كان الإنشاد الديني في ليالي المناسبات الدينية في ريف مصر ومساجد القاهرة القديمة نوع من الفن الفريد ليس له مثيل الآن ...وربما بقيت بعض آثاره في ليالي الصوفيين وبعض الاحتفالات في صعيد مصر لأن الناس هناك ما زالوا على السجية لم يتأثروا بفوضى التلفاز وأغاني غرام اللئام وتبرج المغنيات حتى صار المشاهد يسمع بعينيه وليس بأذنيه ويرى بكل جوارحه ما لا يصح أن يرى....المهم أن فن القصيدة الدينية يجد جمهورا كبيرا كلما اتجهنا صوب الريف وفي تجمعات الطرق الصوفية...تكون القصائد بالطبع أكثرها في حب الرسول عليه الصلاة والسلام وفي مدحه ووصفه...كانت قصيدة البردة تاج قصائد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم تعتبر فاتحة الليالي الدينية ثم يعقبها ذكر الله ببعض أسمائه الحسنى ...ومع استمرار الإنشاد تجد أن روح الحاضرين بدأت تحلق في سماء الإيمان وتخفق القلوب مع المعاني السامية المطهرة...وقت قصير ثم يتوقف الإنشاد.... وتأتي أرغفة اللحم عند صاحب الليلة إذا كان لحم العجل سيد الطعام هو ضيف الوليمة..... وسواء كان العجل نذرا أو لإحياء ليلة في حب الله فإنه لحم لن تجد لطعمه مثيلا ويؤكل هنيئا مريئا.... والرغبة في إطعام الفقراء والأغنياء وكل من حضر هذه الفرحة هدف أهل التقوى دائما.....وإذا كانت الليلة عند الفقراء الذين لم يحرموا من تقديم الموجود فرغيف النابت هو الضيف الكريم ...والنابت هو الفول المسلوق بعد إنباته يوما أو يومين حتى يبدأ في الانشقاق وظهور الزراع ...ولن يستطيع أحد أن يتخيل طعم هذا الرغيف حيث يكون أشهى من أي طعام ربما لأنه مقدم بطيب نفس فكيف لا يزوده الله بنكهة من الجنه؟ ....ثم نسمع من أحد القراء آيات من القرءان الكريم نختتم بها ليلة من أروع الليالي...في يوم من أيام الجمعة ذهبت مع بعض المصلين إلى غداء عند شيخ الشيوخ وعندما وصلنا إلى بيته المتواضع وقرأنا ما تيسر من سورة التوبة وكان الحاضرون يزيدون عن ثلاثين رجلا وشابا قال الشيخ ...أخونا (فلان) قد حصل على الدكتوراه وقد ذبح عجلا فمن أراد أن يشرفنا في الغد إن شاء الله فالليلة سوف تكون عند الدكتور ومعها لحم العجل...... أما اليوم إن شاء الله نأكل (الكوتشي)....يقصد (الكوارع) ....أكلنا وشربنا مرق الكوارع الذي لم أجد طعما شهيا مثله حتى الآن ...ثم انصرفنا بعد الغداء وقد قضينا وقتا سعيدا حتى أذان العصر ...يعترض كثير من الناس على هذا النوع من الفنون ويقولون أنها ليست نوعا من العبادات وإن احتوت على الذكر لأنها لم تكن وجدت على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ...ويقول المؤيدون أن مدح الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن ليحدث على هذه الصورة وهو بين أصحابه وهذا أيضا صحيح.... ويزيدون أن الهدف في هذه الليالي ليس هو الذكر فقط وإنما الإطعام هدف أساسي أيضا .....وقضاء ليلة في جو إيماني بعيد عن اللهو أفضل من قضائها في (غير ذلك)..... ويبدو أنهم على حق فنحن الآن نضيع الليالي في ...(غير ذلك)
التعليقات (0)