السيناريو الثاني يلي الأول في درجة التفاؤل، وهو أن يرفض النظام إجراء أي تعديلات دستورية، أو أي حلول وسطية تسمح للبرادعي بالترشح لرئاسة الجمهورية، لكنه في الوقت نفسه يسمح له ولأنصاره بالعمل في الساحة المصرية، والسماح بتأسيس حزب سياسي، سواء أقرته "لجنة الحجر على الأحزاب" الحالية، أو بقي معلقاً على ذمة قضايا تؤجل باستمرار، على ذات النهج التي تتبعه حكومتنا الرشيدة وتفضله على كل ما عداه، وهو اللجوء لعدم الحسم في أي قضية، كنوع من التكتيك الذي يبقي جميع الكرات معلقة في الهواء، تتلقف منها أي كرة تشاء في أي وقت تشاء!!
في هذه الحالة لا مفر من التغلب على الإحباط الناتج عن انسداد السبل في وجه الأهداف قصيرة المدى، وهي إدخال منافس حقيقي وحداثي في الانتخابات الرئاسية القادمة، والتركيز على تأسيس قاعدة جماهيرية قوية تناصر التحديث، وإجراء حوار مجتمعي حقيقي، يحسم خلافاتنا العميقة في كافة المجالات، ويحاول أن يزيح من الساحة القضايا الغريبة أو المؤسفة، والتي تسيطر على عقول المتثاقفين الآن، لنهتم بالقضايا الجدية، التي تؤثر على مصير الوطن والمواطن. . لنحاول الشفاء من فيروسات التمحور حول جسد المرأة، وحول ما يعرف بالقضية الفلسطينية، التي مزقها أصحابها شر ممزق، وتمزقنا نحن بسببها لعدة عقود، ونحاول الشفاء من سيكولوجية العداء للعالم الحر والتوجس من مخططاته ومؤامراته المزعومة. . لنركز اهتمامنا على تنمية قدراتنا التنموية، والتعظيم من ثرواتنا، وعلى رأسها الثروة البشرية، التي هي بالحقيقة أغلب إن لم تكن كل ما نملك. . على حزب البرادعي، وليكن هو حزب "مصر الجديدة"، أن يسعى لنشر ثقافة الليبرالية على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية، والتي لابد وأن يترتب عليها تشكل ثقافة سياسية ليبرالية حقيقية، كما لابد وأن يسعى هذا الحزب للأخذ بيد الشباب الواعد أصحاب المستقبل، ليتصدروا هم الصورة والعمل، ليحلوا تدريجياً محل الرموز القديمة المتسيدة على الساحة، والتي أخشى أن أقع في شرك السبِّ العلني، لو صرحت بأنه لا أمل يرجى من معظمها!!
هذا العمل الميداني المرتجى، والذي ينبغي أن يجري في حدود الشرعية الدستورية والقانونية، وأن ينأى بنفسه عن أي تجاوزات أو عمل سري، يعطي مبرراً للسلطات لإجهاضه، بل يستغل هامش الحرية المتاح إلى أقصى حد ممكن. . مثل هذا العمل والجهد البناء والخلاق، كفيل بتحويل الصورة تماماً، لنجد الرئاسة الجديدة –أياً كان اسم الرئيس- تتحرك راضية أو مرغمة نحو التغيير والتحديث. . فالقاعدة الذهبية تقول أن "الحكام مرآة شعوبهم"، ومن المؤكد أن الساحة المصرية لو تحركت نحو الحداثة والليبرالية، فلابد أن ينعكس ذلك على النظام الحاكم، وإلا أسقط نفسه بنفسه. . هكذا يمكن أن يُغْلَق الطريق على د. البرادعي لأن يكون رئيساً للجمهورية، لكن سيكون الطريق مفتوحاً له ولنا، لنقوم بثورة تغيير خضراء كلون وادي النيل، فلو تغيرت الأرض والناس، فلابد أن تتغير مصر بكل ما فيها!!
التعليقات (0)