من علمنا كيف نصلي ..؟
بقلم: محمد بن سالم بن عمر ، كاتب و ناقد تونسي
عضو اتحاد الكتاب التونسيين، و مؤسس حزب الشعب التونسي
بدءا يجب أن نلاحظ أن من يطرح مثل هذه الأسئلة يبرهن عن غباء لا مثيل له وهي سمة من يصفهم رب العزة بأنهم قوم لا يعقلون...
كما تؤكد مثل هذه الأسئلة الغبية عن أن هؤلاء هم بآيات الله يجحدون و بكل ما جاء في القرآن يكذبون ...؟
إذ يؤكد القرآن في العشرات من الآيات البينات على أزلية شريعة الله و سننه في الكون و الانسان و الحياة و أن الله عز وجل قد :
(شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب ( 13 ) وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب ( 14 ) ).
...
سورة الأحزاب آية رقم 62
{سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا}
..
... قوله تعالى : يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم
... قوله تعالى : { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما )..
.. قال تعالى- : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾...
قال تعالى(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ )البقرة 14.
إلخ ...
كما يؤكد أن المؤمنين الصادقين : يؤمنون بالكتاب
قوله تعالى : أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور ...
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ
[آل عمران:7]
و واصفا كتابه العزيز :
... قال الله تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ)
.. قوله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شئ)
... قال تعالى ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ علَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76 النمل )
.. ويقول سبحانه في الآية (12) من سورة الإسراء ، ( وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا )
قوله تعالى ( كِتَابٌ فُصِّلَتْ ءَايَاتُهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3 فصلت ) ، أو في قوله تعالى ( وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52 الأعراف ) .
لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)
إن الإيمان بالكتاب المنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقتضي التسليم مبدئيا بأنه ليس في حاجة لأي بشر و لأي كائن من كان ليوضح تعاليمه للناس ... لأنه واضح بذاته بل و مبينا لغيره لأنه " كتاب مبين " يقول الله تبارك وتعالى في وصف القرآن بأنه كتاب مبين في عدة آيات منها:(ألم، تلك آيات الكتاب المبين)(يوسف آية - 1)(قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)(المائدة آية - 15)(ولقد أنزلنا إليكم آيات بينات)(النور آية - 34)(وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)(النحل آية - 44).
و قد تنزل منجما و مفرقا قصد الاستجابة لتعاليمه دون أي تأخير، فعندما تتنزل آية فجرا على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم تأمره بالصلاة فأنه يستجيب لأمر ربه حالا و دون أي تأخير...أما كيف يصلي فقد أعطاه الله تفصيل ذلك بالركوع و السجود و ذكر الله ذكرا كثيرا و تسبيحه بكرة و أصيلا و في كل لحظة من عمره وهو ديدن كل الصالحين و المرسلين منذ أقدم العصور :
" يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون "
آية 77 سورة الحج
الآية: 112 ( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين )..
أما العدد الأدنى للصلاة في كامل اليوم فهو خمس صلوات لأنه قد تنزلت على النبي الكريم خمس أوامر بالصلاة في كامل اليوم...؟
وقد دل كتاب الله عز وجل على أوقات الصلوات الخمس، فقال تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء:78]. فقوله: "لدلوك الشمس" أي زوالها. وقوله: "إلى غسق الليل" أي ظلامه. فهذا نص على إقامة الصلاة من الزوال إلى ظلام الليل، وهذا يشمل الظهر والعصر والمغرب والعشاء. ثم قال: "وقرآن الفجر" يعني صلاة الفجر. فهذه خمسة أوقات للصلوات التي أمر الله عز وجل بها.
أما هو و صحابته فكانوا يزيدون عن هذه الصلوات المأمورون بالقيام بها .. لذلك قد علم الله :
(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
و هكذا كانت كل العبادات مفصلة في حدها الأدنى لجميع المؤمنين ، و للمؤمن الاختيار ما يناسب ظروفه الزمانية و المكانية و حالاته النفسية و الأمنية ... فهو قد يقصر من الصلاة و يقلل من الركعات و قد يصلي قائما أو قاعدا أو " فرجالا أو ركبانا ..."أو على جنبه أو مكبلا في السجن..
و قد يصوم شهرا في حده الأدنى في حالات السلم و الامن ... و قد لا يصوم بسبب السفر أو المرض او الكبر ...
و هكذا هي أوامر الله و نواهيه " وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ .
و لكن مشركو العصر الحديث أغلبهم لا يعقلون بل و ليس لهم ادنى
استعداد ليؤمنوا أن شريعة الله كاملة منذ الأزل ، و لم تكن في يوم محتاجة لرسول او نبي ليكملها ، فعليكم من ربكم غضب و نقمة ان اصررتم على انتقاص شريعة الله و ابحتم للدراويش ليفتنوا الناس عن اتباع الحق المفصل في القرآن المجيد .
التعليقات (0)