مواضيع اليوم

من هم الأولياء

أبوعبدالله السني

2011-06-15 12:53:26

0

بسم الله الرحمن الرحيم
 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل الخلق أجمعين ،وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الله تعالى (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . الذين آمنوا وكانوا يتقون . لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة . لا تبديل لكلمات الله . ذلك هو الفوز العظيم)
معنى الولي:قال الإمام الرازي في تفسير الآية التاسعة من سورة الكهف ما نصه: الولي هو القريب في اللغة فإذا كان العبد قريبا من حضرة الله بسبب كثرة طاعاته وكثرة إخلاصه وكان الرب قريبا منه برحمته وفضله وإحسانه فهناك حصلت الولاية .
قال الإمام القشيري رحمه الله تعالى في تفسير آية سورة يونس : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (62)
قوله جل ذكره : { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم } الولي على وزن فعيل مبالغة من الفاعل ، وهو من توالت طاعاته ، من غير أن يتخللها عصيان .
ويجوز أن يكون فعيل بمعنى مفعول ...؛ فيكون الولي من يتوالى عليه إحسان الله وأفضاله ، ويكون بمعنى كونه محفوظاً في عامة أحواله من المحن .
وأشد المحن ارتكاب المعاصي فيعصمه الحق- سبحانه- على دوام أوقاته من الزلات .
وكما أن النبي لا يكون إلا معصوما فالولي لا يكون إلا محفوظا .
والفرق بين المحفوظ والمعصوم أن المعصوم لا يلم بذنب ألبتة ، والمحفوظ قد تحصل منه هنات ، وقد يكون له - في الندرة- زلات ، ولكن لا يكون له إصرار : { أولئك الذين يتوبون من قريب } [ النساء : 17 ] . انتهى
فهم في الحقيقة من عملوا بالتصوف حتى بلغوا أعلى مراتب الدين وهي مرتبة الإحسان الذي قال فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك "
فمن سلك طريق التصوف الحق على يد شيخ مربي صادق مأذون من شيخه السابق ثابتة إجازته له بإذن خطي يحرص على ربط المريد بالله تعالى وذكره والعمل بطاعة الله واجتناب معصيته ويعمل بتوجيهاته ووصاياه ونصائحه عن محبة وإخلاص فلابد أن يصل بإذن الله تعالى إلى هذه المراتب العلية.

