالما أن الإعلام لا يستفزها ويحرضها لاتخاذ مواقف بعينها ... ثم أن الحضري لا يحرس في هذه المباراة مرمى النادي الأهلي بقدر ما يذود عن حياض مصر بأجمعها.
وفي حين لا توجد جالية جزائرية تذكر في السودان اللهم سوى أفراد البعثة الدبلوماسية في الخرطوم إلا أن العلاقات بين الشعبين السوداني والجزائري يسودها الكثير من التقدير والاحترام ولا يزال الشعب السوداني يعشق سيرة بن بيلا وهواري بومدين ويحفظ في ذاكرته تاريخ النضال الجزائري الفذ ضد الاستعمار الفرنسي البغيض وتقديمه عن طيب خاطر لأكثر من مليون شهيد .هذا إضافة إلى أن المنتخب الجزائري معروف بالطبع لدى الجمهور السوداني نظرا لحضوره هو وفرق كرة القدم الجزائرية أكثر من مرة للعب في الخرطوم سواء في منافسات الدوري والكؤوس العربية أو الأفريقية على حد سواء .... إذن فمن المتوقع أن يجد المنتخب الجزائري على أقل تقدير روحا رياضية مشجعة وأجواء استقبال طيبة وتشجيع إيجابي لكل اللعبات الحلوة . وهو الأمر الذي سيتيح له أداء مباراة قوية بعيدا عن تأثير الجمهور المصري المتحمس لبلاده ورشقاته الحجرية... كذلك وحيث تكثر في السودان جاليات بأعداد ضخمة من غرب وجنوب غرب أفريقيا فلربما يقف هؤلاء إلى جانب الجزائر بنحو أو بآخر ، ولكنه لن يكون بمستوى وحرارة الجالية المصرية بالطبع.
على اية حال وعلى الرغم من أن المباراة المرتقبة تشكل أهمية بالغة لكلا البلدين مصر والجزائر إلا أن الشعب السوداني عامة تتراوح وتتفاوت آرائه بين طرفي نقيض . فاليمين منه يرى أن مثل هكذا مباراة مفصلية بين شعبين شقيقين في أرض شعب ثالث آخر شقيق ستكون إحراجا وعبئا نفسيا على السودان لأن الشعب المصري بوصفه يعتبر السودان بلده الثاني وعمقه الحيوي فلن يرضى بأقل من أن يقف معه السودان وبحماس في المنشط والمكره.
والشعب الجزائري من ناحية أخرى لا شك أنه سيرغب في أن يقف جمهور الكرة السودانية على الحياد ومن باب أن لا ناقة له في هذه المبارة ولا جمل. علاوة على أن شعب الجزائر هو الآخر شعب عربي شقيق للسودان.
جماهير نادي المريخ العريضة .... في أي إتجاه سيكونون عند ملحمة الأربعاء؟؟
عموما وحتى إذا افترضنا جدلا بأن جمهور الكرة السودانية سيقف بعضه أو معظمه على الحياد فإن على الشعب الجزائري أن لا يوجه اللوم للسودان إذا فوجيء بوجود الآلاف من الجالية المصرية وهي تقف إلى جانب فريقها في أمدرمان وإلى جانبهم أصهارهم وأنسبائهم وعديد أبناء عمومتهم وأخوالهم من أبناء السودان ؛ فهكذا حتم الجوار اللصيق والإمتداد الجغرافي الطبيعي بين السودان ومصر تكريس تمازج ثقافي وحضاري ومصالح سياسية وأمنية وإقتصادية حيوية متبادلة بالإضافة إلى تمازج اجتماعي نتج عنه علاقات نسب ومصاهرة منذ أكثر من 6000 عام قبل الميلاد ، وأن يكون لكل من شعبي البلدين تواجد كثيف مؤثر في بلد الآخر جنوب الوادي وشماله.
عليه وبناء على ما تقدم يمكن القول بأن حظوظ المنتخب المصري بالفوز على نظيره الجزائري في استاد المريخ بالعاصمة السودانية الوطنية أمدرمان تظل هي الأوفر ..... بل هي الأوفر منها حتى في القاهرة....... وتبقى الكرة مستديرة ومجنونة تلج الشباك وتسكن داخلها في غفلة من أهلها .. والله أعلم.
التعليقات (0)