عادة ما نجد على صدور الصفحات الرئيسية لمواقع الإنترنت على اختلاف أشكالها وأنماطها بوابة خاصة للتعريف عن الموقع وأهدافه، ولهذه البوابة عدة أسماء فتارة تجدها تحمل اسم "من نحن؟" وهو الاسم الأكثر تعريفاً، وتارة تجدها باسم "هويتنا"، وتارة أخرى "رسالتنا" .. إلخ.
ويجتهد أصحاب المواقع من مؤسسات ومنظمات وأشخاص وإعلاميون وغيرهم في تحديد تعريف الموقع، وتصبح الدقة في شرح "من نحن" عالية ومهنية ومهذبة بكلمات وأفكار وأهداف محددة المعالم، وربما تكون تلك الأهداف هي ذاتها برنامج عمل.
وتكاد المواقع بشكل عام لا تخلو من هذه البوابة، وكذلك الأمر عندما يقع بين أيدينا بروشور تعريفي لمؤسسة أو منظمة أو شركة ما، تجد أهدافها والتعريف بها، وتقرأ عنها "من هي" كضمير عائد على الذي تقرأه في صفحة "من نحن".
ومن أكثر الأسئلة شيوعاً ليس في العالم العربي فحسب بل في كافة أنحاء العالم، يتكرر سؤال البشر "من نحن؟"، وخاصة لدى الأفراد والمجتمعات في العالم العربي الذين يبحثون وهذه حقيقة يجب التباحث بها عن هويتنا والتعريف بنا وبشعوبنا، "من نحن؟".
وإذا كانت لدينا القدرة على إنتاج الآلاف من "من نحن؟"، فلماذا لا ندرك الإرادة في وضع مخطط يهدف بالتعريف علينا، كبوابة رئيسية للتعامل معنا، إذ يعبر الغربيون في أحداث عديدة عن غياب المفهوم العام الذي يتيح لهم التعامل معنا كمنطقة جغرافية واحدة وكلغة واحدة وكارتباط تفرضه تلك الجغرافية وتلك المقومات الثقافبة.
والأمر شبيه في التفكك الحاصل في العالم العربي، عندما تغيب المفاهيم والتعريفات المشتركة، وتغيب الملامح الواضحة عن أهداف وأحلام وطموحات العالم العربي، وكل يعمل على أساس برنامجه الخاص أو "من نحن" الخاص به، فتصبح ألـ"نحن" أنا مفردة واحدة، وعليه فإني أدعو إلى تغيير إسم تلك البوابات من "من نحن" إلى "من أنا"، بالرغم من أن الاثنتان سيان.
قد يقول البعض هذا تشاؤم، ولكن التشاؤم الأكبر عندما لا تستطيع الخوض في هوية بلدك السياسية والوطنية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، أو أن تخرج عن سياق ما عرفتك به الدولة وربما في بعض الأحيان المجتمع ذاته، فالبرنامج مفقود والمشروع قائم دون التعرف على الذات الجمعية أو حتى الأنا في مجتمع لا يزال يفقد التعريف عن نفسه، حتى وإن كان في بيته ومجتمعه ووطنه.
فهل يجيبني أحدكم "من نحن؟".
التعليقات (0)