نقطة التحول في المشهد السياسي التونسي بعد الثورة الشعبية ، إعلان القانوني الانتخابي للمجلس التأسيسي الذي سيشرف على إعداد وتنفيذ الدستور الجديد وشكل الدولة وبرامج تأهيل الحياة العامة. أي أن التحول الحقيقي انما هو نتاج حركة شعبية لتغيير مسار التاريخ وإعلان السيادة للشعب بعيدا عن دوغمائية النظريات والأطروحات الإيديولوجية.
وماتم إعلانه منذ يومين من أن المجلس التأسيسي ستكون تركيبته مناصفة بين الرجال والنساء. وهذا إنجاز نفتخر به في تونس الحداثة والتنمية المتوازنة رغم أنف الدكتاتورية والتسلط الظالم..لأن من خيارات المجتمع التونسي الحداثة والذهاب بها بعيدا. فتركيبة المجلس بمختلف الأطياف السياسية والفكرية والحزبية والشعبية يمكن اختزالها في نظرة التونسي الى المنجز التاريخي للشعب عموما في القطع مع الماضي واستئصال الفساد واركانه من الدولة ومن قاعدة النظام العام ولايمكن القبول الا بالتعدد اللوني بعيدا عن الدساترة/التجمعيين اركان الحزب الحاكم السابق الذين ذهبوا ضحية ممارسات حزبهم وطغيانه في نسف الحركات السايسية الشعبية والرسمية. ففي تونس اليوم لا حديث إلا عن استحقاقات المرحلة الجديدة وضرورة انتاج منظومة سياسية دستورية تتناغم وإيقاع الحرية التي يعيشها الشعب وكون ان الثورة الشعبية كانت المناسبة التاريخية لرسم ملامح المشهد السياسي الوطني الديمقراطي استنادا إلى النموذج التونسي وعقلية التونسي ليس إلا.
ان المساواة بين المرأة والرجل في مقاعد المجلس التأسيسي والانبهار الشعبي بتحقيق اهم مطالب الثورة ليس بجديد عن الممارسة السياسية التونسية التي بقدر ماكانت فاعلة وتعطي الريادة للمشروع الحداثي للبلاد ...رغم ما تروج له بعض الأطراف هنا وهناك من أن التجربة التونسية الجديدة قد تفشل في بناء النموذج السياسي المقترح للدولة ولعموم الشعب التونسي لأن ما نشاهده من تحركات لمكونات المجتمع المدني وللأطياف الحزبية والسياسية لتأطير مفهوم المشاركة والاجتهاد لبلورة أسلوب الحكم وتداعيته في المرحلة المقبلة يؤكد أن الحراك السايسي الوطني سائر في الطريق الصحيح نحو التأسيس لميلاد الجمهورية الثانية بالمعنى العام والخاص للكلمة ولتكريس مبادىء التداول والانتقال السلمي للسلطة والفصل بين السلط الثلاثة: التشريعية والقضائية والتنفيذية وتحقيق الوجود الفعلي للسلطة الرابعة أي سلطة الإعلام.
ولا غرابة اليوم في هذا التمشي الديمقراطي، ما تم إقراره أي القانون الأنتخابي بفصوله الستة عشر وبإقرار عدم مشاركة رموز النظام السابق في أي نشاط سياسي وبدعم الإرادة الشعبية لاختيار النظام السياسي للحكم يوم 24 جويلية2011 والانتقال الى الجمهورية الثانية بعيون شباب الثورة.
ان الملاحظ للمشهد السياسي التونسي يقر بمشروعية الرؤى السياسية والمدنية الريادية لترسيخ ثقافة الحوار والمشاركة في المواطنة وتنظيم المساهمات في الحياة السياسية للبلااد في كنف الديمقراطية والبرامج الإصلاحية في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي عامة . كما اضيف بأن القاتون الانتخابي للمجلس التأسيسي أقر بمبدأ أن تونس دولة حرة مستقلة الإسلام دينها والعربية لغتها وذلك حفاظا على الوحدة الوطنيةوهذا ليس محل جدال من أحد.
فإقرار مبدأ التناصف بين المرأة والرجل في تركيبة المجلس التأسيسي مبدأ يسمح بتكريس الممارسة الديمقراطية باعتبار ان المشاركة تهم الجميع. لأن المرأة التونسية تتمع بكل الحقوق والواجبات السياسية ويمكنها المشاركة في الحياة السياسية دون اقصاء او تهميش ولأنها أساسا مواطنة. كما تطرح الرؤى الجديدة للمسهد السياسي أفاقا واعدة لخلق جديد من السياسيين لتكريس التعددية الحزبية والمناخ الديمقراطي الذي تريده الثورة الشعبية: مناخ خال من كوليسترول التطرف والتعصب ، فقط لأجل تونس..لأجل الجمهورية الثانية.
التعليقات (0)