صفات الأولياء :كما ذكر العلماء الحفاظ ومنهم أبو نعيم في الحلية في مقدمة الحلية:
1_ من صفاتهم أن مجالسهم لله ومحبتهم لله تعالى فقط.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من عباد الله لأناسا ماهم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله عز وجل " . فقال رجل: " من هم وما أعمالهم. لعلنما نحبهم. قال: " قوم يتحابون بروح الله عز وجل من غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها بينهم. والله إن وجوههم لنور وإنهم لعلى منابر من نور لايخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس " . ثم قرأ: " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " . يونس. كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في رواية أخرى (يأتي من أفناء الناس ونوازع القبائل قوم لم تتصل بينهم أرحام متقاربة تحابوا في الله وتصافوا في الله يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها يفزع الناس ولا يفزعون وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
وهذه صفة عظيمة لهم ، تجمعهم طاعة الله من غير أن يكون بينهم إلا حب الله تعالى على طريق نوراني يوصلهم إلى الله تعالى لا بألوانهم أو أجناسهم أو لغاتهم.
2_ أن جليسهم يستفيد منهم ذكر الله وما يقرب إليه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عزو وجل: " إن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم " .أي أن الإنسان إذا ذكر الله تعالى تذكر أولياءه وإذا ذكر أولياءالله تذكر الله جل جلاله فذكرالله.
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أولياء الله . قال: " الذين إذا رءوا ذكر الله عز وجل " .
وعن أسماء بنت يزيد، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بخياركم " قالوا بلى. قال: " الذين إذا رءوا ذكر الله عز وجل " .
3_ أنهم سالمون من التأثر بالفتن : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن لله عز وجل ضنائن من عباده يغذيهم في رحمته ويحييهم في عافيته إذا توفاهم إلى جنته، أولئك الذين تمر عليهم الفتن كقطع الليل المظلم وهم منها في عافية " .
4_ ظهور الكرامات على أيديهم إذا أراد الله : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ في أذن مبتلى، فأفاق، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما قرأت في أذنه؟ قال: قرأت: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا " المؤمنون 115،. حتى ختم السورة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أن رجلا موقناً قرأها على جبل لزال " .
قال سهم بن منجاب :غزونا مع العلاء بن الحضرمي، فسرنا حتى أتينا دارين والبحر بيننا وبينهم، فقال: ياعليم ياحليم ياعلي ياعظيم، إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك، اللهم فاجعل لنا إليهم سبيلا فتقحم بنا البحر، فخضنا ما يبلغ لبودنا الماء، فخرجنا إليهم.
و عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: لقد رأيت في العلاء بن الحضرمي رضي الله تعالى عنه ثلاث خصال ما منهن خصلة إلا وهي أعجب من صاحبتها: انطلقنا نسير حتى قدمنا البحرين، واقبلنا نسير حتى كنا على شط البحر، فقال العلاء: سيروا، فأتى البحر فضرب دابته، فسار وسرنا معه ما يجاوز ركب دوابنا، فلما رآنا بن مكعبر، عامل كسرى، قال: لا والله لا نقابل هؤلاء، ثم قعد في سفينة فلحق بفارس.
5_ ومنها أنهم سباق الأمم والقرون، وبإخلاصهم يمطرون وينصرون "إذا شاء الله تعالى .
عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لكل قرن من أمتي سابقون " .
وعن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله عز وجل في الخلق ثلاثمائة قلوبهم على قلب آدم عليه السلام، ولله تعالى في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى عليه السلام، ولله تعالى في الخلق سبعة قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام، ولله تعالى في الخلق خمسة قلوبهم على قلب جبريل عليه السلام، و لله تعالى في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل عليه السلام، ولله تعالى في الخلق واحد قلبه على قلب إسرافيل عليه السلام، فإذا مات الواحد أبدل الله عز وجل مكانه من الثلاثة، وإذا مات من الثلاثة أبدل الله تعالى مكانه من الخمسة، وإذا مات من الخمسة أبدل الله تعالى مكانه من السبعة، وإذا مات من السبعة أبدل الله تعالى مكانه من الأربعين، وإذا مات من الأربعين أبدل الله تعالى مكانه من الثلاثمائة، وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله تعالى مكانة من العامة. فبهم يحيى ويميت، ويمطر وينبت ويدفع البلاء " قيل لعبد الله بن مسعود: كيف بهم يحيى ويميت. قال: لأنهم يسألون الله عز وجل إكثار الأمم فيكثرون، ويدعون على الجبابرة فيقصمون، ويستسقون فيسقون، ويسألون فتنبت لهم الأرض، ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء " .
حدثنا محمد أبو عمرو بن حمدان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك، حدثنا بن عباس، حدثنا صفوان بن عمرو، عن خالد بن معدان، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا حذيفة، إن في كل طائفة من أمتي قوما شعثا غبرا، إياي يريدون، وإياي يتبعون، وكتاب الله يقيمون، أولئك مني وأنا منهم وإن لم يروني " .

6_ مجاهدتهم في طاعة الله تعالى :

