من هنا وهناك ...وتحدي الإعاقة

تمتاز الأصابع الدقيقة وليست المفرطحة بالقدرة على العزف على الآلات الوترية بصورة أفضل (طبعا إلى جانب الموهبة) وكذلك في الكتابة على الكيبورد ..وأيضا في جراحة العيون والجراحات الدقيقة ...كان صاحبي يعلمني الكتابة على الحاسوب ويقول لي إحفظ (كمنت شسيب) وكيف تضربها بالأصابع الأربعة من كل يد...وهي الطريقة التي يعلمونها للدارسين الآلة الكاتبة ...كانت أصابعي المفرطحة شيئا ما تضرب الحرف ومن حوله...يعني على الأقل حرفا مجاورا إن لم يكونا حرفان واحد على يمينه والآخر على اليسار...وكانت مشكلة وعقبة في الكتابة...فكرت فيمن فقد بعض أصابعه وقلت لماذا لا أعتبر أنني ذو إصبع واحد في كل يد؟ ...فاخترت واحدا في كل يد...أتقنت الكتابة بسرعة معقولة....وفي ليلة جلست أفكر في الذين أصابتهم إعاقة بعد مشاهدة برنامج يعرض كيف تغلبوا على الإعاقة وتميزوا بل وسبقوا الأصحاء المعافين...تذكرت من فقدوا البصر فعوضوا بالبصيرة ...تذكرت طه حسين وكبار أدباء مصر يجاسون حوله في حديث الأربعاء يستمعون وينصتون ويتعلمون ...تذكرت الرائع المبدع عمار الشريعي في برنامجه (كيف ترى الموسيقى) ...نعم إنه يراها فيما نحن المبصرين لا نراها...ورأيته يتعامل مع الكيبورد أفضل من كل المبصرين ويرد على السؤال كيف تتعامل معه فيقول أعرف جغرافيته....وهناك أمثلة كثيرة لمن تحدى الإعاقة تثبت أن الإنسان قادر على تحدي الصعاب مهما كانت كبيرة ومتشابكة وصعبة...أكتب هذا وأنا أشعر بالفخر بالإنسان العظيم القادر على قهر الإعاقة....وأعجبني اليوم و( يا للعجب ) أني رأيت حمامة معاقة فقدت إحدى ساقيها تطير وتحط على الأغصان والأسوار بساق واحدة تحجل بها إذا وقفت ثم تطير برشاقة واضحة من مكان إلى مكان في محيط بيتي ...ويصاحبها ذكر حمام يطير معها إذا طارت ويقف جانبها إذا وقفت ...كأنه يرافقها لحمايتها...وحين يقفا يظل يدور حولها ويداعبها ويلاطفها كأنه يخفف عنها أو هكذا تعود...عرفت من درس هاتين الحمامتين أن التحدي ليس من خصائص البشر وحدهم ولكنه طبع في كل الكائنات والطيور..وأن مشاعر الحب والصداقة والمساعدة والمواساة والتراحم ليس حكرا على البشر ..وربما كانت الطيور أكثر رحمة ورفقا