مواضيع اليوم

من كيسينجر الى نصر الله

عبدو شامي

2010-11-21 13:34:37

0

من كيسينجر إلى نصر الله

في آخر إطلالة إعلامية للأمين العام لـ"حزب ولاية الفقيه" حسن نصر الله، اعتمد على رسالة قال ان وزير خارجية اميركا السابق هنري كيسينجر بعث بها عام 1976 الى عميد "الكتلة الوطنية" الراحل ريمون إده. بالطبع لم تكن هذه رسالة كيسينجر، وإنما رسالة وهمية من نسج خيال الصحافي سليم نصار، الذي ما لبث ان اوضح قصة كتابته رسالة كيسينجر من خلال مقال مطوّل نشر بتاريخ 20/11/2010 في جريدة النهار.
في الواقع، ان رسالة كيسينجر الوهمية تلفت انتباه القارئ المتابع بل وتنال اقتناعه لصحة أغلب ما ورد فيها. ولا عجب في ذلك، فقد صيغت الرسالة بأسلوب محترف جدا مستقى من السياسة الصهيو-اميركية المتبعة في المنطقة، لكن العجب العجاب ان يكون مضمون الرسالة التي وصفها نصرالله بأنها "تكتَب بماء الذهب"، ودعا شباب 14 اذار المسيحيين الى قراءتها والتمعن فيها، انما ينطبق على السياسة التي ينتهجها حزبه في لبنان! وهو ما دفعني الى كتابة رسالة وهمية ثانية موجهة هذه المرة من كيسينجر الى نصر الله، ردا على ما اورده في خطابه الأخير، حيث يقول كيسينجر:
"بالإشارة الى خطابك المؤرخ في 11/11/2010، يؤسفني اعلامك يا سيد حسن انني لم اكن اتوقع منك الوقوع في هذه السقطة المعيبة التي هزّت صدقيتك امام جمهورك بنسبتك هذه الرسالة إليّ، ولا سيّما انك تملك اكبر مركز ابحاث في لبنان، فضلا عن ترسانة اعلامية من صحف واذاعة وتلفزيون وانترنت، لا يخلو ارشيفها من معلومات كفيلة بكشف زيف الرسالة التي استشهدتَ بها.
ألم يخالجك أي شك عندما تسلّمْتَ النص من احد مساعديك وقرأت ما قرأت فيه، ان هناك مبالغات تستدعي التأمُّل والمراجعة؟! أظن ان القراءة المتأنية كافية لاكتشاف المزالق القانونية التي تضمنَتها الرسالة، باعتبار انه من الصعب عليّ كتابة نص يدينني ويعرضني للمحاكمة في المستقبل.
لن اطيل عليك باللوم والعتاب، بل سأنتقل الى مضمون الرسالة الوهمية لكي اثبت لك ان ما حذّرتَ منه مردود عليك!
لقد حذّرتَ- استنادا الى ما نُسِبَ إلي- من انني "أفكّر في خلق دويلات شبيهة بإسرائيل بعدما فشلت في اقناع الدول العربية في الصلح الانفتاحي وقبول هذه الدولة الجديدة كجزء من المنطقة". لكن مهلا يا سيد، أليس ما تقوم به انت وحزبك في لبنان يندرج في هذه السياسة بشكل او بآخر. نراك تسعى للسيطرة على لبنان وتحويله الى دويلة طائفية خاضعة لولاية الفقيه في ايران، وذلك من خلال المخططات المباشرة وغير المباشرة لتغيير وجه لبنان عبر تغيير تركيبته المرتكزة على التعايش، ونسف معطياته الديموغرافية والاجتماعية بواسطة التسلل المنظم نحو مناطق محددة وشراء اراض فيها ذات مواقع استراتيجية خدمة لمشروعك السياسي "الالهي" وسعيا وراء انتاج اشكال جديدة من الحضور المناطقي، وإقامة التجمعات السكنية ومخازن السلاح والصواريخ، بهدف إلغاء التنوّع وربما تفتيت لبنان وتقسيمه، وإقامة دويلة ولاية الفقيه على الساحل الشرقي للمتوسط بقرار ايراني.