قال ذو النون بن إبراهيم المصري رحمه الله تعالى: إن لله عز وجل لصفوة من خلقه وإن لله عز وجل لخيرة، فقيل له: يا أبا الفيض فما علامتهم. قال: إذا خلع العبد الراحة وأعطى المجهود في الطاعة وأحب سقوط المنزلة.
وقال في وصفهم :مسارعين الى الخيرات، منقطعين عن اللهوات، بريئون من الريب والخنا، فهم خرس فصحاء، وعمى بصراء، فعنهم تقصر الصفات، وبهم تدفع النقمات، وعليهم تنزل البركات، .
7_ قوة إخلاصهم لله تعالى : والإخلاص أن تبتغي بعملك رضا الله فقط ، وهذه الصفة تكون في أولياء الله ملازمة لهم لا تفارق أعمالهم. عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: مر عمر بمعاذ بن جبل رضي الله تعالى عنهما وهو ييكي، فقال: ما يبكيك يا معاذ. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أحب العباد إلى الله تعالى الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا أولئك هم أئمة الهدى ومصابيح العلم " .
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو موسى إسحاق بن إبراهيم الهروي، حدثنا أبو معاوية عمرو بن عبد الجبار السنجاري، حدثنا عبيدة بن حسان، عن عبد الحميد بن ثابت بن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: حدثنا أبي، عن جدي: شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا، فقال: " طوبى للمخلصين أولئك مصابيح الهدى تنجلى عنهم كل فتنة ظلماء " .
ثم تأمل هذا الحديث الشريف ووصفه الدقيق لأولياء الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏(‏إن أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحال، ذو حظ من الصلاة، أحسن عبادة ربه، وأطاعه في السر، وكان غامضاً في الناس، لا يشار إليه بالأصابع، وكان رزقه كفافاً، فصبر على ذلك‏) ثم نقر بيده، فقال‏:‏ ‏(عجلت منيته، قلت بواكيه، قل تراثه‏). فهذا العبد المخلص لله ولا يشتهر بينهم .
وكان ابن مسعود رضى الله عنه يوصى أصحابه، فيقول‏:‏ كونوا ينابيع العلم، مصابيح الهدى، أحلاس البيوت، سرج الليل، جدد القلوب، خلقان الثياب، تعرفون في السماء، وتخفون على أهل الأرض‏. فهم أخفياء أتقياء ،ولكن قد يظهرهم الله ويكلفون بإرشاد الناس وتوجيههم فعند ذلك يرضون ما هم فيه لأنهم ليس لهم مراد إلا ما يريد الله ويرضاه.كما حصل لسيدنا أبي بكر الصديق ثم الفاروق ثم عثمان ثم علي ثم الحسن ابن علي وتمت به الخلافة الرشدة فكانت خلافتهم في الدين كما كانت في السياسة .أما بعد الخلافة الراشدة فأصبحت ملكاً فقط كما تنبأ النبي صلى الهإ عليه وسلم بذلك وأخبر به أصحابه ،ولذا كان أغلب وراث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدين ظاهراً وباطنا لا في تولي مناصب السياسة لأنها أصبحت منافسة على الدنيا فقط .
فالمذموم هو طلب الإنسان الشهرة، وأما أن يكلفهم الله تعالى بمقام التوجيه والإرشاد ،فهذا من فضل الله تعالى عليهم وتمام النعمة أن يحفظهم في هذا المقام كما حفظهم فيما سبق من
مقامات السير إلى رضا الله تعالى.
ولأولياء الله بطبيعة الحال صفات أخرى يشتركون فيها مع صفات عامة المؤمنين مثل المحافظة على أداء الفرائض والاجتهاد في النوافل والحب في الله والبغض في الله فهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ، يؤدون الحقوق التي عليهم ويتعاملون بالعفو والصفح ، أخلاقهم رفيعة وألسنتهم عطرة بذكر الله وغيرها من صفات أهل الإيمان والتقوى. فأولياء الله موجودون إلى قيام الساعة وليس الأمر كما يتصور فئام من الناس أن أولياء الله قد مضى عهدهم وانتهى فيظن أنهم لابد أن يكونوا من الأموات. وهذا إغلاق لباب رحمة الله الواسعة وتنكب لقول الله تعالى في وصف السابقين ((ثلة من الأولين وقليل من الأخرين ))ولم يقل لايوجد ،وقال في أصحاب اليمين ((ثلة من ألولين وثلة من الآخرين )) ولا يزال الله تبارك وتعالى يصطفي لهذه الأمة رجالاً صالحين ساروا على نهج الصادقين وورثوا الخشية والعلم الحقيقي من سيد المرسلين وليس العلم الصوري الذي ينخدع به الكثير من المحجوبين . فيستعملهم لطاعته ولنصرة دينه.وإن كانوا قلة قليلة .
عظيم مكانة أولياء الله تعالى :
أولياء الله ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، لا تبديل لكلمات الله ، ذلك هو الفوز العظيم). و هي البشارة التي تبشر بها الملائكة المؤمن في الدنيا .وقد روى الإمام البخاري حديثا عظيما في مكانة وفضل أولياء الله ، فروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه). وفي رواية: (وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته).
تأمل هذه العبارة (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) ومعنى: (آذنته بالحرب) أي: أعلنت أني محارب له؛ لأنه يحارب أوليائي فأنا أحاربه، وأنا خصمه.فاسأل الله أن يعصمنا ويحفظنا ويجعلنا ممن يعظم حرمات الله تعالى وحدوده وشعائره .

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات