من كتاب (تحفة الأخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام – تأليف سماحة الشيخ عبدالعزيز عبدالله بن باز – أشرف على تجميعه وطبعه محمد بن شايع بن عبدالعزيز الشايع .)
أخترت لكم بعض الاسئله والأجوبه عليها .. أرجو أن يستفيد منها إنسان ....
اولا : مقدمة
الحمدالله الذي خلق الثقلين لعبادته وأرسل الرسل بذلك عليهم والصلاة والسلام , وبين في كتابه العزيز وسنة رسوله الأمين تفاصيل هذه العبادة التي خلقوا لها وأوجب على العباد أداء مافرض عليهم منها وترك ماحرم عليهم عن إخلاص له سبحانه ورغبة ورهبة ووعدهم على ذلك الأجر العظيم والنعيم المقيم في دار الكرامة . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله وخليله صلى الله وسلم عليه وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
أما بعد "
فهذه أجوبة مهمة عن أسئلة تتعلق بالعقيدة والصلاة والزكاة والصوم والحج رأيت جمعها في كتاب واحد ليسهل على كل مسلم مراجعتها والاستفاده منها . وسميت هذا الكتاب (( تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام )) وأسأل الله أن ينفع بها المسلمين وأن يضاعف الأجر لكل من سعى في نشرها وإيصالها إلى من يستفيد منها إنه سبحانه جواد كريم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
ثانيا : (( العقيـــدة ))
السؤال الاول: انتشرت في بعض المجتمعات الإسلامية مخالفات متعددة منها مايقع عند بعض القبور ومنها مايتصل بالحلف والأيمان والنذور , وقد تختلف أحكام هذه المخالفات بين مايكون منها من قبيل الشرك المُخرج من الملَّة وما يكون دون ذلك , فحبذا لو تفضَّل سماحتكم ببسط القول وبينا أحكام تلك المسائل عليهم , ونصيحة أخرى لعامَّة المسلمين ترهيباً لهم من التَّساهل بأمر تلك المخالفات والتَّهاون بشأنها؟
الجواب : الحمد لله , وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ..
أما بعد: فإن كثيراً من الناس تلتبس عليهم الأمور المشروعة بالأمور الشركية والمبتدعه حول القبور , كما أن كثيرا منهم يقع في الشرك الأكبر بسبب الجهل والتقليد الأعمى .
فالواجب على اهل العلم في كل مكان أن يوضحوا للناس دينهم وأن يبينوا لهم حقيقة التوحيد , وحقيقة الشرك. كما يجب على اهل العلم أن يوضحوا للناس وسائل الشرك وأنواع البدع الواقعه بينهم حتى يحذروها , لقول الله- عز وجل-: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتُبيِّنُنَّه للنَّاس ولا تكتمونه) الايه رقم 187 سورة ال عمران ..
وقال – سبحانه- : ( إن الذين يكتمون ماأنزلنا من البينات والهدى من بعد مابيَّنَّاه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون . إلا الذين نابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوبُ عليهم وأنا التَّواب الرحيم) الايه رقم 159 سورة البقره .
وقال النبي , صلى الله عليه وسلم : [ مَن دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله ]. رواه مسلم في صحيحه .
وقال – ايضا- عليه الصلاة والسلام :[ من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه , لاينقص ذلك من أجورهم شيئاً , ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لاينقص ذلك من آثامهم شيئاً]. رواه مسلم أيضاً.
وفي الصحيحين عن معاويه – رضي الله عنه- عن النبي , صلى الله عليه وسلم , أنه قال { من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين }.
والايات والأحاديث في الدعوة إلى نشر العلم وترغيب الناس في ذلك والتَّحذير من الإعراض وكتمان العلم كثيره
أما مايقع عند القبور من أنواع الشرك والبدع في بلدان كثيرة فهو أمر معلوم وجدير بالعناية والبيان والتحذير منه , فمن ذلك دعاء أصحاب القبور والاستغاثة بهم , وطلب شفاء المرضى , والنصر على الاعداء , ونحو ذلك , هذا كلّه من الشرك الأكبر الذي كان عليه أهل الجاهليه , قال الله- سبحانه-:( ياأيّها النَّاس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون). الايه21 سورة البقره. وقال- سبحانه-) وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الايه 56 سورة الذاريات. وقال – سبحانه-: ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) الاية رقم 23 سورة الاسراء . والمعنى أَمَرَ وأَوصى . وقال – سبحانه-: ( وما أُمِروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) الاسة 5 سورة البينه .
والآيات في هذا المعنى كثيرة . والعبادة التي خلق الثّقلان لأجلها وأمروا بها هي توحيده سبحانه وتخصيصه بجميع الطاعات التي أمر بها من صلاة , وصوم , وزكاة , وحج , وذبح , ونذر وغير ذلك من أنواع العبادة .
كما قال – سبحانه-: (قُل إنَّ صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لاشريك له وبذلك أُمرتُ وأنا أوَّل المسلمين ) الايه 162 سورة الانعام . كما قال – سبحانه-:( إنا أعطيناك الكوثر فصلِّ لربِّك وانحر) الايتان 1-2 سورة الكوثر.
وقال النبي , صلى الله عليه وسلم :[ لعن الله من ذبح لغير الله]. أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -.
وقال الله – سبحانه-) وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً) الايه رقم 18 سورة الجن . وقال – عز وجل- ) ومن يدع مع الله إلها آخر لابرهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لايُفلح الكافرون ) الايه رقم 117 المؤمنون.
وقال – عز وجل – في سورة فاطر : ( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه مايملكون من قطمير . إن تدعوهم لايسمعون دعاءكم ولو سمعوا مااستجابوا لكم ويوم القيامه يكفرون بشرككم ولا ينبئكم مثل خبير ).
فأوضح – سبحانه- في هذه الآيات : أن الصلاة لغيره , والذبح لغيره, ودعاء الاموات والأصنام , والاشجار , والاحجار كل ذلك من الشرك بالله والكفر به .وأن جميع المدعوين من دونه من أنبياء أو ملائكه أو أولياء , أو جن أو أصنام أو غيرهم لايملكون لداعيهم نفعاً ولا ضراً . وأن دعوتهم من دونه – سبحانه- شرك وكفر , كما أوضح – سبحانه – أنهم لايسمعون دعاء داعيهم , ولو سمعوا لم يستجيبوا له .
فالواجب على جميع المكلفين من الجن والإنس الحذر من ذلك , والتحذير منه , وبيان بطلانه , وأنه يخالف ماجاءت به الرسل , عليهم الصلاة والسلام , من الدعوه الى توحيد الله , وإخلاص العبادة له , كما قال – سبحانه- ( ولقد بعثنا في كل أمَّة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) الايه 36 سورة النحل . وقال – سبحانه- ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لاإله إلا أنا فاعبدون ) الايه رقم 25 سورة الانبياء .
وقد مكث , صلى الله عليه وسلم , في مكة المكرمة ثلاث عشرة سنة يدعو فيها إلى الله –سبحانه- ويحذر الناس من الشرك , ويوضح لهم معنى لاإله إلا الله , فاستجاب له الأقلون , واستكبر عن طاعته واتباعه الأكثرون , ثم هاجر إلى المدينه , عليه الصلاة والسلام , فنشر العدوة الى الله – سبحانه- هناك بين المهاجرين والأنصار , وجاهد في سبيل الله , وكتب إلى الملوك والرؤساء وأوضح لهم دعوته , وما جاء به من الهدى , وصبر وصابر في ذلك هو وأصحابه – رضي الله عنهم – حتى ظهر دين الله , ودخل الناس في دين الله افواجاً, وانتشر التوحيد وزال الشرك من مكة والمدينة , ومن سائر الجزيره على يده , صلى الله عليه وسلم , وعلى يد أصحابه من بعده , ثم قام أصحابه بالدعوه إلى الله – سبحانه- والجهاد في سبيله في المشارق والمغارب حتى نصرهم الله على اعدائه ومكن لهم في الأرض وظهر دين الله على سائر الاديان , كما وعد بذلك – سبحانه- في كتابه العظيم حيث قال – عز وجل - :( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظعره على الدين كله ولو كره المشركون )الاية 33 من سورة التوبه ,
ومن البدع ووسائل الشرك مايُفعل عند القبور من الصلاة عندها , والقراءة عندها , وبناء المساجد والقباب عليها , وهذا كله بدعة ومنكر , ومن وسائل الشرك الأكبر , ولهذا صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , أنه قال [ لعن الله اليهود والنّصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد] متفق على صحته من حديث عائشه – رضي الله عنها – . وفي صحيح مسلم عن جندب بن عبدالله – رضي الله عنه- عن النبي , صلى الله عليه وسلم , أنه قال [ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد , ألا فلا تتخذوا القبور مساجد , فإنّي أنهاكم عن ذلك]. فأوضح , صلى الله عليه وسلم , في هذين الحديثين وماجاء في معناهما : أن اليهود والنّصارى كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد , والصلاة عندهما . فحذَّر أمَّته من التشبُّه بهم بأتخاذها مساجد , والصلاة عندها , والعكوف عندها , والقراءة عندها , لأنَّ هذا كلّه من وسائل الشرك . ومن ذلك البناء عليها , واتخاذ القباب والسّتور عليها . فكل ذلك من وسائل الشرك والغلوّ في أهلها . كما قد وقع ذلك من اليهود والنّصارى ومن جهَّال هذه الأمّة , حتى عبدوا أصحاب القبور , وذبحوا لهم , واستغاثوا بهم , ونذروا لهم , وطلبوا منهم شفاء المرضى , والنَّصر على الأعداء .
كما يعلم ذلك من عرف مايفعل عند قبر الحسين , والبدوي , والشيخ عبد القادر الجيلاني , وابن عربي وغيرهم من أنواع الشرك الأكبر . والله المستعان , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وقد صحَّ عن رسول الله , صلى الله عليه وسلم , أنه نهى عن تجصيص القبور , والقعود عليها , والكتابة عليها , وما ذلك إلاّ لأنَّ تجصيصها والبناء عليها من وسائل الشرك الأكبر لأهلها .
فالواجب على جميع المسلمين حكومات وشعوبا الحذر من هذا الشرك ومن هذه البدع , وسؤال أهل العلم المعروفين بالعقيدة الصحيحة , والسير على منهج سلف الأمة عمَّا أشكل عليهم من أمور دينهم حتى يعبدوا الله على بصيرة . عملاً بقول الله – عز وجل - ) فاسألوا أهل الذِّكر إن كنتم لاتعلمون) الاية 7 سورة الانبياء.
وقول النبي , صلى الله عليه وسلم :[ من سلم طريقا يلتمس فيه علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنَّة ] . وقوله, صلى الله عليه وسلم :[ من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين] . ومعلوم أن العباد لم يُخلقوا عبثاً وإنما خلقوا لحكمة عظيمه وغاية شريفة , وهي عبادة الله دون كل ماسواه , كما قال – عز وجل – ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الاية 56 سورة الذاريات .
ولا سبيل إلى معرفة هذه العبادة إلا بتدبر الكتاب العظيم والسنة المطهره . ومعرفة ماأمر الله به ورسوله من أنواع العبادة وسؤال أهل العلم عمَّا أشكل في ذلك .
وبذلك تعرف عبادة الله – سبحانه وتعلى – التي خلق العباد من أجلها , وتؤدّي على الوجه الذي شرعه الله , وهذا هو السبيل الوحيد إلى مرضاة الله – سبحانه- والفوز بكرامته , والنجاة من غضبه وعقابه . وفق الله المسلمين لكل مافيه رضاه , ومنحهم الفقه في دينه وولَّى عليهم خيارهم وأصلح قادتهم , ووفق علماء المسلمين لأداء مايجب عليهم من الدعوة والتعليم , والنُّصح والتوجه إنه جواد كريم .
ومن أنواع الشرك الحلف بغير الله , كالحلف بالأنبياء , وبرأس فلان , وحياة فلان , والحلف بالأمانه والشرف , وقد صحَّ عن رسول الله , صلى الله عليه وسلم , أنه قال :[ من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ] . متَّفق على صحته .
وقوله, صلى الله عليه وسلم :[ من حلف بشئ دون الله فقد أشرك]. رواه الإمام أحمد عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- بأسناد صحيح ..
وقوله , صلى الله عليه وسلم :[ من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ] . أخرجه أبو داود والترمذي بأسناد صحيح من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- وقال , عليه الصلاة والسلام :[ من حلف بالأمانه فليس منا] . وقال ايضا , عليه الصلاة والسلام :[ لاتحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم , ولا بالأنداد ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون ].
والأحاديث في هذا المعنى كثيره , والحلف بغير الله من الشرك الأصغر , وقد يُفضي إلى الشرك الأكبر إذا اعتقد تعظيمه مثل تعظيم الله , أو أنه ينفع ويضر دون الله , أو أنه يصلح لأن يُدعى أو يُستغاث به . ومن هذا الباب قول : مشاء الله وشاء فلان . ولولا الله وفلان . وهذا من الله وفلان . وهذا كله من الشرك الأصغر لقول النبي , صلى الله عليه وسلم , [ لاتقولوا ماشاء الله وشاء فلان , ولكن قولوا ماشاء الله ثم شاء فلان ] .
وبهذا يُعلم أنه لاحرج بأن يقول : لولا الله ثم فلان , أو هذا من الله ثم فلان ... إذا كان له تسبّب في ذلك .
وثبت عنه, صلى الله عليه وسلم , أن رجلاً قال له : ماشاء الله وشئت , فقال له , صلى الله عليه وسلم :[ أجعلتني لله ندّاً , قل ماشاء الله وحده ]. فدلَّ هذا الحديث على أنه إذا قال : ماشاء الله وحده , فهذا هو الأكمل , وإن قال : ماشاء الله ثم شاء فلان فلا حرج جمعاً بين الأحاديث والأدله كلها . والله ولي التوفيق ...
السؤال الثاني : يصلي لعض الناس صلاة الفريضة وليس على عاتقيه شئ يسترهما وخصوصاً أيام الحج أثناء الإحرام . فما حكم ذلك ؟
السؤال الثالث: يتأخر البعض في صلاة الفجر حتى الإسفار معللين ذلك بأنه ورد فيه حديث وهو [ أسفروا بالفجرفإنه أعظم للأجر ] هل هذا الحديث صحيح ؟ وما الجمع بينه وبين حديث[ الصلاةُ على وقتِها] ؟
واسئلة اخرى تتعلق بالصلاة في الموضوع القادم إن شاء الله .
ابو بندر //سعود عايد الرويلي .
التعليقات (0)