لقد اثار دهشتي أثناء قراءتك الرسالة التي "تستحق ان تكتب بماء الذهب" على حد وصفك، تحذيرك من قولي الموهوم "إن الأحداث الدامية التي افتعلناها في لبنان، أمّنت لنا ارضية مثالية لتقسيم النفوس الموحّدة وتدمير صيغة التعايش في ذلك الوقت بين المسيحيين والمسلمين، وإحداث خلل أساسي في النظام الديمقراطي في المنطقة". وهنا، استمهلك مرة ثانية ايها السيد لكي اسألك عن الحوادث الارهابية الدامية التي افتعلها حزبك في 7 و11 ايار 2008 ووصفتها بـ"المجيدة" وذهب ضحيتها اكثر من ثمانين قتيلا في مختلف الاراضي اللبنانية... ألم تشكّل ارضية مثالية لتقسيم النفوس الموحّدة، وايقاظ العصبيات النائمة، وتدمير صيغة العيش المشترك في لبنان؟! وماذا عن اختراقك المجتمع المسيحي وتمزيقه بالسياسة الايرانية من خلال الجنرال ميشال عون، الذي اعتمد استراتيجية حزبك وحلفائه في دمشق وطهران، وهي استراتيجية لا تفيد المسيحيين في شيء، ولا نرى هدفا لها سوى جر لبنان الى حرب أهلية جديدة تنتهي بسيطرة الطرف الاقوى عسكريا، او فرض نظام شمولي لا يشبه لبنان التعددية والتنوع والمناصفة والعيش المشترك، الذي ينشده المسيحيون والمسلمون الذين رفعوا شعار: "لبنان اولا".
قلتَ يا سيد: "ان اول من يتحمل مسؤولية اقامة دولة ضعيفة ذيلية في لبنان هو السياسات الاميركية"، وذلك تعليقا على قولي في الرسالة الوهمية للعميد اده "ان لبنان اصبح عبئاً على الغرب لكثرة ما أعطت حريته من افكار كانت تُستعمل ضدنا وليس ضد دول المنطقة، لهذا قررتُ إلغاء هذه الحرية في لبنان وجعل نظامه نظاما ذيليا، وأنتَ تعلم (يا عميد) ان طمس النظام اللبناني لعامين هو امر ضروري للتوصل الى التسويات في هذه المنطقة". وانا اقول لك يا سيد ان ما يضعف لبنان اليوم هو مشروع "حزب ولاية الفقيه" الذي بات عبئاً على الجمهورية، فهو يتذرع بالخطر الاسرائيلي للاستمرار بالتسلح بمختلف أنواع الاسلحة التي ثبت بما لا يقبل الشك في أيار2008 انها معدّة للاستعمال في الداخل اللبناني لفرض وانتزاع مكاسب سياسية وطائفية داخلية وخارجية. أليس ما يضعف الدولة في لبنان اليوم ويحولها الى دولة ذيلية هو تمنعك عن وضع سلاحك في إمرتها وتعاظم قوة حزبك الذي بات يملك من القدرات والمقومات ما يفوق قدرات الدولة اللبنانية برمتها، ما يمكنه من توسيع وتركيز دويلته على أنقاض الدولة اللبنانية المسحوقة، و بالتالي بسط سلطته او تسلطه على الدولة بشكل كامل، وجعلها ذيلا لإيران وتابعة لسياستها وخاضعة لتدخلاتها؟
لنكن صريحين يا سيد، ألم يُفرَض اتفاق الدوحة بعد طمسكم انتم النظام اللبناني مدة عامين من خلال شل الحكومة وقفل المجلس النيابي وتعطيل الاستحقاق الرئاسي، بغية التوصل الى تسويتكم المنشودة؟!
واذا كنتُ انا "انظر من زاوية المصالح الاميركية والمصالح الاسرائيلية(...) واخلاصي هو لاسرائيل ولا يعادله الا اخلاصي لزوجتي وبلادي الثالثة اميركا" كما نُسِبَ إليّ في خاتمة الرسالة الوهمية، ألستَ انت يا سيد من قالها بوضوح: "اني افتخر ان اكون عنصراً في حزب ولاية الفيقه"، مؤكدا لمن يهمه الامر ان حزبك ليس تنظيما مستقلا بل هو فصيل ضمن قوى تقودها طهران وينفذ قرارات تصدر من إيران، أي من دولة الولي الفقيه؟
ختاما، ادعوك يا سيد الى التمعن في مضمون هذه الرسالة، فلعلك ماض وحزبك في تنفيذ محتوى الرسالة الافتراضية الوهمية التي حذّرت منها في خطابك الاخير من حيث تدري او لا تدري. واسمح لي ان اعاود تذكيرك تفاديا لوقوعك في خطأ جديد، بان ما كتب اعلاه رسالة افتراضية وهمية من نسج خيال كاتب هذا المقال، ولا تمت اليّ انا هنري كيسينجر من قريب او بعيد بصلة".
عبدو شامي




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !